تصاعد الجدل واحتدم النقاش، بين المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي إثر المداخلة التي أدلت بها السيدة خديجة بنت اكليب، في اللقاء الذي خص به رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز أطر ولاية آدرار، حيث تحدثت السيدة الآدرارية بحرقة شديدة عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي المزري الذي تعيشه
ولايتها، في جو طغى عليه التزلف والتملق من قبل الأطر، وغاب فيه الحديث عن مشاكل السكان أمام فخامة الرئيس الذي جاء لهذا الغرض خصيصا.
وقد ردت السيدة الغاضبة على من يريد إسكاتها بـ(من لبعر) وهي الكلمة التي انقسم الناس في تقييمها إلا فريقين: أحدهما مُستحسِن مُستعذب للعبارة بوصفها جاءت بطرقة عفوية طريفة من امرأة أنطقها الحق الذي أخرس الرجال، وآخر مستقبح لها، ممتعض من سماعها، باعتبارها لفظا فاحشا لا يناسب المقام ولا يحتم الذوق العام...
لهذا أردت أن أدافع وأنافح عن عرض هذه السيدة المحترمة وذلك بتأصيل عبارتها من الناحية الشرعية والمنطقية معا:
1 أن اللهجة الحسانية لغة أدبية ثرية بالمفردات العميقة، ذات الدلالات والمعاني المتباينة، فبعضها يختلف مدلوله من منطقة إلى أخرى، فيكون متناه في الفحش والوقاحة عند سكان جهة معيَّنة، بينما يعتبره سكان منطقة أخرى لفظا عاديا جدا، ليس فيه أي خدش للحياء والذوق العام، والعكس بالعكس...
ولعل العبارة التي تلفظت بها السيدة الآدرارية تدخل ضمن هذه المفردات المثيرة للجدل، وهذا مما يرفع الحرج والعتاب عن بنت اكليب.
2 ليس كل كلمة فاحشة مستقبحة في كل وقت، بل إن الكلام الفاحش أحيانا يكون جميلا حين يُرد به على من يستحقه، على قاعدة: لكل حادث حديث، ولكل مقام مقال، ففي السيرة النبوية أن عروة بن مسعود أوفدته قريش ليفاوض النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية فكان مما قال: (يا محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أوشاباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر الصديق: أمصُص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟) وهي كلمة مستقبحة إلا في مثل هذا الوقت، فقد شبه أبو بكر صنم اللات الذي يعبده كفار قريش بالمرأة وطلب من عابدها أن يمُص بظرها؛ وهو محل مَبالِها! وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم ينكر عليه.
3 في الحديث الشريف قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعْضُوهُ بِهِنَّ أَبِيهِ وَلاَ تُكَنُّوا) والهَن: ذَكَر الرجل، وقد طلب منا النبي صلى الله عليه وسلم أن ننطقها بطريقة فاحشة ولا نكنِي، بأن نقول مثلا (أعضض على زبِّ أبيك) وذلك تقريعا وتوبيخا لمَن يرفع شعارات الجاهلية ذات النزعة العنصرية والقبلية والطبقية...