يعلق المجتمع الدولي والشعب الغامبي الشقيق آمالا كبيرة على الوساطة التي بدأها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، أمس، لحل الأزمة الغامبية التي وصلت إلي منعطف خطير بعد إعلان الرئيس يحيى جامي لحالة الطوارئ وتوافد الحشود العسكرية إلى الحدود لقرع طبول الحرب.
ورغم العلاقات التاريخية القوية التي تربط غامبيا بموريتانيا، والعلاقة الشخصية القوية بين الرئيسين جامي وعزيز، إلا أن مطبات كبرى ستعترض طريق الوساطة، وقد تعمل على إفشالها. وإن من أبرز هذه المطبات:
- عملية بيع السنوسي: فمن الصعب على الرئيس الغامبي ونظامه أن يثقا في ولد عبد العزيز بعد بيعه لمدير المخابرات الليبية الذي كانت تربطه علاقات قوية بنظامه. ولعلكم تتذكرون الأزمة التي عقبت انقلاب ولد عبد العزيز، وكيف انحاز القذافي لصالحه في انتخابات 6-6، وإلى أي حد ساهم في شق الصف الدولي المناهض للانقلاب في موريتانيا، مما جعل الأمور تتجه إلي اتفاق دكار، ومن ثم تمكين ولد عبد العزيز من السيطرة على الوضع. كل ذلك لم يشفع للسنوسي، وهو درس لاشك أن جامي سيستحضره أثناء تعاطيه مع العرض الذي يقدمه الرئيس الموريتاني لحلحلة الوضع في غامبيا.
- نـَـكـْـث الاتفاق مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي والقاضي بتسليم الدركي ولد المختار الذي كان مختطفا لدى التنظيم، إذ أن الجيش الموريتاني، فور استلامه للدركي وفق الشروط المتفق عليها سلفا مع التنظيم، وجه طائراته مباشرة لقصف المجموعة التي كانت تتولى عملية التسليم في نَكْث خطير بالعهد ومخالفة غير مسبوقة لكل الأعراف؛ فكل الدول في العالم - بما فيها أمريكا وفرنسا- توقع اتفاقيات مع هذه التنظيمات وتفي بمقتضياتها.
- عجز ولد عبد العزيز عن حل الأزمة الساسية في بلاده وسحب معارضته لثقتها المطلقة فيه، مما جعله يفشل حتى في تنظيم حوار معها، فهي تطالب، منذ الإطاحة بالنظام المدني المنتخب، بإجراءات ملموسة لبناء الثقة قبل أي حوار يراد له أن يكون مقنعا وناجحا وغير عبثي.. هذا الوضع الموريتاني الداخلي لن يغيب أبدا عن أطراف الأزمة الغامبية.. فكيف يمكن للغامبيين أن ينتظروا من ولد عبد العزيز أن يعطيهم أكثر مما يملك؟ أو أن يعطيهم ما لا يملك، ويقدم لهم حلولا عجز عن رسمها في بلاده؟..