مَوَاقِفُ مُورِيتَانِيَّةٌ مَعَ الرَّاحِل الدكتور يَحْيَى الجَمَلْ / أحمد عبد الله المصطفى

توفي يوم أمس الإثنين ٢١ أكتوبر، في القاهرة نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق، الأستاذ الدكتور يحيى الجمل، والراحل فَقِيه دستور مصري، ومحام دولي، وأستاذ للقانون بجامعة القاهرة، شغل منصب نائب رئيس الوزراء في مصر سنة ٢٠١١ بعد ثورة ٢٥ يناير، قبل أن يستقيل من هذا المنصب سنة 

٢٠١٢، وشغل أيضا مناصب أكاديمية وسياسية وحزبية عديدة..
دَرَّسَ الأستاذ الدكتور يحيى الجمل عددا من الطلاب الموريتانيين الذين أصبحوا الآن من كبار أُطر الدولة الموريتانية: قضاة، وأساتذة جامعيين، ووزراء، وسفراء، وحصلت له مع بعضهم مواقف طريفة، تنتج دائما عن غرور المشرقي، وخاصة المصري، ولكنها في حالة الدكتور يحيى الجمل هذبتها الأخلاق المعرفية..
أنقلُ من هذه المواقف عن الأستاذ يعقوب ولد السيف ما حصل مع السيدين: الأستاذ القاضي يَحَفْظُ ولد محمد يوسف رئيس المحكمة العليا حاليا، ومعالي الوزير والسفير الأستاذ حمِّيدَه ولد أحمد طالب:
<<..في الواقع كانت للفاضل معالي الرئيس يحفظ مع الدكتور يحي الجمل واقعة مشهودة كانت مناسبة ليعبر لنا فيها رحمه الله عن اعجابه بالموريتانيين، فبعد محاضرة قدمها معالي الرئيس يحفظ في مادة النظم السياسية أراد استاذنا رحمه الله - لاعجابه بالعرض - أن يداعب معالي الرئيس فخاطبه من أين يأتي الموريتانيون بهذه الأسماء صعبة النطق غامضة الدلالة، فجاء رد الرئيس وبسرعة البرق وكامل الأدب: استاذنا لو جاءت من غيركم لما علقنا عليها لكن استاذنا اسمي واسمكم سؤال لله "يحيى ويَحَفْظُ" والحفظ اشمل وابلغ دلالة، وصيغة الطلب أوضح في التسمية "يحفظ" الواضحِ تقدير فاعلها المحذوف تسهيلا  للتداول، وهي بذلك تتفوق على "يحيى"، فزاد اعجابه بذلك الرد ما كان قَرَّ في نفسه بمناسبة العرض، فكان ذلك الرد مناسبة ليتحدث استاذنا الكبير عن الموريتانيين وعبقريتهم..
الموقف الثاني كان مع صاحب السعادة الوزير حميدة ولد أحمد طالب، وكان ذلك حين حضر أحد الطلبة بعد بداية الحصة بمدة وعلى مافى ذلك من ازعاج، فإن كيس البلاستيك المقوى، الذي كان يحمل فيه اغراضه أصدر الكثير من الضجيج، فزاد ذلك ضجر استاذنا وهو الذي يكفي مجرد التأخر في الحضور قبله للفصل للإساءة إلى مكانته وعلمه، فعلق بنبرة تهكمية: "أنت امنين من دولة كذا...أو كذا... أم من موريتانيا"، وبمجرد انتهاء الحصة تحلقنا به وهو لما ينزل بعد من المنصة، لكن صاحب السعادة كان أكثرنا اعتراضا لدرجة أنه وهو يخاطب الأستاذ الدكتور الوزير أمسك يده وخاطبه: "سيادة الدكتور لماذا تذكر موريتانيا والموريتانيين في مناسبة كالتي ذكرتنا فيها إن كانت العروبة باللون فأنا أبيض منك وإن كان النسب فأنا شريف وانتم الله أعلم بمن تكونون ..."، سيحدثني صاحب السعادة بعد ذلك أنه لم يندم على كل الذي تم مقدار ندمه على الإمساك بيد استاذنا خاصة أن استاذنا وقد أحس بدرجة تأثرنا بما تم بدأ يحدثنا عن موريتانيا بما كان يغيب حتي عن بعضنا - وأنا منهم - من ذلك مثلا أنها الدولة رقم واحد عربيا في عدد المخطوطات ومنها أيضا دور بعض لغويينا في حفظ اللغة ...واعتبر أن مجرد رد فعلنا وبخاصة صاحب السعادة دال على النخوة، وعدم قبول الضيم، وهي صفات عربية أصيلة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه خيرا عنا، وعوض الأمة ومصر خيرا منه>>..

23. نوفمبر 2016 - 9:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا