البدء:
لا نحاول هنا اعطاء تعريف جامع للأحزاب السياسية فقد كفانا الأقدمون والمفكرون حيث أجمعوا علي صعوبته بيد أنهم قسموها الي : ايديولوجية تعبر عن طبقة معينة وبرجوازية يلتقي أصحابها علي توجهات والتزامات معينة .
أعتقد أن صعوبة التعريف متأتية من كون الحزب ظاهرة اجتماعية وسياسية وتلك نعلم من دروس الفلسفة انها عصية علي الدرس لأن الدارس في الأغلب هو المدروس ما يصعَب الموضوعية المطلوبة في العمل العلمي.
موريتانيا : من خلال ما ذكرنا من صعوبة تعريف الأحزاب أجد أننا في موريتانيا ننتمي فعلا الي هذا الطرح إلا أن التعريف عندنا قد يكون أصعب للمسائل التالية :
-الحزب عندنا ملك فرد بعينه فنقول حزب فلان ,ليست هناك شراكة حقيقة وإنما المبادر الي الحصول علي وصل الداخلية هو المسؤول الشرعي لا ينازع ولا ينافس,يناور ويتخذ القرار من دون مشورة ,يعارض وينتمي الي الأغلبية بحسب هواه .
-الأحزاب والحوار:
انه من واجب الأحزاب عمل المستطاع لتثقيف الناس والأخذ بهم الي الحوار بدل استغلال الشحن العاطفي وضعف الوعي كي لا يدخل المجتمع في دوامةٍ مهلكةٍ تقتل ارادة التفكير ,تضيّع القصد وتجلب الحيرة الي النفوس .
فمن خلال الحوار الذي ينبغي أن يكون ديدن كل حزب يتحرر الفرد المنضوي من الانغلاق والانعزالية مما يفتح له طرقا للتواصل تكسبه المزيد من المهارات والوعي السياسي.
كما ان التحاور يعلم التفكير الجماعي والنقد البناء ويبعد عن سوء الفهم والتقوقع و يوصل الي التآلف والتعاون,وهذه كلها من الأهداف التي ينبغي أن يسعى اليها كل حزب .
الدعم للنظام القائم :
مسؤولو الأحزاب لا يخفون أنهم يدعمون النظام لكونه قائما وذاك يترتب عليه الكثير:
-المنافع لمن يريدها-الترقيات للموظفين والاعتبار للوجهاء...
زد عليه نشوة الفوز فكثير من الناس كرها لخسارة الاقتراع يفضل صفً الأغلبية اعتقادا منه مسبقا أنها تكسب الاقتراع .
ان ضعاف النفوس لا يحبون الفشل ما يجعلهم يناصرون النظام الذي يرونه فائزا ان لم يكن في الشوط الأول ففي الثاني.
دخول الرئيس علي خط الحوار:
بعد ان كان الجميع ينتظره يحاول البعض الآن الصد عنه في محاولة لإظهار عدم الاكتراث بأهميته وأنه تحصيل حاصل وينسون أنه كان بالإمكان زيادة عمر الحيرة السياسية المرتبطة بالموقف الفعلي من المأمورية حتي نكون قاب قوسين أو أدني من الاقتراع الرئاسي 2009.
لا شي ء يفرض علي الرئيس التعجيل بالإخبار ومع أن ذلك الفعل أراح بال عديد الأوفياء فلا تزال طائفة تدعو الي التشكيك.
ولأن الحدث من الأهمية بمكان سارعت الجهات الدولية بأخذ العلم به وتقديره بوصفه ظاهرة قليلة الحدوث ,دالة علي النضج الديمقراطي .
ان الرد الطبيعي للأحزاب وللكل من بعد كلام الرئيس الذي لا يحتمل التأويل اذ جاء بلسان مبين هو التناغم والفأل الحسن لا الطيرة .
ولابد أن يكون ذلك من خلال الأفعال والأقوال معا لا المراوغة والتخفي ولغة الإشارة وفنون الرمز فكما يقال:
من تحلي بغير ما هو فيه فضح الامتحان ما يدعيه .
المواقف من الحوار :
مواقف الأحزاب من الحوار معروفة , يصرحون بها من دون مناسبة فهي قارة لا يعتريها تغير الأحوال ولا تؤثر فيها الأحداث ,أوردت ذلك في جملة اسمية لأنها أقرب للتعبير عن الحقيقة .
البعض مقاطع لأي حوار ما لم يمهد له وأهله يرون أنهم المعارضة الحقة التي من واجبها أن لا تفتح أية نافذة علي النظام فتفقد كثيرا من مصداقية الخطاب .
هم بخير كلما ابتعدوا عن النظام وكلما اقتربوا منه خسروا ,انها المقاربة الكونية المتبعة من كل المعارضات تماما كالرياضيات كلما ابتعدت عن الواقع كانت أصدق ...
ومن بين خطوات تالية -لا سمح الله :دخول الخارج علي الخط كناصح غير أمين و هنالك تختلط الأمور وقل أن يكتب وصول بر الأمان.
و يري المقاطعون أنهم ان شاركوا في الحوار نفسوا علي النظام الذي من وجهة نظرهم لعديد الأوجه ليس في وضع يحسد عليه .
اذا صح هذا –ولا أملك أن أقرر بشأنه-فالأولي أن يشارك الجميع للاستفادة من هكذا وضع لا أن ننتظر حتي يتعافي الجميع وعندئذ نقاطع خشية أن نهزم .
وتخشي المعارضة اذا ما شاركت في الحوار أن يجرّئ ذلك النظام علي العبث بمواد أخري فيحذف منها ويضيف .
وقد غاب عن الجميع أن الكلمة الفصل بيد الشعب الذي لا يولونه أي اعتبار باعتباره قسمة بينهم إلا أنه قد يحدث مالا يخطر ببال كأن يتخذ الشعب يوما ما زمام المبادرة فيتحاور فيما بينه ويولي ظهره للأحزاب ,يومها سيعلم الجمع أن تطورا قد حصل .
نصيحتي للأحزاب :بعد الخطاب الصريح للرئيس أن عليهم أن يبادروا بلعب الدور الريادي المنوط بهم والمتمثل في لم الشمل وإنجاح الحوار الذي من خلاله تطرح الأفكار ويتم التنازل وتعم السكينة .
انه اذا لم يحصل ذلك فواضح أن الشعب سيسحب توكيله للأحزاب وسيقوم بنفسه من خلال جمعيات بلدية ورابطات طلابية ونقابية وأندية بعمل اللازم كي يخرج البلد من كل المآزق التي في الأصل تنتج من خلاف الساسة الذي لا يراعي الهم العام .
مع رجاء الخير للجميع ..