من سيكتب التاريخ ؟ و لمن ؟؟؟؟ / محمد الأمين سيد أحمد محمد الأمين

لا تزال "فرنسا" تتمادى في إذلالنا حين أصبحت حصنا دفاعيا منيعا لكل الأشرار وقبلة لكل الملحدين. حين أصبحت أول تحية في المؤسسة العسكرية ( كارد دبو) حين أكتفينا بإنشاء روابط واتحاديات ونوادي تحت شعار (المقاومة) أشبه بصالونات النساء المستقبلة لكل زبون بابتسامة على مقاسه بهدف الاسترزاق والحشو .

مقاومة يتنابز مؤسسيها  بالألقاب لنكأ جراح الماضي والنيل من جهة وتلميع أخرى وتحويلها من قضية وطنية بإمتياز لها قدسيتها مفخرة كل الموريتانيين إلى قضية عائلية ومجد قبيلة دون أخرى وتحريف مقاطعه وإلحاق نمور من ورق بصفحاته ووسيلة توسل لأي نظام يحكم هذا البلد.
ومن الطبيعي أن تكون هناك جهات خارجية تمول وتدعم ظهور هذه المغالطات التاريخية بهدف زعزعة الأمن والسلم الإجتماعى بتبادل الشتائم والإيحاءات علي هذه الفضائيات التي هي الأخرى حالة احتباس "عقلي"  لكن أن تكون في كنف ورعاية النظام نفسه كل يغني علي ليلاه السبية وكل يصنع تاريخا لقبيلته ولأمجاده تكون هذه بالضبط هي  العنصرية في أبهى وأنقى صورها.           
إن أحسن خدمة تتوقعها فرنسا الغازية والصهيونية الفرنسية الاستعمارية من بلدان العالم الثالث لتكون قد وجدت مبتغاها بالضبط  كما تم التخطيط له مسبقا من طرف الخلايا النشطة واليقظة في الأليزى هي هذه الصراعات والتجاذبات  لإلهاء الأحرارعن قضيتنا الوجدانية التي ولدنا لأجلها وسنموت في سبيلها حين نيسنا جرائمها الإنسانية والأخلاقية والاقتصادية والثقافية والحربية منذ اغتصابها لأرضنا جورا ونسائنا وصلب شيوخنا تحت للفح الشمس وتعذيبهم من أجل الاعتراف " بعدالة ظلمها"
( تجكجة ) حيث لاتزال حتى اليوم تلك الجرائم ملصقات على جدران الذاكرة هي هذه الصراعات والتهكمات والتعصب وقصر النظر وضيق النفس في كل الأمور وتحويل مفخرة أجيالنا وصناعة أجدادنا إلى معرة يتندر بها البعض وأضحوكة العصر .
وننسى أن مسطري تاريخنا هم من قتلت وشردت فرنسا وأنه كان علينا أن لا نطعن في مقاومة أهل ( الكبلة) ولا الشرق ولا الشمال وأن أبطال المقاومة بدء ب بكار ولد أسويدأحمد الي باقي المجاهدين هم رموز أمة وشخصيات وطنية حاملة للهوية الموريتانية وليست لقبيلة دون غيرها.
نحن ندافع عن أرضنا المنهوبة.. ندافع عن كرامتنا المداسة..عن شعبنا المستباح ندافع عن وجودنا بغضب . لا نعتذر عن إزعاج أي نظام فرنسي لا نبرر زلات سقطاته..لا نبالي بما يخلف من آلام موجعة في نفوس من لم يحسوا يوما بآلام شعب يطحنه الفقر والمرض والتخلف والتشرد بسبب تحكم فرنسا في مصيرنا وفي رقابنا ورسم خطة  لاستمرار التجاذبات بين مكونات الشعب بدقة ووفر لها مظلة حماية وارفة الظلال ليصبح إرهابها حرية تعبير وتمييعها لتاريخنا صفات و معجزات تاريخية وفتح المجال امام كل المنتقمين من بلدنا وهويتنا ـ
وكان على المحتجين على التفاوت الطبقي في المجتمع أن يتوجهوا إلى السفارة الفرنسية التي
كانت تحكم موريتانيا وفصلته على المقاس وأسست الدولة الموريتانية لنفهمهم لا أن يوجهوا اتهاماتهم إلى مجتمع البيضان الذي كان آباؤه يحملون على رؤوسهم " كوية” من أطار إلى النعمة بسبب رفضهم للمشروع الاستعماري المسئول عن كل ما يحدث في موريتانيا اليوم من تخلف وانحطاط وتخبط .
إن ضعف الأنظمة الموريتانية وارتباطها المخجل بالسفارة الفرنسية التي تملك نصف مساحة العاصمة أنواكشوط  وجهل النخب وتواطؤها هو ما يغطي على هذه الحقائق التي أصبح من الواجب أن نثيرها بكل تفاصيلها ليفهم الجميع أنه ليس من مصلحتهم أن نتكلم عن هذا التاريخ الذي ينتقون منه ما يستفزون به هذه الأنظمة للحصول على وظائف أو مكاسب على حساب من دافعوا بدمائهم وأموالهم عن موريتانيا وكرامة الإنسان على أرضها إن البيضان الذين صنعهم المستعمر وحكمهم في كل شيء (مثل الرماة السنغاليين) ليسوا هم المجتمع البيضاني الذي قاومه بضراوة وأثبت بكفاحه المستميت في أصعب الظروف بأنه مجتمع حضارة وشموخ استحقهما بعناده وتمسكه بقيمه.. ولن تكون موريتانيا بلدنا الذي نحاسب على أخطاء أنظمته ما لم يصبح تدريس سير بكار ولد اسويد أحمد وسيد أحمد ولد أحمد ولد عيده وسيدي ولد مولاي الزين و غيرهم، إجباريا في مناهجنا التربوية. أما من يحتجون على موريتانيا أفرير جانه و"أكزافي كابولاني" فعليهم أن يتوجهوا إلى سفارة فرنسا لا إلى مجتمع البيضان
فمن هي الجهات التي كانت تحتل موريتانيا والتي يطلب منها هؤلاء استرداد حقوقهم ؟
هل هي المستعمر الفرنسي الذي يحرضهم اليوم على البيضان وتقسيم موريتانيا ؟
أم هي الأحكام التي فرضها على موريتانيا بعد انسحابه المسرحي ؟ أم هي أمم خلت، ينتقمون الآن من الجينات الوراثية لمن يدعون الانتماء الحضاري لموروثها ؟
و سنسامح "هذه الحركات " في أخطائها اللغوية و الجغرافية و في حساباتها الرياضية، لكنه يظل من مسؤوليتنا أن نعطيها دروسا في ما تحتاجه لنكون أكثر انسجاما مع التزاماتنا التاريخية  و أكثر وفاء لمأساتها الأزلية.
لقد أنتجت الثورة الزراعية نظاما إقطاعيا لصالح الملاك سادت فيه القبلية والجهوية في كل أنحاء العالم وأنتجت الثورة الصناعية نظاما مافيويا سادت فيه العصابات باسم الديمقراطية وطحنت بلا رحمة كل ضعفاء العالم وتسيد هذين النظامين الدول الغربية نفسها. وعلى من يرفعون شعارات هذه المظالم أن يتوجهوا إلى السفارات الغربية. لكن عليهم أيضا (للإنصاف فقط) أن يتذكروا من دفعوا فاتورة 70 عاما من الاستعمار بشلال من الدماء!؟
أليس للموريتانيين (البيضان) ماض إرث إنساني في السينغال إبان أحداث 1989 ولتذكير موريتانيا هي من استقبلت في وضح النهار طائرات تحمل النساء والأطفال والشيوخ ممن نجوا من القتل لكن تم إستئصال  الثدي لكل منهم والشي في الأفران والنهب  وإغتصاب النساء أمام أزواجهم وذويهم وشي الأباء أمام أعين أطفالهم ولم نسمع علي مر التاريخ أن هناك مسيرة او أحتجاج ولا بأي شكل من أشكال السلمية والرتابة قامت به الجاليات في السينغال من الموريتانيين ضد أي من هذه المأساة ولم يطالب أي منهم بنصب تذكار لشهداء تلك المجازر في أي موقع من السينغال وأيضا لم تحظي بمناصب رسمية فى تشكلة الحكومة السينغالية رغم أنهم ولدوا هناك وتربوا هناك ولا يحملوا أي أوراق غير السينغالية ولماذا لا تكون فرنسا داعمة لتلك الأقلية من الموريتانيين في السينغال وتفرض علي الحكومة السينغالية توظيف أبنائهم ؟
أما ما يتعلق بأحداث انقلاب الضباط الزنوج الذي فشل بعد أن وشى بهم أحد عناصرهم وقاد المخابرات الموريتانية العسكرية أنذالك إلي أماكن في المقبرة حيث تم دفن الذخيرة والأسلحة وكذالك المخطط الذي يحوي احتلال انواكشوط وقتل الرئيس وتصفية البيضان لتكون جريمة أفشلت بعد أن تم الإشراع فيها باعترافاتهم الموثقة ويمكن عرض تلك التفاصيل لاحقا لتكون الصورة واضحة لمن تحتضنه فرنسا وتحرضه علي موريتانيا وابتزاز أنظمتها و حينها، تكونون في موقع جيد (جغرافيا على الأقل) و حينها  قد تفهمون أن التاريخ الذي تحاولون إيقاظه بهذا الإصرار، لن تتحكموا دائما في أن يظل يغمض عينا متى شئتم و يفتح أخرى تحت طلبكم..!
ومهما عملتم على قلب هذه الصورة كما تحاولون الآن، مشروع و من حقكم الكامل لكنه يذكرنا بقول أتاتورك إنه من العار على الشعب التركي العظيم أن يتبع ديانة أتى بها البداة العرب .. يذكرنا برفض الحضارة الفارسية العظيمة إتباع المذاهب السنية و ابتداعها مذهبا شيعيا لتكون النسخة الفارسية مصدر الإسلام العالمي، لكن ماذا نفعل إذا كان العالم الاندونيسي و الفقيه البنغالي و المفتي الباكستاني يرفضون أن يعودوا إلى غير مراجع المنبع؟
فهل نحتكم إلي التاريخ كاملا بتفاصيله أم نتجاوز تلك المآسي والآلام ؟
والحقيقة أن هؤلاء جميعا هم من يرفضون أن تكون موريتانيا دولة؛ لأن لا نصيب ولا مكان ولا كلمة في الدولة لمن يعيشون على آلام الآخرين مثلهم.. لمن يتاجرون بقضايا الوطن مثلهم وأسوأ ما يمس الحركات الزنجية العنصرية " هو أن يقدم النظام حلا للمشاكل التي تعيش عليها نخبهم وتتوظف على أساسها ـ
وما يصدم“المعارضة” اليوم هو أن يقوم النظام” بعمل جيد 
دعونا نبني بلدنا ونحصنه من كل خطر قد يتربص به  ونقاضي الكيان الاستعماري علي
كل هذه الانتهاكات وغيرها التي قام بها المستعمر الفرنسي في حق شعبنا جعلتنا امام خيارين لا ثالث لهما إما أن نكون مع وطننا ومسطري تاريخ أمجادنا أو لا نكون علينا أن نتصالح مع ذواتنا أن نعانق في الأرواح أختلافاتنا أن نغوص في العمق ولا أبرء أحدا لا مدنيين ولا ساسة لا من يستكين لبلادة الصمت ولا من يدعي فينا القداسة
كانت جيوش المستعمر الفرنسي ومرتزقته يسبون النساء عنوة ويعذبون الشيوخ والعلماء المجاهدين الذين يرفضون على الإذعان الخضوع والخنوع لقهرهم وإرهاب الجيوش الغازية وكان المجاهد بكار ولد أسويد احمد إرهابيا في نظرهم ومطلوبا حيا او ميتا للإعدام لرفضه التنازل عن شبر من ارضنا المستباح ذالك العصر .
وحين نعود الي مذكرات المستعمر الموثقة والأساطير المتواتر عليها من طرف الجميع
وحتى من طرف الرماة السينغاليين الذين كانوا ضمن تشكلة الجيش الفرنسي يمارسون تحت حمايته الحرابة والإغتصاب وانتهاك حرماتنا " نجد من التفاصيل ما يجعل اتهامنا  لفرنسا ومقاضاتنا لها واردا بل انه واجب وطني لايمكن الرجوع عنه لأي سبب من الأسباب بكونها زرعت بين مكونات شعبنا العظيم كل أشكال النزاعات السياسية والحدودية والعرقية وتدمير منظومتنا الأخلاقية  وتسعي الأن بمشروعها القديم إلي تقسيم موريتانيا الي دويلات وتنظيمات سرية وعلنية كما فعلت في حربها ضد الشعب اليبي العظيم ومسقط رأس  شيخ المجاهدين عمر المختار معتبرة مواقف "الحركات العنصرية " مريضة النزعة و الأطماع، مرجعا تاريخيا أوحدا..  لكن مشروعها سيظل دونه خرط القتاد فقد عودتنا هذه الأطماع على ضياع جهودها في ضم بلد عجزت فرنسا بقوتها عن فتحه و ستعجز أي أخرى عن كسره
فعن أي تاريخ تتحدثون ؟
عن أي إرث ينبشون ؟
عن أي عدالة يتكلمون ويطالبون ؟
وقد أن الأوان لإخضاع فرنسا للمحاسبة  القضائية والقانونية عن كل ما اقترفته في حق الشعب  الموريتاني"، ذلك أن "طي صفحة الماضي لا يكون دون رد الاعتبار للضحايا"، إذ نحمل فرنسا مسؤولية "ما تعانيه الدول الإفريقية من شقاق وقلاقل اجتماعية وبما ان فرنسا لديها سوابق عدلية في القارة وسوء السلوك ومختوم عليها بالشمع الأحمر وحلت الصين  محلها وألمانيا  حيث لم تعد وجهة سائح حتى وان تكفلت هي بكل مصاريفه منحه التأشيرة في المطار
موريتانيا ليست وحدها المعني بانتهاكات الاستعمار الفرنسي، بل هناك العديد من الدول الإفريقية التي عانت من الممارسات الاستعمار الفرنسي، ومن رحم هذه المعانات التي خلف الاستعمار الفرنسي نجد أن فرنسا كانت وراء كل التجاذبات الفئوية بعد ان دمرت اقتصادنا وعقولنا  ومعتقداتنا ومنظومتنا الأخلاقية والاجتماعية واعلان موريتانيا منطقة حمرا لإفلاس كل الشركات الوطنية لسياحة وهناك مؤسسات سياحية ستحصي خسائرها المادية والمعنوية وستتم إضافتها إلي الملف كخصومة خارجة عن الدعوى الجنائية
ومطالبة باريس بإعتذارعن الجرائم التي إرتكتبتها ضد الإنسانية مصحوبا بتعويض وجبر ضرر ضحايا الاستعمار الفرنسي وعائلاتهم’
حينها نكون علي الأقل ننتمي لهذا البلد وهذه الأرض
 

16. ديسمبر 2016 - 9:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا