تعمل الحكومات في العالم على توفير الأمن والاستقرار لشعوبها، إضافة إلى توفير الرفاه والعيش الكريم، والارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطنين، ومن شأن الحكومات كذلك أن تشجع القطاع الخاص لإتاحة المزيد من الفرص، وامتصاص البطالة بشتى الوسائل، كما تعمل الحكومات
أيضا على محاربة الفساد، والدفع بالإصلاح الإداري والمالي لمؤسسات الدولة نحو الأفضل ...
ولأن الموضوع غاية في الأهمية نريد أن نقارن بين خريطة الإصلاح والعمل، التي رسمتها حكومة ولد حدمين لغاية العام 2019 وماتم إنجازه طيلة سنواتها الماضية، لنتأمل ما إذا كانت فعلا قطعت أشواطا نحو الإصلاح، وسير الأشغال في المشاريع والاستيراتيجيات المرسومة، والوصول إلى الأهداف المنشودة، أم أنها راحت تغطي على أخطائها، من خلال التذبذب واللجوء للخطابات التي لم تتغير إلا في الشكل حسب ما يقول بعض المعارضين .
تحدث الوزير الأول السيد يحي ولد حدمين خلال عرضه لبرنامج حكومته خلال الخمس سنوات القادمة كان ذلك سنة 2016 أمام البرلمان الموريتاني، وهو ما عرف حينها ببرنامج الخمسية، وقال إن الحكومة تنطلق من مسار إصلاحي "لا رجعة فيه" بدأه رئيس الجمهورية منذ العام 2008 وأن برنامجه يتنزل في متابعة الانجازات، والمحافظة على المكتسبات، التي حققها رئيس الجمهورية للشعب الموريتاني في مأموريته الأولى، الشيء الذي ولد آمالا أكبر للشعب الموريتاني في المأمورية الثانية لقائد الإصلاح رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.
وفي خطابه أمام البرلمان لسنة 2017 أكد الوزير الأول أن عمل الحكومة خلال السنة الماضية تركز في مجمله على كل مامن شأنه صيانة المكتسبات، وأن الحرص على استكمال البرامج السابقة للحكومة هو وحده الذي يمكننا من إنجاز برامج جديدة تحقق لبلادنا المزيد من التقدم والازدهار، وفق دينامكية تنموية شاملة ومنسجمة، غايتهاإرساء دعائم قوية تضمن الحقوق الأساسية للمواطنين وتحقق الرفاهية للشعب .
برنامج الحكومة لسنة 2017 يركز على المحاور الثلاثة الأساسية حسب ماجاء في خطاب الوزير الأول، وهذه المحاور هي :
1- ﺗﻮﻃﻴﺪ ﺩﻋﺎﺋﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ
2- ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩٍ ﺗﻨﺎﻓﺴﻲ ﻳﺤﻘﻖ ﻧﻤﻮًﺍ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ
3- ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺗﻮﺳﻴﻊ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ
وبالنظر إلى هذه المحاور الثلاثة نجد أنها تختزل تلك الإستراتيجية الشاملة التي تحافظ على سيادة الدولة وأمنها واستقراها إضافة إلى تقريب الإدارة من المواطن، وتوفير العيش الكريم للمواطنين ،وتجعل الباب مفتوحا أمام المستثمرين والشركاء الأجانب لزيادة الاستثمار والتعاون المتبادل بينهما واستفادة الدولة من أصحاب الكفائات والخبرات والمؤهلات العلمية...
وخلال السنوات الماضية حرصت الحكومة على توطيد دعائم الدولة وتحسين الحكامة العمومية، ونجحت نجاحات باهرة في مواجهة التحديات الأمنية وإزاحة خطر الإرهاب عن البلاد، عبر خطة أمنية محكم، دعمت بمؤتمرات دولية آخرها مرتمر مكافحة الإرهاب لعلماء السنة الذي أقيم في نواكشوط مارس الماضي وناقش العلماء فيه الأساليب الكفيلة بالقضاء على الظاهرة الإرهابية ومواجهة التطرف .
وساهمت حكومة ولد حدمين في الحد من فوضى تدفق المهاجرين وأصبحت موريتانيا شريكا أساسيا يعول عليها دوليا وإقليميا في تعزيز الأمن والسلم، بعد سنوات من الضعف والخمول في هذا المجال، كل ذلك بفضل السياسة الناجعة التي انتهجتها الحكومة بتعليمات سامية من فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
إضافة إلى ذلك شهدت البلاد نقلة نوعية نوعية في مجال التكوينات المختلفة، وتقوية الكادر البشري للقطاعات الحساسة في الدولة واكتتبت عبر المسابقات التكررة آلاف الشباب العاطلين عن العمل، كما تم تصحيح وضعية العمال غير الدائمين عبر إتاحة الفرصة لهم في المسابقات للولوج إلى الوظيفة العمومية وهي مشكلة كانت مطروحة للدولة استطاعت حكومة ولد حدمين التغلب عليها .
كما طورت الحكومة النظام القضائي للدولة عبر مراجعة النصوص وملائمتها للواقع المتغير، أو سنها قوانين جديدة، واستحداثها لمحاكم مختصة في محاربة الرق والقضاء على مخلفاته.
أيضا كان الحوار الوطني الشامل ثمرة للقاءات ومشاورات تمهيدية جمعت اللطيف المعارض وأحزاب الأغلبية توصلت فيها أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار مع الأغلبية الرئاسية إلى اللحظة التاريخية حيث وقعتا معا (المعارضة + الأغلبية ) مذكرة تفاهم سياسي تنحو نحو تأسيس الديمقراطية الموريتانية من جديد وترسيخها عن طريق إصلاحات دستورية تعزز من مكانة الدولة وتحرر نهضتها وبنائها وفق الرؤية البصيرة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز وأيضا وفق تطلعات الشعب الموريتاني .
وفي المجال الاقتصادي كانت خطط وزارة ا المالية للسنة الماضية والنظام الإصلاحي الذي أعدته دليلا قاطعا على التحسن في ظل التدهور الاقتصادي الذي يهدد دول المنطقة والعالم .
وفي مجال التعاون الخارجي نجحت الحكومة في توطيد علاقات الشراكة مع الأصدقاء والأشقاء على المستوى الدولي والإقليمي، وبرهنت على نجاعة أسلوبها الدبلوماسي في القمة العربية التي انعقدت في نواكشوط، ومثل ذلك انتهجته في القمة العربية الافريقية التي التأمت في الكويت والتي اختار فيها الزعماء رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز لينصبوه رئيسا عربيا إفريقيا لهم .
وكانت زيارة الوزير الأول الأخيرة للجزائر والنتائج التي تمخضت عنها مثالا حيا للتعاون القوي بين موريتنيا والدول الشقيقة والصديقة، كما توضح زيارة رئيس الحكومة المغربي عبد الإله بن كران بعد تصريحات شباط، وكل الاستهجان والاستنكار الذي تلاها وعدم المسؤولية الذي وصفها به بيان الخارجية المغربية وجلالة الملك في اتصاله الهاتفي على فخامة الرئيس، كل ذلك يوضح أهمية موريتانيا وحرص الأشقاء المغاربة على أن لا تشوب علاقتهم بها أية إساءة .
يوضح خطاب الوزير الأول السيد يحي ولد حدمين الأخير، حرص معاليه على استكمال البرامج والخطط التنموية السابقة وضرورة ا نسجامها مع البرامج الحكومية القادمة، أنه سيكون أكثر حزما وجدية في تنفيذ برنامج حكومته الجديد وفاء بالتزاماته المدرجة في برنامج الحكومة لسنة 2017
مسيرة المهندس الوزير الأول السيد يحي ولد حدمين الحافلة بالتجارب جعلته أهلا للتحديات الراهنة وهو ماجعل رئيس الجمهورية يعطيه الثقة الكاملة لاستكمال مسيرة الإصلاح تبعا لتوجيهاته .