عشرون عاماً فوق درب الهوى
وما يزال الدربُ مجهولا
فمرةً كنتُ أنا قاتلاً
وأكثرَ المرات مقتولا
عشرون عاماً .. يا كتاب الهوى
ولم نزلْ في الصفحة الأولى!
نزار قبانى
عشرون عاماً من الوعي والجِد.. عشرناها في هذه الطرف القصي من بلاد العرب بكل تفاصيلها على شاشة ذهبية عكستْ كلَّ تجلياتِنا وربطتنا بإخوة باعدتنا عنهم ظروفٌ وأحلامٌ مكسورة وكثيرٌ من الخيبات!
إنها جزيرةُ الرأي والرأي الآخر في بحرنا العربي المالح.. إنها أبجديةٌ في عصرنا العربي الجاهلي.. وردة في أرضنا اليباب.
أتذكر البدايات.. حيث كنا نتحلَّق ونتداعى إلى "حصاد اليوم" تداعي الأكلة إلى قصعتهم.. فنرى وجوهَنا وأحلامَنا ورُؤانا حيةً تُرزق بعد أن نعوها لنا على أكثر من منبر رسمي!
أتذكر جيداً ذلك الاهتمام الجديد بمنطقتنا الطرفية ومغربنا المهمش عُمُراً كاملاً.. وبواكيرَ البرامج الاستقصائية عن بلدنا المنسي. وشيئاً فشيئاً صارت الجزيرةُ أحد أركان البيت.. كالمكتبة وشجرة العائلة.. لقد نمتْ أجيالٌ ثقافياً وسياسياً بروح الجزيرة وكشفتْ وجهَ الحقيقة المزعج أحيانا.
ذلك الوعيُ كان سبباً في انتفاضة الشعوب البائسة وإعطائها أملاً بعد طول يأس.. فكما قيل قديماً الشعوب لا تثور لبؤسها بل لوعيها بهذا البؤس.
لقد وضعت الجزيرة نهاية للتفكير الأحادي.. والزعيم الأوحد.. والمطلق عموماً وبشرتْ بالنسبية العلمية والسياسية..
فولّى عهدُ سدَنَة الفكر أصحابِ الحظوة. وأظلَّ زمنُ الإنسان..
واستمراراً لمسيرة النجاح جاءت الجزيرة الإنكليزية التي أصحبت لاعباً عربياً على خارطة الإعلام الدولي الذي لا يعرف عن العالم العربي غير الإرهاب والجِمال (بكسر الجيم لا فتحِها طبعاً) والملابس الفضفاضة والعِمامة.. فاليوم متى يضع العمامة يعرفوه..
وأخيراً بقناتها الرقمية (AJ+ ) التي دشّنتْ عصراً رقمياً عربياً وإنسانياً بامتياز!
كلُّ هذه الإنجازات جلبت للجزيرة أعداء لكنها جلبتْ أصدقاء أكثر وأهم من كل ذلك أنها رسمت خرائطَ جديدةً للإعلام الدولي وساهمت في إيقاظ الفكر العربي المخدَّر منذ قرون.
وكانت سياستُها مع كل أولئك ( لتكنْ إجابتك ذكيةً ..حتّى لو عومِلتَ بغباء).