المجلس الأعلى للشباب في موريتانيا ...الأدوار والتحديات / محمد محمود ولد الصيام

من الموضوعي تثمين خطوة إنشاء مجلس أعلى للشباب في بلد تقول الإحصائيات أن نسبة الشباب فيه تقارب 70 في المائة  وتسعى فيه الحكومة للإستفادة من طاقة وجهد هذه الشريحة الهامة .

لكن ماهي  الأدوار التي ينبغي للمجلس القيام بها ؟
وما هي أهم التحديات التي تواجهه ؟
فكرة إستحداث مجلس أعلى  للشباب في البلد لا يمكن فصلها عن تاريخ مثل هذه المجالس في بلداننا العربية،  وأعتقد أن التوقف عند تجارب تلك البلدان ضروري للتزود والإستفادة .
يمكن في هذا الصدد ذكر –لا على سبيل الحصر - المجلس الأعلى للشباب في الجزائر والذي تم تأسيسه في عام 1995  خلال حكم الرئيس السابق اليمين زروال  .
جاء المجلس كمؤسسة إستشارية توصل صوت الشباب لرئاسة الجمهورية ،  كان القائمون عليه يقومون برفع تقاريرهم السنوية لرئاسة الجمهورية بعد أن يضمنوها رؤاهم وإقتراحاتهم  للإصلاح.
توقفت نشاطات المجلس المذكور بعد خمس سنوات ، وقامت السلطة بحله بناء على تقارير عن محدودية تأثيره ،  قبل أن تعاود إحيائه من جديد في هذا العام  .
قد لا يتأتى إسقاط النموذج الجزائري على الحالة الموريتانية ،  نظرا لعوامل عدة ،   لعل في مقدمتها جو الصراع الإيديولوجي الذي كان طاغيا في الجزائر في تلك الفترة والذي يعزي إليه كثيرون توقف عمل المجلس .
لكن بالمقابل  فإن الذريعة التي صاغتها السلطات لتوقيف نشاطاته بدت مقنعة ،  فمن غير المعقول أن تقوم الدولة بتأسيس مجلس أعلى يعنى بقضايا وهموم الشباب دون أن تكون له نتائج على الأرض .
يؤسس المجلس الأعلى للشباب في موريتانيا لمرحلة جديدة،   تعكس  إرتفاع منسوب تعاط  الحكومة مع الشباب،   تسعى لتمكينه من إيصال صوته  وإشراكه في مختلف الخطط التنموية للبلد .
بالإمكان القول أن الكرة الآن في ملعب الشباب،  وأنها فرصة حقيقية لتمكين الشباب في موريتانيا بمختلف أعراقه وتوجهاته من لعب الأدوار المنوطة به والتي من بينها العمل على تغيير العقليات الرجعية والقيام  بخلق البئة المناسبة لعرض مختلف الأفكار و تدارس جميع الأطروحات التي من شأنها النهوض بالمجتمع والدفع بعجلة البناء .
هذا بالإضافة إلى تكريس ثقافة السلم و قيم الوحدة  والمواطنة و العمل على تعزيز المسار الديمقراطي .
في كتابه "الشباب العربي " يقدم الباحث فيصل الغرايبة خلاصة تجربته و كتاباته حول الشباب في الوطن العربي  مبرزا أهم التحديات التي تواجههم .
هذه التحديات  حسب الباحث هي :
التعليم والنمو السكاني والمعلومات والاتصالات والمخدرات والبيئة إلى جانب بروز تحديات كبيرة مثل البطالة، الفراغ، فقدان الهوية، والضغوطات الاقتصادية والأمراض المستعصية، إضافة إلى الجانب الأمني الذي يواجه الوطن العربي برمته، والتحديات السياسية التي تهدد المواطن، وخاصة الشباب، كالديمقراطية وحرية التعبير والمشاركة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية .
بالنظر إلى مجمل هذه التحديات نجد أن لشبابنا نصيب  منها وهنا  يكمن دور مجلس الشباب كهيئة لإحتضان مشاكل وهموم الشباب والتصدي للتحديات التي تواجهه
لكن السؤال هنا هو :كيف ؟
نعود إلى نفس الكتاب للوقوف عند الحلول التي صاغها الباحث .
شدّد الباحث " على دور الجو الديمقراطي من أجل توفير المشاركة في اتخاذ القرارات وفي القيام بالمسؤوليات وتحقيق الإنجازات للشباب في مخلف الهيئات والتنظيمات التي ينضمون أو ينتسبون إليها بالضرورة أو بالاختيار، مشيرا إلى عدم فرض الآراء على الشباب، ولا تقديم الحلول إليهم، قبل أن يجهدوا أنفسهم ويتمتعوا بحريتهم في بلورة الآراء والأفكار وفي وضع الحلول لمختلف القضايا والمشكلات التي يعيشونها أو يعاني منها مجتمعهم" .
الحلول إذن تأتي من الشباب  فلا أحد أكثر دراية بواقع الشباب من الشباب أنفسهم .
أشار الباحث ايضا  إلى" وجود محاور يجب أن تقوم عليها عملية تنمية القيادة لدى الشباب وإعداد القادة وتتمثل في تعلم إدارة الذات وإدارة الوقت وإتقان فن الريادة والإقناع، إضافة إلى توسيع قاعدتهم المعرفية حول بناء العلاقات والتصرف في المواقف المختلفة والمشاركة في التخطيط والمتابعة والتقييم" .
هذا بالضبط ما ينبغي أن يتيحه المجلس للشباب ،  المساعدة في إشراكه بفاعلية في الخطط التنموية ، وتمكينه من المتابعة و مده بمختلف المهارات الواردة في الفقرة المشار إليها في كتاب الباحث .
تبقى أسئلة وتحديات البطالة وتحقيق العدالة الإجتماعية ودعم  أفكار وإبداعات و تشجيع  المبادرات الشبابية  و محاربة المخدرات والمسلكيات الضارة  ...مطروحة في إنتظار تقديم الحلول لها من طرف المجلس الذي يسعى لتوسيع الدائرة أكثر من خلال جمعيته العمومية التي ستتيح المشاركة لشباب مختلف الولايات عبر ممثلين لهم .
ليتمكن الشباب حينها من إبراز  آرائه  وتقديم توصياته حول الأمور المتعلقة به في كل المجالات  الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية . 

إن  تقييم  أداء المجلس رهين فاعليته والمستوى الذي سيظهر عليه شبابه وهم  يتولون  كل هذه الملفات الهامة،  المتعلقة بالشباب الراغب في إسماع صوته وتحقيق ذاته .

 

محمد محمود ولد الصيام

مهندس وكاتب مهتم بقضايا الشباب
[email protected]

2. يناير 2017 - 10:33

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا