الحمد لله رب العالمين العلي العظيم قضى بعلوه وعلو دينه إلى يوم الدين رغم كيد الأعداء والحاقدين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم محمد الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين الذين أيدهم الله بنصره نصرة لدينه القويم وحفاظا على صراطه المستقيم فقال جل من قائل :
﴿ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون﴾، ثم جعلهم ورثة الأرض وحراس الدين، قال عز وجل : ﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾.
أما بعد فلقد تتابعدت في هذه البلاد بلاد شنقيط أمورا غريبة يندى لها الجبين ولعل آخر ذلك ما تم تداوله من بعض المواقع من خبر مناقشة برلمان دولة شنقيط –الجمهورية الإسلامية الموريتانية- لقضية زواج المسلمات دون سن الثامنة عشر، فتنبيها على هذه المسألة أقول :
- إن التسليم لكتاب الله الحكيم وسنة رسوله الأمين من ركائز الإسلام وثوابت الإيمان ودلائل الإحسان، قال الله تعالى : ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا﴾، فقد بينت الآية أن من لم يرضى بما قضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في ضلال مبين وهو أبعد الناس عن الطريق المستقيم.
- وقال جل من قائل : ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾، فقد بينت الآية أن الإيمان يقتضي تحكيم ما أنزل الله فيما ما يتنازع فيه من صغير وكبير ثم الرضى به والتسليم مع نفي الحرج وضيق الصدر بالتنزيل.
- وقال عز من قائل : ﴿وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون﴾، فقضت الآية على المسلم أن يستسلم لحكم الله ويعلم أنه راجع إليه فسائله عما قال وما قدم وما أخر وما قدم لدين الله، قال عز وجل : ﴿إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين﴾.
- وقال الملك المبين : ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء﴾، فما غاب عن كتاب الله شيء وبين فيه العليم الخبير كل شيء، وقال : ﴿وأنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس ما نزَّل إليهم﴾، فقد بين رسوله صلى الله عليه وسلم لصحابته ولأمته كل شيء، كما في حديث سلمان، علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة. قال : أجل ''مسلم'' وكما قال أبو الدرداء رضي الله عنه : لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا ذكر لنا منه علما ''الطبراني'' فلقد بين علم الطيور فكيف يترك علم مهمات الأمور؟
- لقد تبنى الغرب الفاجر منذ فترة حملات شتى لإفساد بنات المسلمين ولمحاربة الدين ومن ذلك قضية زواج البنت قبل سن الثامنة عشر، فإذا بها قضية قد أصبحت مطروحة للنقاش في بلدان المسلمين إن لم يكونوا قد تبنوها استجابة ورضوخا للكفار المجرمين كأنها لم يفعلها المختار الأمين إذ تزوج الصديقة وهي بنت ست سنين ''أحمد و البخاري وغيرهما''.
- ومع أن فعل خير البرية يكفي في الاحتجاج على صحة الفعل إذ هو القدوة، قال عز وجل : ﴿لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة﴾، فإن كتاب الله يقر صحة الأمر كما قال عز وجل : ﴿واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن﴾ الآية، فقد أجمع من يعتد بقوله من المفسرين على أن المراد بقول الله عز وجل : ﴿واللائي لم يحضن﴾، أي : من الجواري لصغرهن ''الطبري وابن كثير والجلالين وابن العربي وغيرهم'' وعلى من يقول أن المراد بذلك النساء البالغات أن يأتي بدليل ممن يعتد بقوله من السلف والعلماء الثقات.
- قد يحتج من يمنع زواج البنات بحجة أنه لا يتماشى مع تعليمهن، فنقول : آتنا بمن هي أعلم من الصديقة أم المؤمنين.
- ثم أختم بكلمة إلى الأئمة والعلماء لما آتاهم من العلم بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم رفع قدرهم ودرجتهم به، فقد حملهم مع ذلك مسؤولية الدفاع عن الدين وتبليغه وتعليمه للمسلمين، فإذا كان الله عز وجل عاتب رسوله على تحريم ما أحل له لما حرم على نفسه العسل فكيف يسكت أئمة وعلماء المسلمين على ما يخطط له من تحريم الزواج على بنات المسلمين لما فيه من هدم الدين ونشر البغاء والفاحشة في بقاع المسلمين، فعليكم أن تبينوا بقدر ما آتاكم الله من العلم والسلطان إذ هما خير ما يسخر من أجل التبليغ والتبيان، قال عز وجل : ﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه﴾ وفقنا الله للبيان وأعاذنا من الخوف والكتمان وصلى الله وسلم على نبينا محمد سيد ولد عدنان.