الإسلام و الإيمان , لقد ارتبط اسم المؤمنين في القرآن الكريم بالسكينة و النصر و التمكين قال تعالى : " فَأَنْزَلَ اللهُ سَكينَتَهُ على رَسولهِ وَعَلى المْؤْمنينَ.. " وقال :" هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ.. "ً وقال: " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً "
وقال : " فأَنْزَلَ اللهُ سَكينَتَهُ عَلَيْهِ وأيَّدهُ بجنود لم تروها.. ".
اقترب أحدهم من أحد علمائنا فهمس في أذنه قائلا : هل كل ما جاء في كتابكم القرآن صحيح ؟ فأجاب بالتأكيد نعم فسأله : اذا , ماذا تقول في هذه الآية : " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ..", فلماذا إذاً جعل للكافرين عليكم سبيلا ؟
فأجاب العالم بكل هدوء :لأننا مسلمين ولسنا مؤمنين
فنحن المسلمون اليوم نؤدي جميع شعائر الإسلام صلاة ،زكاة , حج , صوم وغيرها من العبادات ، ومع ذلك نعيش في ضعف و معاناة و تبعية علمية واقتصادية واجتماعية وعسكرية فلماذا ؟
الجواب : لأننا لم نرتقي بعد لدرجة الإيمان , فإسلامنا مازال في مرحلة الإسلام و لما نصل بعد للإيمان.
لقد جاء في القرآن الكريم:" قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم "
فلو كنا مؤمنين حقاً لنصرنا الله ، يقول تعالى : " وكان حقاً علينا نصر المؤمنين " الروم ٤٧
ولو كنا مؤمنين لأصبحنا أكثر شأناً بين الأمم والشعوب ، يقول تعالى :" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " آل عمران ١٣٩
ولو كنا مؤمنين ، لما جعل الله للآخرين علينا أي سيطرةً يقول تعالى : "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " النساء ١٤١
ولو كنا مؤمنين لما أبقانا الله في هذه الحالة المزرية ، يقول تعالى : "وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه '"آل عمران ١٧٩
ولو كنا مؤمنين لكان الله معنا في كل المواقف ، يقول تعالى : "وإن الله مع المؤمنين " الأنفال ١٩
و قال تعالى : "إنا لنَنْصُرُ رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدّنيا يَوْمَ يقومُ الأشهادُ" , " يا أَيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم " , " وَعَدَ اللهُ الذين آمنوا منكمْ وعَملوا الصّالحاتِ ليستخْلفَنّهمْ في الأرضِ .. " وغيرها من الآيات وكلها تتحدث عن النصر و الإيمان والربط بينهما .
ولو كنا مؤمنين لدافع الله عنا و انتصرنا قال تعالى : " إنَّ اللهَ يُدافع عَن الذين آمنوا ... " وقال :" وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه " ," وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ " فالعلاقة بين النصر و الايمان ثابتة موثقة في كتاب الله.
من هم المؤمنون ؟ الجواب من القرآن الكريم هم : " التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشّر المؤمنين " التوبه ١١٢
من هم المؤمنون ؟ " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لأِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) " .
الخلاصة أنّ الله تعالى ربط النصر والغلبة والسيطرة ورقي الحال بالإيمان وليس بالاسلام
ولكن لا طريق يوصل للايمان إلا الاسلام , فالاسلام وتعاليمه هوالجسرالوحيد الذي يوصلنا لبرالأمان الذي هو (الإيمان ) ثم النصر والتمكين في الارض , ولكي يتحقق النصرو ننهض وتعود للمسلمين مجددا قيادة العالم , علينا ان نرتقي من درجة " مسلمين " الي درجة " مؤمنين " ولا يكون ذلك الا بتقوية الإيمان , فلما نصل لتلك المنزلة " الايمان " يأتي النصر تلقائيا , وعد من الله.
كيف نقوي الايمان ؟ بالمساجد، حضور صلاة الفجر(السيطرة على النفس ) المسجد مدرسة للإيمان ، و هو أول عمل قام به رأس القمم مصطفى القيم محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما دخل المدينة بني مسجدا وهو صلى الله عليه و سلم الخارج لتوه المطارد , فلم يبدأ بتأسيس جيش , بل ببناء مسجد(مدرسة للإيمان ) , ثم شرع في بقية منهجهه الشريف , في وضع اركان الدولة , مؤاخاة بين أبناء المجتمع ، معاهدات دفاع مشترك , مصالح مع اليهود وغير المسلمين ، خروج لاسترجاع الحقوق فغزوات وفتوحات فنشرلأعظم الرسالات .
نقوي الإيمان بالعطاء ، فالعطاء العطاء , وليعطي الغني الكثير و باستمرار و ليعطي الفقير القليل من حين لحين، فالعطاء هو أقوى معيار نقيس به الايمان , فكلما أكثرنا العطاء , كلما ابتعدنا عن الشيطان و اقترابنا من الله و لهذا ربط البرالذي هو اقوى منازل التقوى بالعطاء ، يقول تعالى : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا منما تحبون " ، فعلي الكل العطاء واستحضار نية القصد لوجه الله ، تقوية الايمان تكمن في التزاور ، في صلة الرحم ، في عيادة المريض ، في الهروب عن الانظار و اللجوء الي الله ومناجاته في ساعات متأخرة من الليل ، تقوية الايمان في القلوب , تكون بافشاء السلام , في التغاضي عن الزلات وجبر العثرات و مجالسة المساكين والاستئناس لأحاديثهم و ادخال السرور علي قلوب ابنائهم , تنمية الايمان في القلوب تتم بالتدرب علي اخلاق المصطفي صلي الله عليه و سلم ، أكله ، شربه، مشيته ، ضحكته ، حزنه ، غضبه ، فرحته، تعامله مع الآخر أيا كان مسلما وغير مسلم ، حجرا طيرا شجرا.
وهذه تجربتي مع خصلة واحدة من خصاله صلي الله عليه و سلم , حاولت ان أتعود عليها فما استطعت وهي انه اذا ناداني شخص من خلفي ألتفت اليه كلية بكامل جسمي لأرد عليه ، وجدتها صعبة ، جربوها ان شئتم ، وعندئذ سترفعون الراية لمحمد صلي الله عليه و سلم و تقرون بمنزلته " وانك لعلى خلق عظيم "، خصال أخرى عديدة من خصاله ، جربوها , وكلها مدرسة في الايمان و التدرب عليها يقوي الايمان في القلب.
الإيمان في جيبك , فوزع المال , اعط الكثير و باستمرار , فاذا كنت غنيا فاكثر العطاء و ان كنت فقيرا فاعط قليلا فلا بد ان يحصل العطاء , الايمان في القلب ,فسامح من ظلمك , صل من قطعك , زر من هجرك , اعط من حرمك , الايمان في الحواس ,فغض بصرك عن محارم الله , صك سمعك , رطب لسانك بذكر الله , بالكلمة الطيبة , مد يدك الي الخير, و انت تسير في مهمة تذكر معية الله وان قدماك تسعي في عمل يرضي الله و ينفع الناس.
الايمان , أين الايمان ؟ موجود و يسير , فقط أعقد العزم و توكل علي الله و تحرك من اول الطريق فأبدأ باماطة الاذي عن الطريق , واحترم اشارات المرور ولاتقفزعلي الطوابير واعطي المقيم حقه ولا تنظراليه نظرة دونية بل احتضنه كما أمرنا الاسلام فقد كنا ملجئا يحتمي فيه اليهودي و المسيحي و المقيم و غير المقيم بغض النظر عن عرقه و دينه الايمان موجود بيننا في معاملاتنا , الدين المعاملة , نحتاج فقط تحريك خيط بسيط , فيكون , و لما يكون الإيمان ,وتتحول دولنا من بلدان إسلامية الي بلدان إيمانية عندئذ سننتصر , وسيعود السلام والاستقرار للعالم ... صلوا علي راعي السلام و الأمن و الأمان , علي مصطفي الأخلاق معلمنا الإيمان , اللهم صل وسلم على محمد و على آل محمد كما صليت علي ابراهيم و على آل ابراهيم و بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم و على آل ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد .