الحمد لله رب العالمين أمر بإتباع النبي الأمين وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين فقال عز من قائل : ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم﴾، وقال عز وجل : ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه﴾،
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأكرم المرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد فإن الله عز وجل أوجب على المؤمنين اتباع النبي الأمين وصحابته المقتفين أثره ثم التابعين، وإن من لوازم اتباع النبي صلى الله عليه اتباع سنته والتمسك بها والعمل بها، ويتأكد ذلك في أفعال الصلاة وأقوالها إذا أمر صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : {صلوا كما رأيتموني أصلي} ''البخاري'' والأصل في الأمر الوجوب، ومن ذلك سجود التلاوة في الفريضة فضلا عن النافلة، فإن من الناس من يظن أن سجود التلاوة في الفريضة زيادة.
فلقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث أنه سجد في الفريضة كما صح ذلك عن أصحابه والتابعين، فقد جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى صلاة العتمة فقرأ سورة ﴿الانشقاق﴾ فسجد فقيل له، فقال رضي الله عنه : لو لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد ما سجدت ''البخاري ومسلم''، كما نقل ذلك أيضا عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم منهم أبو بكر وعمر إذ صلى عمر الصبح بالحج فسجد سجدتين ''السنن الكبرى'' وغير ذلك كثير لمن أراد البحث عنه والاضطلاع عليه.
ومن ذلك ظن بعضهم أن قراءة سورتين في ركعة واحدة زيادة.
فلقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بسورتين في ركعة واحدة كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه : {إني لأعلم النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن سورتين في كل ركعة} ''مسلم والنسائي وغيرهما'' ، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي الذي بعثه على رأس سرية فكان يقرأ ب﴿سورة﴾ ثم يختم ب﴿الإخلاص﴾ في كل ركعة فشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسئل فقال : أحبها لأن فيها صفة الرحمن ''البخاري''، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقر على غير السنة، كما ثبت ذلك عن عمر رضي الله عنه، فقد نقل أبو هريرة رضي الله عنه عن عمر أنه قرأ بهم ﴿النجم﴾ فسجد ثم قام فقرأ سورة أخرى ''السنن الكبرى'' وغيره كثير والحمد لله رب العالمين.
فعلى الفقهاء أن يبحثوا عن السنة ويعلموا أن الفقه في معرفة السنة وفهمها والعمل بها وصلى الله على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.