لا يراد لهذا المكتوب الترويج لطرف أو رؤية بل هو مجرد رأي في موضوع وطني ,من حق الجميع البحث في تفاصيله واقتراح أمثل السبل لوصول بر الأمان بعد ما قيم بعديد الحوارات واللقاءات التي شارك فيها البعض واعتزلها آخرون .
وبغض النظر عن أسباب امتناع
البعض عن حضور المشاورات فانه يبدوان الوقت في نظر الجميع قد حان لتخطي العقبات والدخول فيما ينفع الناس وأن المشاركة أضحت فرض عين علي كل منا مهما يكن مستواه العلمي ,لا نكلف –بضم النون وفتح الألف المشددة-إلا ما في الوسع .
التعديل بالاستفتاء والبرلمان :هل من فرق ؟
يضع الدستور الموريتاني ويفصل الطرق القانونية التي يتم بها تعديله في حال الضرورة, نقصد با لضرورة: مسايرة الواقع واتخاذ ما يلزم قصد جني الخير واستبعاد الشر عن الأمة ,هذا ما يمكن أن يدخل في ما يسمونه المرونة :المبدأ جيد الصيت .
وبالفعل ينص الدستور علي صنفين من التعديل :الاستفتاء والمؤتمر البرلماني .
بالنسبة للأخير –المؤتمر البرلماني –اعتمدناه لإدخال التعديلات المنبثقة عن حوار2011 الذي بالمناسبة قاطعه البعض لكن نتائجه اليوم محل اجماع بعدما تبين أنها تهم الجميع ولم تكن علي مقاس معين .
نعلم اليوم من خلال التجربة ان كل تعديل مهما تكن خلفيته والقائم عليه ,ما ان يعتمد ومع بعض الوقت وتغير الأحوال يصبح ذا بعد وطني و مادة دستورية لا فرق بينها وأخواتها في النص السامي .
ندرك كذلك أن المطلوب لحيازة التصديق علي المادة المعدلة هو الأغلبية المطلقة من الناخبين المصوتين وهو ما معناه عدم اشتراط مشاركة الجميع في الاقتراع :التصويت اذا قرار فردي حر تماما كالمشاركة في الحوار والاقتراع وعدد المصوتين لا يزيد المصداقية القانونية التي تحصل بالنصاب .
اأما القول بأن المشاركة كانت عريضة أومتدنية فبمثابة أوصاف و نعوت لا قيمة قانونية معتبرة لها وان كانت لو حصلت تعزز السيرة الذاتية في حال تعلق الاقتراع بانتخاب الأشخاص.
ومن دون عناء في البحث من الواضح اننا امام الوضع التالي :
-المشاركون في الحوار: عنهم صدرت المواد المراد تعديلها وطبيعي أنهم سيعملون ما في الوسع ايا كان النوع المتبع في التعديل وذلك بتعبئة ناخبيهم من الشعب ومن البرلمانيين .
-المقاطعون للحوار الذين سيعمدون الي توسيع دائرة المقاطعة لتشمل ناخبيهم من الشعب والشيوخ ومن من لهم بهم علاقة من النواب ذلك لأنهم قاطعوا الانتخابات التشريعية الأخيرة .
الحاصل:
أن الأطراف عندنا محددة:الطارحون للتعديل والساعون لإفشاله وبغض النظر عن الطريقة :استفتاء أو عن طريق البرلمان فالنتيجة واحدة كما بينا .
وهنا لا جرم في تبيان أنه مادام المقاطعون علي موقفهم لا ترتجي مشاركتهم والآخرون مسؤولون عن انفاذ التعديل- ما أمكنهم ذلك -فالأولي اختيار آلية البرلمان اقتصادا في الوقت والمال .
ان اكثار المشاركة ما دام الأمر هكذا ليس مسعى خاصة أن التعديل بأي من الطرق يبقي مدلوله واحدا والذي سيكون عليه الرهان هو تقليل العناء بالنسبة للجميع :الشعب :كي يتجنب الاصطفاف والاقتراع والحرج ,الأحزاب :لتتجنب العمل علي التحسيس ,الحكومة :لترشيد الموارد وعدم الانفاق من دون ضرورة .
الي من يرجع قرار الاختيار :
ان الدستور صريح في الموضوع :مبادرة الاستفتاء من صلاحيات الرئيس ثم من البرلمان –تحت ظروف معينة –والواقع ولأسباب وجيهة وموضوعية أن من يمكنه التقدم به الآن هو رئيس الجمهورية وبحسب ما ذكرنا فله الحق في انتقاء أي الأمرين يريد .
انه بحسب ما يشيع فان رئيس الجمهورية وبالنظر الي ظروف معينة قد يختار البرلمان طريقا الي تعديل الدستور فيما يتعلق بتوصيات الحوار الملتئم أخيرا .
والذي يتبادر الي الأذهان من تلك الأسباب والذي لا يكلف أي جهد تفكيري هو تجنب الانفاق الزائد بغية الترشيد في الموارد ,نعلم أن الحكومة بتوجيه من الرئيس تعتمد الي حد ما التقشف .
ومن الموضوعية بمكان أن نعتبر أننا نجهل بعضا من الأسباب المعتمدة من طرف السلطات العليا في اختيار الأسلوب الأنسب لها وليس من حقنا الالحاح من أجل الحصول عليه لأن الذي يهم العامة هو أن تكون مع أو ضد المقترح .
المقاطعون :لماذا يصدفون عن التعديل :
هنالك سبب واضح وهو أنهم لم يشاركوا في الحوار وعليه فلا يعنيهم البحث عن الحلول وان أكثر ما يطلب منهم أن لا يكونوا عقبة .
وإذا أردنا ان نستدرجهم للمشاركة فليكن ذلك عن طريق الترجية وأن نبرهن لهم بأن قابل الأيام يبعث علي التفاؤل كي نخلق فيهم روح التعاون أو المسالمة.
الأولي الابتعاد عن المشتتات :
ان تبني البحث عن المصلحة العامة وعن ما يزدهر به البلد مباين للعمل علي التنافر وغلق الباب أمام أي تناغم يصلح للتراضي .
ولئن كان الجميع يعلن أنه لا يريد إلا الاصلاح فلا اقل من اظهار القد ر الأدنى من الاستعداد لمعرفة ما عند الغير أولا وثانيا الدخول فيما من شأنه بلورة خارطة طريق بهدف التحاور والتوصل الي تحديد مكامن الاتفاق واستغلالها لبعض الوقت عساها تكون فاتحة ومقدمة تعارف ينشئ الثقة التي فقدانها من وراء كل أزماتنا.
أما البحث عن المشتتات فلا أحد يرتضي ان يتخذ ه منه منهجا أو ديدنا لسبب بسيط وهو أنه لا ترتجي منه أية عافية أو فائدة .
رفض التعديل:تعديل في حد ذاته.
ان رفض تعديل الدستور ينافي المواد المدرجة في النص ذي الأبهة فهو اذا رفض لمنصوص وإذا ما تم اعتماده يكون تعديلا من حيث لا ندري .
هذا المبحث قد يحتاج مقالا كاملا يتناول كافة مقاربات أصحاب الاختصاص مع أنه من المؤكد أن الخوض والبحث في اغلاق باب التعديل بعد التنصيص عليه قد يشكل هو الآخر خروجا علي النص السامي كما أن أي منحي في اتجاه كهذا وفق أم لا يكون في النهاية تعديلا .