كلمة الإصلاح ارتأت هذه المرة أن تـنشر نتيجة ملفين أحدهما ماض والآخر حاضر شاء القدر أن تكون مطلعة على قضيتهما، وليسا على درجة واحدة من الخطورة ، فالملف الماضي نتيجته مروعة في الدنيا وفي الآخرة.
أما الملف الحاضر فإجراءاته الأولية كادت أن تؤدي إلى كارثة داخل مسجد بين المصلين فيه تـلك الليلة.
والملف الأول تابع لوزارة العدل وتسلسل درجات محاكمها،أما الآخر فتابع لوزارة الشؤون الإسلامية ولكن عن طريق وزارة الداخلية ، والمشكلة التي وقعت فيه مازال تحت مسؤولية الداخلية .
والملف الأول عاشت قضيته الكارثية في الدنيا ما بين سنة 2008 ـ 2009 والإطلاع عليها حقيقة يدمى الشعور لو أنه صخر قال الشاعر :
ومناظر تدمى الشعور لو أنه ** صخر فـبـله لو انبرى حساسا
أما كارثـته في الآخرة : فإن الله بالمرصاد .
هذا الملف ملخصه ( وأرجو من القارئ الكريم أن يصبر على قراءة الملخص) وهو أن مواطنا موريتانيا من شرطة الإمارات كان قد اشترى قطعة أرض في كرفور حي " ب" توسعة ولها رخصتها من 89 وقد تداولتها الأملاك ووثائق شرائها لا مطعن في الجميع ، إلا أن هذا المواطن كان يوجد معه مواطن آخر زميله شرطي وأنـتـقل إلى موريتانيا نهائيا ، وتعرف فيها على أخي زميله في انواكشوط وبينما هو معه إذ نظر إلى وثيقة قطعة الأرض مكتوب عليها اسم زميله وموجودة عند أخيه وشاء القدر أن قامت مصلحة التخطيط وغيرت حروف أحياء كرفور عرفات حتى أصبح حي "س" مكان حي "ب" والقطعة كانت تحمل حرف " ب" وأصبحت في حي " س" بدل حي" ب" ومازالت تحمل عنوانها الأصلي وهذا المواطن الذي سوف يكون اسمه في هذا المقال المدعى وزميله في الإمارات اسمه المدعى عليه علم بهذا التغـيـير في التخطيط .
وأخذ رقم القطعة وحيها وذهب إلى الولاية واستطاع أن يخرج منها رسالة أولية بتـمليك نفس الرقم والقطعة ولكن على حرف " س " بدل حرفها الأول "ب" وأصدر رخصة تمليك نهائيا بتاريخ 2008 وقام بعد ذلك بعمليتين :
الأولى : أن القطعة كانت عليها حائط ويسكنها رجل ضعيف وديعة عنده وكأنه حارس لها فذهب المدعى إلى وكيل الجمهورية واشتكى من الحارس أنه يسكن حائطه ويريده أن يخرج عنه ، فأمر الوكيل مفوض الشرطة بأمر الحارس بالخروج إذا كان لا يدعى ملكية الحائط فخرج الحارس بعد ما أبدى جميع ما عـنده في الموضوع .
أما الإجراء الثاني الذي قام به المدعى فهو أخذ محام واتجه معه إلى قاضى المقاطعة واشتـكى من زميله الموجود في الإمارات أنه غصب منه أرضه الذي بحوزته ملكيتها فأعطاه القاضي استدعاءا لزميله فذهب هو والمحامي إلى العدل المنـفذ وذهبوا إلى منزل فيه رجل قالوا له إنه المدعى عليه ، وكتب العدل المنفذ في الاستدعاء أن المدعى عليه امتـنع من استلام الاستدعاء ، وامتـنع من التوقيع على هذا الامتناع فقام القاضي بتأجيل القضية مدة شهر للحكم فيها وعند انتهاء الشهر أعطى للمدعي ومحاميه استدعاء للمدعى عليه أيضا فذهبوا إلى منفذ عدل آخر وأعطوه الاستدعاء وذهبوا إلى المنزل وعملوا نفس الشيء مثل الأول وكتب هذا المنفذ نفس ما كتبه زميله (ولعلم القارئ فإن العدل المنفذ الأول توفي أثناء القضية ) وقد حكم القاضي بالقطعة للمدعى حكما موصوفا بأنه شبه حضوري لأن المدعى عليه امتـنع عن الحضور حسب ما في الاستدعاء ين ، فكتب القاضي في آخر الحكم بيت العاصمية : ومن ألد في الخصام ونـهج ....الخ .
وعلى القارئ أن يعلم أن المدعى عليه في الإمارات وأخيه في موريتانيا لم يعلم بكل هذه الإجراءات التي سبقت حكم القاضي .
وبعد هذا الحكم الابتدائي وعلم أخ المدعى عليه به ذهب وأخذ محاميا واستأنف الحكم عند محكمة الاستئناف إلا أن رئيس محكمة الاستـئـناف أرسل كاتبه للتحقيق في القضية فذهب الكاتب إلى المخطط وأعطاه مكان قطعة الأرض الجديد أي في حي" ب" وهو نفس الرقم ولكن في حي" س" توسعة وليس حي"ب" توسعة ووجد فيه عمارة كبيرة لمالكه منذ سنين أما مكان القطعة المتـنازع عليها ففيه حائط المدعى عليه ولكن أصبح في حي " س" وليس في حي " ب" نتيجة تغـيـير التخطيط الطارئ وكتب كاتب القاضي أن المتـنازعين ليس بينهما مشكلة فالمدعى عليه قطعته فيها عمارة لمالكها وهي في حي " ب" والمدعى قطعته عليها حائط وتتوافق مع قطعته الموجودة في رخصته فحكم القاضي برفض الاستئـناف وقرر الحكم لصالح المدعى فقام محامي المدعى عليه برفع القضية إلى المحكمة العليا وفي أثـناء ذلك طرأ في القضية ما يلي :
أولا : جاءت رسالة من سفارة موريتانيا في الإمارات بأن المدعى عليه لم يغادر تـلك السنة التي وقعت فيها الأحكام ضده حتى يكون رفض الحضور أو امتـنع منه .
ثانيا : قامت الولاية بإصدار قرار بإبطال رخصة المدعى عندما علمت أن القطعة كانت مملوكة قبـل إعطائها سنة 89 ورخصة الولاية 2008 ( ولعلم القارئ فإن المحاكم حكمت كلها بقطعة أرض لا رخصة لها لأن الرخصة أبطلها الوالي ) .
ثالثا : العدلان المنـفذان اللذين كتـبا في الاستدعاء رفض المدعى عليه الحضور ورفض التوقيع الأول منهما توفي أثـناء مرافعة القضية والثاني قدمت ضده شكاية تزوير ما كتب في الاستدعاء وأقر أنه لم يعرف المدعى عليه ولكن المحامي وخصم المدعى عليه جاءا به إلى رجل وقالا أنه هو المدعى عليه فحكم على المنـفذ العدل بستة أشهر سجنا و بما أنه من أسرة العدالة كتبوا في الحكم عليه أنه حكم عليه بالإدانة ولكن موقوف التـنـفيذ .
وجميع هذه الوثائق وضعت في الملف ، أمام محكمة الاستـئـناف والمحكمة العليا إلا أن المحكمة العليا قالت أنها هي ليست محكمة وثائق ولكنها محكمة النظر في الشكل وفي الموضوع ، وأن إجراءات المحاكم تـتـفق والإجراءات القانونية وأيــدت الحكم بالملكية للمدعى للقطعة ( ولعلم الجميع أيضا فإن جميع المحاكم لم تسأل عن الحائط الموجود على القطعة قبـل رخصة المدعي لمن ملكـيته ولم تسأل الجيران عن من يملك الحائط المجاور لهم وهم كـثـر وفيهم من كان الحائط وديعة عنده ) .
وإلى عهد قريب هذا المدعى لم يشغل القطعة التي جرها إليه فوق النيران مغالطات أهل الدنيا التي تؤول إلى نار حقيقية في الآخرة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : أيها الناس إنكم تختصمون لدي ولعل أحدكم يكون ألحن في حجته من بعض فأحكم له طبقا لما سمعت فمن حكمت له بأي شيء وهو يعرف أنه ليس له فإنما أقطع له قطعة من النار أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، كما أن هناك آية خطير وعيدها في هذا الصدد وهي قوله تعالى (( ولا تاكلوا أموالكم بيـنكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون )) .
فإن كان المدعى أحجم عن استغلالها خوفا من وعيد الله فنرجو له من الله حائطا وبستانا في الجنة عوضا عنها عندما يمكن أهلها منها .
أما شأن القضاة فـنعلم أن عدم حكمهم فيها طبقا لحقيقتها ليس لضعف معلوماتهم الفقهية ولا نتيجة لرشوة في قضيتها ولكن لشدة فصل المسؤولين الموريتانيـين أو غالبـيتهم بـين المسؤولية الدنيوية والمسؤولية الأخروية والواقع أنه لا يفصل بينهما إلا مجرد الموت لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : لا تزل قدما ابن آدم حتى يسأل عن أربع ومن بينهم علمه فيما عمل به .
فهذه القضية مرت بما يقرب من 10 قضاة ما بين رئيس ومستـشار ومقرر ونيابة عامة وفي تسلسل جميع المحاكم إلا أن اتـكال القضاة على ما يقوله الكتاب والعدول المنفذون واتـكال المحاكم على الحكم الأول في القضية وعدم قراءتهم لجميع الوثائق قراءة يعرف القاضي أنه سيقرؤها أمام الله قراءة متأنية حقيقة كل ذلك أدى إلى كارثة حكم مثـل هذا فأي حكم من الدرجة الأولى عندما يتفطن رئيس الدرجة الأخرى أو أحد مستشاريه لاشك أنه سيجد فيه ما ينقضه به .
كما أن رفض المحكمة العليا لقراءة أي وثيقة تطرأ على الملف بعد الأحكام ليس إجراءا شرعيا ولو كان مكتوبا شكليا في الإجراءات لأن الحق أحق أن يتبع ولذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أوعد الخصماء حتى بعد الحكم بما يظهر أي أوعدهم بأخذهم لقطعة من النار .
وإذا كان القانون الوضعي فيه إجراء للطعن في أي قضية انتهى منها القضاء وظهر أنها بنـيت على باطل فالقانون الإسلامي والعدالة الإسلامية أولى بهذا الطعن لصالح الحق الشخصي .
فهذا الملف الموجود فيه الوثائق أعلاه كل من أراد أن يطـلع عليه إما للموعظة للحذر من الوقوع في مثله أو لتيقن صدق ما جاء في هذه الكتابة فإني أسجل عنوانه فعند القاضي عدد القضية 311/08 عدد الحكم 08 التاريخ 26/10/2008 أما محكمة الاستـئـناف عدد القضية 25/08/ التاريخ 1 / 4 / 2009 .
أسماء المحامين : محامي المدعى إكبر بن أحمد ومحام المدعى عليه كابر بن أميجن ،وهذا الملف كتبـت قضيته ليتـذكر به من تـذكر من محامين وخصماء وقضاة وعدول منـفذين .
أما الملف الحاضر قضيته الغائب مصيره الآن فملخصه أنه يوجد مسجد في لكصر قرب المستـشفى العسكري ووقع فيه نـزاع بين بعض الجماعة التي بدأت بـناءه بتبرع بعض أفرادها وعـندما وصل إلى مكان في الارتـفاع جاءت هيئة خيرية وأكمـلته على حسابها وتعاملت مع مقاول على إتمامه ، وهذا المقاول عنده إمام مستوفى شروط الإمامة من ناحية الحفظ الجيد للقرآن بروايتي ورش وقالون عن نافع وما يتطلب الإمامة من فقه يتعلق بالصلاة فهو جاء إلى المسجد بمحظرتين للبنين والبنات فالبنون هو معلمهم والبنات تعلمهن زوجه التي خالها المقاول ، وعند انـتهاء البناء مباشرة دشـن المسجد من طرف الوزارة المعنية وأصبح للجمعة والأوقات الخمس وهذا الرجل هو إمامه ، وبقـيت الجماعة التي كانت تـشرف أصلا على بنائـه بقيت مهتمة بشأنه مثـل : راتب الإمام والمؤذن الخ إلا أن بعض هذه الجماعة دخل خلافا مع الإمام نحن الجماعة المصلين الخارجين عن ذلك الاهتمام بالمسجد لا نرى شيئا مخــتـلا في قضية ما يتعلق بالصلاة وضبط أوقاتها والحضور في الوقت المحدد من طرف الإمام .
إلا أن بعضا من الجماعة المهتمة بالمسجد قدمت شكاية لحاكم المقاطعة من الإمام ، وملخصها : أنها هي التي بنت المسجد وجاءت بهذا الإمام إلا أنها لم تـتـوافق معه وتريد من وزارة الشؤون الإسلامية أن تعـين لها إماما غيره ، وبناء على ذلك استدعى الحاكم الإمام وأخرج له الإمام كل الوثائق التي جعلته إماما في هذا المسجد وذكر له أن المسجد بنـتـه هيئة خيرية والمقاول صهره هو الذي جاء به إلى المسجد عند انتهاء بنائه دون اعتراض من أي قـيـل الآن .
وبدلا من أن يطلب الحاكم من المفوض التابع له أن يحرر له محضرا إداريا في القضية ويستمع فيه إلى أقوال من يشــتـكي من الجماعة ويخرج من الشكاية من لا يشـتـكي ويتضح للجميع ما وراء هذه الشكاية عند الجميع .
فبدلا من ذلك أرسلها إلى الوالي بدون تعليق ، وكذلك فإن الوالي لم يكلف المدير الجهوي للأمن التابع له أن يحرر محضرا إداريا كذلك بنفس الشيء المفقود وهو معرفة الأسباب الحقيقية للخلاف كما كان يمكن للوالي أن يستدعي الجميع ، ويحاول معهم أن يصطلحا بدون أي شكاية ، فلو كان الوالي مثـل أمامه الإمام لعلم أنه رجل صالح أن يكون إماما فعلا لأني منذ أربع سنوات وأنا أصلي معه الأوقات الخمسة تـقريبا ولم يحتج الجميع أن يسجد قـبليا ولا بعديا ولم يسبح له فيها أي مأموم ولو مثـلت أمامه الجماعة لعلم أنها جماعة الصف الأول في المسجد المواظبـين على ذلك في الصلوات الخمسة وهذا دليل على الإيمان كما في الحديث الصحيح بمعنى أن الخلاف بينهما هو الذي جاء شاذا عن تصور من يصلى في ذلك المسجد .
فبدلا من ذلك كله أحال الوالي الشكاية إلى المدير الجهوي للشؤون الإسلامية التابع له لتسوية القضية ، وهنا وقعت الواقعة ولعب الشيطان دوره ولكنه الآن لم يلعبه في جماعة الحانات ولكنه لعبه في جماعة المسجد داخـل المسجد .
فقد قام المدير الجهوي للشؤون الإسلامية بإيفاد رئيس مصلحة معه ليأتي إلى المسجد بعد الصلاة مباشرة ويعلن أنه موفد من طرف الإدارة الجهوية ليستـكشف أهل الخلاف في ذلك المسجد وأسبابه .
وكان من سوء الحظ أن هذا المبعوث جاء إلى المسجد في صلاة المغرب التي يمتـلئ فيها المسجد عادة من المصلين ولو كانو عابري سبـيـل .
وبمجرد إعلانه أمام جميع المصلين بأنه مرسل من إدارة سمعت أن هذا المسجد فيه خلاف وتريد من جماعته أن تـتـحرك إلى جهة المبعوث في المسجد ليسألها عن الموضوع ، تحرك الجميع حابله ونابله عن مكانه ، و عندئذ خرجت الملائـكة لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث ، وعندما خرجت الملائكة دخلت الشياطين لتـنزغ بين الجميع وما إن بدأ الكلام من أحد الطرفين حتى بدأ التـكذيب وأنواع المكبر منه والمصغر وكثـر الوعيد والتواعد بالشر وحرق الآباء والأمهات وخرج الجميع من المسجد وكأنه يخرج من حانة والتهديد هنا وهناك والمبعوث يحاول أن يخرج سالما ولو من تدافع الغاضبـين مع أنه لم تصدر منه إلا جملة واحدة حصل بعدها الهرج والمرج ،وعلى كل حال فظن شرا ولا تسأل عن الخبر .
فلو كان الحاكم أو الوالي اللذين لم يحررا محضرا في الموضوع تركا الملف بدون هذه الزوبعة حتى يصل إلى إدارة المساجد لتـنادي للطرفين حتى يعرف الجميع ما أسباب الخلاف وهل داخل فيه المقاول لأنه حضر ساعة حضور المبعوث للاستفسار وماذا طرأ على الإمام بعد سنوات من تـنصيـبه وما هي صلاحية جماعة المسجد وما هي سلطتها على الإمام إلى غير ذلك مما يحتاج الجميع إلى معرفته في هذه المؤسسة الدينية التي فاجأ الجميع ما آل إليه أمر إمامها وبعض جماعته من الخلاف غير المفهوم .
والله تـبارك وتعالى يقول(( وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتـتـقوا فإن الله كان بما تعملون خبـيرا))