ردود فعل الطبقة السياسية والمعارضة على عدم المساس بعدد المأموريات
على الرغم من أن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز كان قد ذكر في مناسبات عديدة وصرح أمام وسائل الإعلام بأنه لا ينوي المساس بالمواد المتعلقة بعدد المأموريات،
ولا يريد الترشح لمأمورية ثالثة، فقد ظل هاجس (شائعة) المأمورية الثالثة الشغل الشاغل للطبقة السياسية الموريتانية الهشة، والعنوان الأبرز في خطاب كشكول المعارضة الذي اتخذ منه بعض فصائله ذريعة لمقاطعة حوار وطني شامل وصفته بشتى الأوصاف وأكدت علنا - دون أدنى احترام لأطرافه ولا للحقيقة- أنه مسرحية هزلية وهزيلة هدفها تكريس سيطرة الرئيس على السلطة عن طريق تمرير مأمورية ثالثة.
وإذا كان الرأي العام الوطني المستنير الذي لم يخامره شك في صدق الرئيس ووفائه بوعده وعهده خدمة لرقي واستقرار بلده، قد رحب بنجاح الحوار وهلل للخطاب التاريخي المتوج لهذه المرحلة العظيمة من حياة موريتانيا؛ فإن فئات سياسية واجتماعية واسعة من معارضة وموالاة ظلت تروج وتستثمر بعبع المأمورية الثالثة بغية الحيلولة دون التئام حوار وطني وانعقاد إجماع سياسي موريتاني، لما يمثله ذلك من خطر على حظوظ نجاح مشاريعها الانقلابية الهدامة الرامية إلى إرجاع موريتانيا إلى مربع الفساد والهدر.
لقد بقيت تلك الفئات متشبثة بكل قول أو فعل من شأنه تأزيم الوضع وإشعال نار الفتنة وإفشال الحوار وتخريب الوحدة والإجماع الوطنيين. إنهم لا يصدقون أن رئيسا عربيا إفريقيا شابا يستطيع أن يتنازل طواعية عن السلطة بمحض إرادته. وإذا حدث ذلك، وتجسد على صعيد الواقع، فسيكون كارثة عليهم لأنه يفلس آلة إعلامهم المضلل القائم على شيطنة الرئيس الدكتاتور لدى بعضهم، وعلى تأليه الرئيس الصنم الباقي بلا زوال، يعبده ويأكله البعض الآخر كما فعل بإخوة له من قبل.
وتلك كانت أهم الأسباب التي دفعت خصوم النظام إلى التهرب الدائم من الحوار، وسد الطريق في وجهه بمختلف الممهدات والشروط، وعرقلته، والتسويف به، وإرجائه إلى أجل غير مسمى، ورفضه صراحة، حتى لا يجيء يوم ينعقد فيه حوار؛ وإذا جاء، فيجب العمل على تخريبه وإفشاله حتى لا تنكشف خدعة شعار المأمورية الثالثة. وعندما فشل جميع تلك المحاولات ووقع ما وقع؛ فلا مجال في عرفنا السياسي وعمل أهل المدينة لنقد النفس وتصحيح الأخطاء، ما دام يوجد مجال أوسع للجحود والتفنيد والتقليل من شأن القرارات والأحداث التاريخية، ثم الادعاء الفاضح - وقد أصبحت حقيقة لا مراء فيها- بأنها إنما كانت ثمرة يانعة من ثمار نضال المعارضة العظيم..
وهذه بعض ردود الفعل الصادرة من قادة ومفكري بعض هذه الجماعات أحزابا ومنظمات وقادة رأي ودكاترة و"مثقفون من عيار ثقيل" ومن بيرام أيضا:
* مخرجات الحوار المنظم بين السلطة وبعض أحزاب المعارضة وما صاحبها من تصريحات تضليلية كانت في مجملها هزيلة وصادرة عن مهزلة مفضوحة، حزبنا غير معني بها. (وكأنهم في عالم آخر)
* مكره رئيسهم لا بطل (أو نسوا أنه البطل الذي حررهم مرتين من نير القهر والهدر، والمعتصم الذي يحول دون سبيهم ونهبهم؟)
* أسقطنا المأمورية الثالثة، لكن نريد إسقاط النظام بكامله.
* على المعارضة أن تواجه النظام مواجهة مفتوحة، وتدعو الجيش إلى تحمل مسئولياته.
* ليس حوارا وليس وطنيا.
* إذا كانت المعارضة تسعى من وراء احتجاجاتها إلى تأزيم الأوضاع وإلى تعقيدها بهدف تهيئة الظروف المناسبة لقيام انقلاب عسكري أو ثورة شعبية.. فإن هذا الهدف ممكن التحقيق؛ خاصة وبعد أن ثبت فشل النظام في تغيير الأوضاع نحو الأفضل.
* أدعو الموريتانيين للتسامح والمشاركة بكثرة في مسيرة 29/ 10 لرفض سياسة الانقلابات القانونية وتزوير الدساتير وتزوير الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي سترشح وتنجح ولد عبد العزيز أو أحد عملائه فيحكم بواسطته.
وحده حزب التحالف الشعبي التقدمي الذي قاطع آخر الحوار هنأ الشعب الموريتاني "على تجنيبه ورطة كان سيقع فيها، ومنزلقا خطيرا أراد البعض أن يقود البلاد إليه" كما نوه "بموقف رئيس الجمهورية وإعلانه الواضح الصريح" ورأى "أنها المرة الأولى التي واجه فيها الأمور بالإرادة القوية والنية الصادقة في المساهمة للتخطيط لمستقبل موريتانيا الديمقراطية المزدهرة" وأعلن استعداده لمواصلة العمل مع الجهة المكلفة بمتابعة نتائج الحوار وتطبيقها كاملة على النحو المطلوب.
والسفارة الأمريكية - من بين سفارات الغرب- أصدرت بيان تنويه جاء فيه:
"إن الولايات المتحدة تهنئ الرئيس محمد ولد عبد العزيز على التصريح القوي الذي أدلى به في خطابه إلى الشعب الموريتاني في الـ20 من أكتوبر الجاري حول عدم المسا س بعدد المأموريات الرئاسية. لقد أكد الرئيس محمد ولد عبد العزيز على أهمية الدستور "ترسيخه للديمقراطية من أجل المصلحة العامة" بدلا من التركيز على المصالح الشخصية لفرد معين أو لمجموعة صغيرة من الأفراد. ونحن نشاطر السيد محمد ولد عبد العزيز الرأي بشأن هذه القضية.
لقد شيدت الحكومة الموريتانية تحت قيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز العديد من الطرق والموانئ بالإضافة إلى إجراء الكثير من التحسينات الأخرى مثل المطار الدولي وبناء جامعة جديدة. وهذه الإنجازات سيكون لها التأثير الإيجابي لفترة طويلة على الأمة الموريتانية. والأهم من ذلك لتطور موريتانيا هو تقوية المؤسسات الديمقراطية التي سوف تعزز التقدم في البلاد للأجيال القادمة. وبتوجيهات من الرئيس محمد ولد عبد العزيز ستحقق موريتانيا أول انتقال للسلطة من رئيس منتخب إلى رئيس منتخب آخر، في عام 2019، وهذا الإنجاز يعتبر تاريخيا".
(سبحان الله.. الولايات المتحدة أرحم وأبصر بالوطن من بعض قادته!)
ومن خلال ما تم عرضه تحت هذا العنوان يتضح لنا أخيرا أن جوهر الصراع السياسي في موريتانيا بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز وخصومه ليس توطيد الديمقراطية، ولا عدد المأموريات التي هي - في الواقع- كانت مجرد ذريعة؛ بل هو الخط السياسي الذي ينتهجه الرئيس، والصورة التي يحملها في قلبه وفكره لموريتانيا. إنهم يكرهونه ويعملون على الإطاحة به بكل السبل، لأنه هو وصحبه من قادوا انتفاضة الشعب والجيش في الثالث من أغسطس 05 التي دمرت محميات ومصالح كثيرين ممن يحِنّون إلى العودة إلى السلطة، وفتحت آفاقا واعدة لهذا الشعب المسكين الذي كان مغدورا ومهدورا. وأدهى من ذلك وأمر كون الرجل وصحبه عندما سرقت حركتهم، وحشروا في زاوية ضيقة، ثم عزلوا من قياداتهم سَحَرا في عهد "الرئيس المؤتمن المنتخب ديمقراطيا".. كروا رغم أنف "الديمقراطية" الوهمية ضحى السادس أغسطس 08 واسترجعوا سلطة الشعب والوطن المسروقة، وفجروا عهدهم الإصلاحي الذي حارب الفساد والإرهاب وبنى الجيش وأعاد اللحمة الوطنية وأمن البلاد والعباد وشيد البنى التحتية وطرد إسرائيل ووفر الماء والكهرباء والتعليم والدواء والغذاء والسكن للكثيرين على حساب جيوب "جيوب" المفسدين الذين يتسترون بقناع الثورة والبحث عن مصلحة الشعب.. الخ.