موريتانيا.. من قاع الفساد إلى قمة الشفافية / إسماعيل ولد الرباني

قبل نصف قرن ونيف كانت بلاد السيبة على موعد مع الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، غير أن السيبة انتقلت من شكلها القديم المتمثل في المجتمعات البدوية التي يمارس كل منها سيادته على رقعة أرضية محدودة يقيم فيها دويلته التي لا تعرف الوصاية ولا الخضوع للسلطة المركزية، إلى سيبة جديدة ساحتها ميزانية الدولة والقروض والهبات، التي ظلت دُولة بين الأغنياء والمتنفذين والمسؤولين... وكل من هب ودب.


كان الفساد المالي والرشوة وسوء التسيير الطابع المميز للكيان الموريتاني الوليد، حتى وهو يجتاز سن الأربعين، قبل أن يقيض الله سلطة ثارت على المألوف في الـ 06 أغسطس 2008، وأعادت ترتيب الأولويات، ليتسارع لصوص المال العام إلى التواري خوفا من بطش الإرادية القوية للرئيس محمد ولد عبد العزيز في القضاء على الفساد إلى غير رجعة، ضمن برنامجه الانتخابي الذي التف حوله المواطنون، خاصة منهم ضحايا الغبن والظلم والتهميش على مدى العقود الماضية.

فقل وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم، لم تكن موريتانيا دولة فقيرة بحكم ثرواتها الهائلة وموقعها الاستراتيجي، لكن شعبها ظل فقيرا بسبب استشراء الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي المفسدين.

كانت موريتانيا دولة متسولة، متسكعة على موائد الدول الغنية والصناديق المانحة، والمشاريع المُمولة.. ومع ذلك تذهب ميزانيتها وقروضها وهباتها هباء منثورا، فتتفرق في جيوب مسؤولين ومتواطئين بعيدا عن مصالح المواطن المسكين، والأجيال القادمة التي ستدفع ثمن شراهة من لا يعرفون لسرقة المال العام حدودا، ولمعاناة الفقراء معنى.

غير أن الإجراءات الصارمة في مجال مكافحة الفساد، التي أشرف رئيس الجمهورية عليها شخصيا وانتدب لمتابعة تفاصيلها مسؤولين أكفاءا، وسن لها القوانين اللازمة، آتت أكلها، فارتفع رصيد البنك المركزي من العملة الصعبة، وتم إطلاق مشاريع كبرى ممولة من خزينة الدولة بعيدا عن تسول القروض والهبات، كما تم اكتتاب آلاف العاطلين عن العمل في مختلف المجالات.

وكما قال وزير الاقتصاد والمالية المختار أجاي، بمناسبة اليوم الوطني لمكافحة الفساد والرشوة، فإن الحرب التى أعلنها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ضد الفساد "أثمرت مشاريع تنموية لصالح الفقراء داخل البلد، رغم المعارضة القوية لها من بعض الدوائر المستفيدة من ريع الفساد واحتضان المفسدين".

لقد تقدمت موريتانيا، بوتيرة صاروخية، على كافة المؤشرات الإقليمية والدولية التي ترصد ممارسات الفساد في الوطن العربي وإفريقيا وعبر العالم، بفعل السياسة الناجحة والناجعة التي تم انتهاجها في محاربة هذه الظاهرة الهدامة، لتنتقل من قاع الفساد إلى قمة الشفافية، وذلك بشهادات داخلية وخارجية يشهد الجميع على استقلاليتها ومهنيتها العالية

10. ديسمبر 2016 - 16:49

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا