عيد الاستقلال الوطني معان وقيم / شيخنا محمدي الفقيه

تخلد بلادنا هذه الأيام الذكرى السادسة والخمسون لعيد الاستقلال الوطني المجيد (28 نوفمبر 2016) والتي حصلت على الاعتراف الدولي بعد حملة دبلوماسية  قوية على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة انتهت بعد حوالي عام من إعلان الاستقلال بالاعتراف بالجمهورية الإسلامية الموريتانية كدولة مستقلة من طرف المجتمع الدولي (27 أكتوبر 1961).

ويعني عيد الاستقلال أو اليوم الوطني بصفة عامة يوما لتخليد ذكرى إنشاء الدولة الحديثة بإرادة شعبها على إقليمها الوطني في ظل سلطات وطنية منبثقة من الإرادة الشعبية الحرة بعيدا عن نير الاستعمار ونهبه للثروات الوطنية وتمكنه من رقاب الناس وأموالهم.
وليس هناك لبس أو مواربة في أن استقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية لم يأت من فراغ كما انه لم يكن هبة أو منحة ترتجى بل كان حصيلة عقود من النضال والكفاح والمقاومة الوطنية والشعبية سواء تلك العسكرية أو الثقافية أو السياسية التي خاضها الشعب الموريتاني بكامل قواه بحيث جاء الاستقلال تتويجا لمسيرة من التضحيات وبداية لنشأة الدولة الموريتانية الحديثة التي نعيش في ظلالها الوارفة منذ ذلك التاريخ.
فلكل أمة وشعب ذاكرته الخاصة بوطنه وبأمته، وتاريخ بلادنا مليء بالدروس والعبر والأمجاد والقيم النبيلة التي على الأجيال أن تنقلها جيلا إلى جيل لكي تسهم في عملية البناء الوطني وتحقيق المزيد من الرفاهية والإزدهار للشعب والدولة الموريتانية، ولا يكابر أحد أن نشأة دولة حديثة على أرض الوطن الحبيب ليس أمرا سهلا بل هو عملية شاقة وطويلة تحتاج تكاتف الجهود للنهوض بالبلد وشعبه وأرضه إلى آفاق التقدم والنماء.
ومهما قلنا عن الدور الخارجي في بناء الأوطان فإن الشق الأكبر والمهمة الجلى تقع على عاتق أبناء الشعب الموريتاني الأبرار الذين هم وحدهم المسؤولون عن حالة بلدهم وبنائه على الأسس الحديثة والعصرية لكي يأخذ الوطن مكانه بين الأمم والشعوب على نحو مناسب وبشكل يستجيب لتطلعاتنا جميعا وآمالنا وواجباتنا اتجاه البلد.
لقد تعزز الاستقلال الوطني الاقتصادي في 30 مايو 1973 وهو التاريخ الذي تم فيه إنشاء العملة الوطنية الأوقية وذلك قرار أنهي فترة التبعية النقدية وقد صاحب ذلك القرار قرارات مهمة أخرى على رأسها بسط السيادة على مناجم الحديد في شمال البلاد وإنشاء الشركة الوطنية للصناعة والمناجم التي حلت محل الشركة ''ميفرما''. 
ثم تتالت القرارات الأخرى الوطنية لترسيخ الاستقلال الوطني في مجالات التنمية الاجتماعية والسياسية في فترات لاحقة حيث تمت العودة إلى الانفتاح السياسي عبر موافقة الشعب على دستور موريتاني لسنة 1991 يفتح المجال أمام التعددية السياسية والمؤسسات المنتخبة والديموقراطية التي أصبحت طريقا رسميا اعتمدته الدولة الموريتانية ولا زالت تمضي فيه حثيثا نحو ترسيخها وتعزيزها.
وقد سعت الدولة فيما بعد إلى استكشاف أهم ما يزخر به باطن الأراضي الموريتانية من خيرات لتسخيرها لخدمة الشعب الموريتاني فاتسعت حركة التنقيب عن النفط والغاز والمعادن الأخرى من ذهب وفوسفات وغيرهما، وهي خطوات تعزز الاستقلال الوطني وتسعى بشكل مستمر إلى استغلال الإقليم الوطني بشكل أمثل والكشف عما يحتويه من ثروات ومناجم قابلة للاستغلال والتصدير لتقوية الاقتصاد الوطني وتنويع موارده وزيادة القدرات التنافسية للصادرات الموريتانية إلى العالم الخارجي.
وما الاكتشافات الأخيرة للبترول والغاز الطبيعي في أعالي البحار في البلاد إلا خطوة أخرى في سبيل ذلك مثلها بالضبط كما يقع في الوقت الراهن من الاستثمار في الطاقة النظيفة أو المتجددة من طاقة شمسية وطاقة رياح وغيرها لاستكمال الاكتفاء الموريتاني في هذا المجال وتصدير ما فاض عن ذلك إلى الدول والبلدان الأخرى في عصر يتم فيه التركيز على هذه الأنواع الجديدة من الموارد.
ويمكن القول إن مناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال الوطني زاخرة بالمعاني والقيم الوطنية الكبرى التي نستلهمها ونستذكرها في هذه الأيام تحت سقف الجمهورية الإسلامية الموريتانية وفي ظل شجرة الوطن الظليلة التي تسع الجميع وعلى الجميع أن ينهل من معين خيراتها و يجتهد في العمل من أجل بذل الغالي والنفيس لكي تكون بلادنا في المكانة اللائقة بها في طليعة البلدان المنفتحة والناهضة اقتصاديا وماليا والتي يمكن أن تعتمد على نفسها في توفير ما يحتاجه الشعب الموريتاني وتتفاعل بشكل إيجابي مع البلدان والدول والعالم من حولها.
هنيئا لموريتانيا ولكافة الموريتانيين بعيد الاستقلال الوطني وكل عام والوطن بخير وفي تقدم بجهود كافة أبنائه وقواه الحية.

 

[email protected]

4. ديسمبر 2016 - 11:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا