لقد ابتلي العالم الغربي منذ تحريف المسيحية و سيادة العلمانية في ربوعه وهبوب موجات الالحادو تقليعات اليسارية في بلدانه بانحرافات قاتلة في الأخلاق والتفكير .وقد استغلت الماسونية العالمية هذه الانحرافات لتتلاعب بالقيم والمفاهيم مطوعة الاعلام والمنظمات الدولية و مؤسسات البحث العلمي
ومراكز الدراسات لترويج فلسفات التحرر والانحلال من كل الثوابت والقيم الدينية والاخلاقية .وذلك لصناعة انسان معولم محطم حائر لا يركن الي أي مبدأ ثابت.بل مطلوبه اللذة الحسية ومعبوده المال و مرهوبه النظام العالمي الذي تتحكم فيه القوة الخفية من خلا ل مراكز سيطرة محددة. .وقد تمكنت هذه القوة من اخضاع المجتمعات الغربية والعديد من المحتمعات الاخري وبقيت المجتمعات الإسلامية صامدة امام هذا الغزو الإنحلالي بفضل تمسكها ببقية من تعاليم الدين الاسلامي المنسجمة مع الفطرة السليمة والرافضة لكل اشكال الشذوذ والانحلال.
ان لكل حضارة مفاهيمها وقيمها . ومفهوم النوع أو الجندر او التوجه الجنساني هي من تقليعات الحضارة الغربية المختطفة والضائعة .وهذا المفهوم هو عنوان النظام الاجتماعي المنحل والضائع الذي تبشر به هذه الحضارة المحتلة (بصيغة اسم المفعول ) .وهو ليس سوى الشجرة التي تخفى غابة تحتضن تطبيع الشذوذ الجنسي وتشريع الزواج المثلي و الإجهاض وتغيير الجنس لمجرد تلبية ميل انحرافي..و تشجيع العلاقات الجنسة خارج الزواج .واعتبار كل موقف يرفض هذه الامور مجرد رجعية وتزمت و انتهاك لحقوق الإنسان.وفي مرحلة لاحقة شكلا من أشكال الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية.
ان مهندسي مفهوم النوع يريدون اولا ازالة كل فرق جوهري بين الجنسن .ثم يبنون على ذلك وهم يسرون حسوا في ارتغاء تحرير المرأة في المجتمعات غير الغربية من كل الالتزامات و القيم لكي يتمكنوا من هدم هذه المجتمعات واحتلالها معنويا واقتصاديا واجتماعيا كما تمهد لهم ذلك في المجتمعات الغربية المسكينة.
لقد ظلت الدول الاسلامية ومعها ممثلو الفاتيكان تشهر سيف التحفظ ضد كل تشريع تشم فيه رائحة هذا الغزو الماسوني الانحلالي .غير انه يبدو ان الغزاة قد قرروا اتباع سياسة التدرج و البحث عن مواطئ أقدام في العالم الاسلامي .ليتمكنوا من خلالها من التسلل الى مواقع اخري حتى يكملوا عملية الاحتلال والإخضاع
ان المطلع على مشروع قانون مكافحة العنف المبني على النوع المعروض حاليا على البرلمان في بلادنا قد يلاحظ انه تضمن كثيرا من الأحكام المطابقة للشريعة الاسلامية في مجال زجر جرايم الزنا والتحرش و التعنيف ضد المرأة وهي للأمانة أمور يحتاجها مجتمعنا الذي ابتلي في السنوات الأخيرة بارتفاع غير مسبوق في جرائم الاغتصاب و االدعارة و التحرش الجنسي . .لكنه سيلاحظ ايضا ان هذا المشروع يتضمن انحرافات وشوائب خطيرة أولها أنه وضع تحت عنوان (النوع) ذلك المفهوم الماسوني الملغوم.كما انه تضمن مخالفات للشريعة الإسلامية منها :
1-ذكرت المواد (من 1 الى 6 ) مصطلح النوع سيئ الصيت دون أن تقيده بما يمنع تأويله ليستفيد منه مرتكبو جرائم الشذوذ الجنسي .وبالرغم من ان الفصل الثاني جاء تحت عنوان واضح وجيد وهو ( العقوية المطبقة على الجنح والجرائم ضد النساء) ،إلاانه لا بد من التحفظ من اطلاق مفهوم النوع الملتبس .وذلك اما بحذفه وابداله بعنوان واضح ومأمون مثل ( العنف الموجه ضد النساء او أحد الزوجين )أو بآضافة مواد تجرم وتعاقب كل جرايم اغتصاب الذكور والتحرش بهم واللواط والسحاق.وبهذه الإضافة يتم تطويق مفهوم النوع حتى نأمن تاويله بصورة خبيثة لحماية مرتكبي الشذوذ الجنسي.
2- تغيير عقوبة زني المحصن من الرجم كماهو مقرر شرعا وقانونا إلى الإعدام رميا بالرصاص حالة كون الزنا وقع اغتصابا( المادة 7) وإلى الإعدام يالجلد حتى الموت حالة كون الزنا غير اغتصاب ( المادة 9) .وإصلاح هذا الانحراف باقرار عقوبة الرجم حتى الموت في الحالتين دون تفريق .
3- معاقبة زنا المحارم بالإعدام دون تفريق بين المحصن والبكر ومع اصرار على استبعاد عقوبة الرجم.( المادة 10). وإصلاح هذا الخطأ هو بالحاق زنا المحارم بجريمة الزنا لأنه احد صورها.
4- تجريم ومعاقبة ضرب الزوجة دون اي تمييز بين الضرب التأديبي والضرب التعذيبي ( المادة 11)وهذا مخالف لصريح النص القرآني في معاملة الزوج الناشز .وإصلاح هذا الانحراف بتقييد الضرب المجرم بما نص عليه الغقهاء في هذا المورد من كونه الضرب الذي يحدث ضررا او يحدث اثرا معيبا.
5- تجريم ومعاقبة فرض الزوج سلوكا او تصرفا على زوجته( المادة166) وكذا منعه إياها من ممارسة حرياتها العامة (المادة 19) دون تفريق بين انواع السلوك او الحريات العامة .وفي هذا هدم لمبدأ قوامة الزوج على زوجته المنصوص عليه في صريح القرآن العظيم ،كما ان فيه تشجيعا للزوجات على النشوز و
التحرر من واحبات الرابطة الزوجية تحت ذريعة التحرر.وهذا من أهداف الغزو الغربي للمجتمعات المسلمة .وإصلاح هذا الانحراف بسيط وهو بتقييد الفرض و المنع المجرمين بأنهما ما يمس الحقوق الانسانية للزوجة التي يحفظها الشرع والقانون المبني عليه.
6- افتراض صدق دعوى المرأة ضحية الاغتصاب على المتهم دون اي بينة .وهذا مناقض لمبدأ البراءة الأصلية الذي تتفق عليه الشرائع والقوانين .فلابد من حذف هذا الحكم الفاسد .
7- الزام الطبيب اذا لاحظ أثناء ممارسة وظيفته وجود مؤشرات تحمله على الإعتقاد بأن اعتداءات جنسية قد ارتكبت ضد المرأة بالإبلاغ عن ذلك.( المادة37) وهذا مخالف لمقصد الشرع في ستر ماقد يقع على الأعراض من اعتداء حفاظا على سرية الحياة الشخصية للأفراد مالم يصل الأمر الى المجاهرة والإعلان او يقوم المجني عليه بالشكوي من الجاني او يتقدم طائعا بألاعتراف مقرا على نفسه راغبا في تطهيرها من الإثم . وفي مقابل هذا نجد حرص الشرع الشريف على الكشف الفوري عن الاعتداء على الانفس بالجنايات والجراحات ولذا اشترط أربعة عدول لإثبات الزنا واكتفى بعدلين في إثبات القتل .واصلا ح الانحراف في المادة بحذفها من المشروع كليا.
8 - ورود مصطلح القرين الذي هو من أدبيات دعاة الانحلال والشذوذ في المادة ( 111) دون مبرر .وهذا المصطلح هو الباب الذي يدخل منه اليساريون الانحلاليون لتشريع كافة أشكال الشذوذ الجنسي ومنها الزواج المثلي الذي تتهافت الدول الأوربية تباعا على تشريعه وعلى تسخير مصطلح حقوق الانسان للدفاع عن أصحابه في مشهد من مسلسل الانهيار الأخلاقي المتواصل للحضارة الغربية.فلابد من حذف مصطلح القرين واستعمال كلمة الزوج محله في المادة.
9- خلو المشروع تماما من تجريم اغتصاب الأطفال والرجال وجرائم اللواط والسحاق .وهو أمر مستغرب .تماما.فالاطفال والرجال هم من أفراد النوع وهم معرضون لهذه الاعتداءات .فتجاهل هذه الجرائم هو من نواقص المشروع وانحرافانه
تلك عجالة عن الانحرافات في هذا المشروع ومقترحات لإصلاحها.
ان بلادنا بحاجة ماسة لقانون يزجر جرائم الاغتصاب والتحرش والاعتداء على الحقوق الشرعية للنساء والأطفال .غير انه ينبغي ان يكون هذا القانون منسجما تماما مع التشريع الإسلامي المصدرالوحيد للتشريع في بلادنا .ومعلوم ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فلابد من اعادة صياغة مشروع القانون المذكور في هدوء وروية وبمشاركة اهل االعلم والاختصاص في المجالات ذات الصلة .