التعدّد ليس سنّة / أحمد أبو المعالي

قد يكون هذا العنوان صادما للبعض عند النظرة الأولى ، مفرطا في الجراءة لكن مهلا و"اضبطوا أعصابكم" أيها المارون من هنا حتى تقرأوا التدوينة كاملة وبعدها يصبح حديثكم عنها قبولا أو رفضا مشروعا ومناسبا.
ف"تعدد الزوجات سنة" جملة ألفها البعض وتعود عليها 

وأصبحت لازمة له كلما تطرق لهذا الموضوع ،ويشهرها سلاحا بتارا في وجه كل مناقش أو مستفسر أو خلي البال والواقع أن كلمة السنة لا تصلح خبرا نحويا أو تصديقا منطقيا أو مسندا بيانيا للمبتدإ ولا للتصور ولا المسند إليه –لفا ونشرا مرتبا- عند أدنى مراجعة علمية لمن يريد الحق والحق فقط لا ما يريد هو أن يسمعه أو ألفته طبلة الأذن. فما معنى كون التعدد ليس سنة؟
لمناقشة الموضوع لابد من تعريف السنة حتى نعرف مدى إمكانية إسقاطها على التعدد لأن الحديث العلمي لابد فيه من تحديد المصطلحات والحقول الدلالية تحديدا دقيقا قبل أن نصف بها هذا الموضوع أو ذاك.
درج العلماء على تعريف السنة حسب المجال موضوع الدراسة.
ففي العقائد ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة قولا أو فعلا وتقابلها البدعة وقد يضيق المجال فتكون السنة مقابل الشيعة.
وفي علم الحديث: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية؛
-عند أهل الأصول ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرءان من قول أو فعل أو تقرير.
وفي الفقه : ما رغب فيه الشارع ويثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
والمتأمل في التعريفات السابقة يدرك أن الحديث في الأنكحة ليس في العقائد ولا في الحديث ولا في الأصول وإنما في الدرس الفقهي وفي هذا السياق تندرج الأنكحة ضمن المباح ولا يتحدث الفقهاء عن السنة والبدعة إلا في حالة واحدة وهي الطلاق السني طلقة واحدة في طهر لم يمسها فيه و يقابله الطلاق البدعي ،أما ماعدا ذلك من أمور الأنكحة فلا يوصف بالسنة ولا البدعة وإنما تعتريه أحكام الشرع لملابسات ومقتضيات معينة تغير حكمه- شأنه شأن الزواج من واحدة- فينتقل من دائرة الجواز إلى دائرة الحرمة في حالة التأكد من عدم العدل أو الوجوب في حالة خشية الفتنة أو الاستحباب إذا كان بنية تكثير النسل أو رعاية الأرامل مثلا وقد يكره إذا كان إذا كان سيؤدي إلى ترك بعض فضائل ألأمور أو يكون سببا في طلاق الزوجة الموجودة
وبهذا التقسيم نلحظ أن كلمة السنة المصاحبة للتعدد ليست دقيقة من الناحية العلمية ففعله له صلى الله عليه وسلم كان لحكم يفقهها الباحثون في الموضوع ومؤذنا بالجواز في غير ما اختص به صلى الله عليه وسلم وهو مثل زواجه من الثيب والبكر والأرملة وغيرها .. ولو كان الأمر ترغيبا منه صلى الله عليه وسلم لفعله الصحابة رضي الله عنهم "تسننا" وهو ما لم يحدث ولم يؤثر عنهم الإقبال عليه وهم أحرص الناس على السنة وطلب الثواب.
لذلك فالحديث عنه حديث في دائرة المباح فمن قدر وشاء فعل ومن لا يقدر أو لا يشاء لا ضير في ذلك.. .لا هذا الفاعل مطبق للسنة ولا ذاك التارك منغمس في البدعة بالمعنى الفقهي..
من هنا فإن من الشطط القول بتكفير أو تبديع أو تفسيق من لا ينصح به أو لا يراه مناسبا لمقتضيات محددة .. نعم قد يدخل ذلك في باب "لم تحرم ما أحل الله لك" ولكن كما ذكرنا ذلك سابقا لهذا "الحل" موانع وشروط إن وجدت الأولى أوانتفت الثانية يصبح الحديث عن "الترك" حديثا شرعيا لا غبار عليه ..وهذا خلاف ما دأب عليه البعض من سرعة التفسيق والتبديع تحت يافطة كبرى تقول إن التعدد سنة وقد أوضحنا أن ذلك ليس بالدلالة الفقهية التي هي المدار في أحكام الشرع..
فلنفهم الفروق بين المصطلحات ومجالاتها ..ولنطلب العلم قبل أن نصدر أي حكم أوقول حتى لا نضل أو نزل أو نقول على الله بغير علم.
والله تعالى أعلم.

11. يناير 2017 - 16:24

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا