عام نهاية عزيز / محمد عبد الله ولد لحبيب

altستشرق شمس أحد أيام أسبوع من النصف الأول من العام الميلادي 2012 على موريتانيا وهي محكومة من غير جنرالها الحالي. هذا ما تقول به صادقة أيامنا الغُرُّ هذه. الخميس أو الجمعة أو السبت، لن يكون بالتأكيد يوما ثامنا ننتظره ولا يأتي، هو واحد من سبعة الأيام التي يتألف منها الأسبوع كما نعيشه اليوم.

اثنين الرحيل، أو ثلاثاؤه أو أربعاؤه، غير مُهِمٍّ هذا، كلها أيام يسافر فيها أوائلنا ويرحلون كما رحل أسلافهم من قبل. الرحيل يقع دائما عندما تجتمع أسبابه، أو أغلبها، أو حتى بعضها، انتجاعا لمرعى، أو هربا من عدو، أو نجاة بمغنم، أو فَرَقاً من طلب، أو طلبا لمأوى. لقد قرأت الجماهير تعويذتها المقدسة وفاهت ناطقتها بداعية البَيْن. راود حلم الخلود أعزة سلفوا، وهمست الأماني في آذانهم، لكن ناعقة الفراق أندى صوتا، حين يصيخ لها الزمن سمعا. لقد انقضى الأجل الذي فلنحرر شهادة الوفاة، ولنبدأ مراسيم الدفن. قافلة المظالم تشق عباب المستحيل قاطعة رحلة النهاية إلى قصر الرمادة في عام الرمادة، السير على الأقدام يورث الحفا، وتَفَطَّرُ الأقدام أحيانا، والجلوس على الكراسي هو الطريق إلى مغادرتها دائما. هل رأيتم من جلس على كرسي واحد طيلة حياته، أو ردحا طويلا منها؟ إنهم المقعدون فقط، والسبب أن كراسيهم متحركة، وإلا لَكانوا غادروها عندما يحين الرحيل. الكراسي الثابتة يغادرها أصحابها دائما، أما المتحركة فتدور عجلاتها بالمقعدين. طلبُ الرحيل نحو الغاية القصوى حرك شبابا من العاصمة الاقتصادية أضناهم ألم العيش، وطلب الإقامة يوجه الرئيس في الاتجاه المعاكس لرحلة الزمن الآتي يقفو أثر الفتية من عاصمة الاقتصاد إلى عاصمة السياسة، إنهم يرحلون نحو الكرسي، ويوجه الرُّبَّان الأرعن سفينة الرئيس لتغالب أمواج الزمن. إنهم يسيرون نحو المستقبل، ويغادر الرئيس إلى الماضي. رماة الطلاب فتية مُرْدٌ يُرْدُون مَغاوير أمن الرئيس من شرفات المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، يوليهم الشرطةُ الأدبارَ، لقد تغير الزمن! إنه زمن النهايات، نهاية الخوف، نهاية "الأمن"، نهاية السلطة، نهاية السطوة، نهاية الشرطة، نهاية الجنرال. لا أحد يفرض على الناس اليوم ما يريد، ولا أحد يقول عن الناس اليوم ما يريدون، لا أحد يفكر عن أحد.  المعارضة تريد الرحيل، لقد كانت تتوسل الحوار، وتنشد المشاركة، وتتمنى اللقاء، لكن السقف ارتفع من فوق رؤوسها، فجأة، ومن الغباء التعلق بالسقف ليهبط من بعد ارتفاعه، الأولى رفع الأعمدة لتظل ممسكة بالسقف، مبعدة لهب الشمس الحارقة عن الرؤوس. إعادة السقف إلى الأسفل تعني أن يَخِرَّ عليهم، ثم يأتي العذاب من حيث لا يشعرون. جماعات العنف تملي شروطها، تأسر من تشاء، تمن أو تبادل أو تفدي، هي حرة. لا أحد يمكنه فرض شيء ما، لا أحد يريد إيقافها عند حد ما، ولماذا يوقفونها ما دام الرابح الوحيد هو هو؟ "رجل" [رجل: صفة لتمييز الذكر من الأنثى من الآدميين] لا يرعى في أحد إلا ولا ذمة. ليست له ذمة أصلا. سيتحدث برام وبيران، من على منصة نضَّدَها أحمد وأحمد وبدر وصالح وجميل ومحمد، وموسى، فتَيَانِ أسودان ينتزعان صك اعتراف متأخر، انتزعه من قبل مسعود وصار، واستعاده منهما، ومن غيرهما الأسياد، يتحدثان ليقولا كل شيء أو ليقولا لا شيء، ولا تزداد شيبة مسعود إلا بياضا، لقد غشيه الموج، وهو يستنجد بميكانيكي أخرق ضاعت أدواته "فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إذَا أخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ"!!!. 

11. مارس 2012 - 14:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا