لماذا يغرد البعض خارج سرب الإجماع / إسماعيل ولد الرباني

لم يكن أحد يتصور، حينما بلغت القلوب الحناجر واندفعت الأزمة الغامبية إلى مرحلة اللا عودة، وتم تشريد مئات الآلاف من الغامبيين والمقيمين حتى قبل أن تحصل الكارثة، ووقفت المنطقة على شفا الهاوية.. أن تؤتي جهود الرئيس محمد ولد عبد العزيز ثمارها.

بدأ المرجفون في المدينة التشكيك في قدرة الرئيس على حل الأزمة المتفاقمة، وباتوا يصفون تدخله بالمتأخر، لكنه كان واثق الخطى وهو يقوم برحلاته المكوكية بين نواكشوط وبانجول ودكار.

كان شجاعا حينما كانت طائرته تعبر الأجواء الغامبية بالتزامن مع تقدم قوات "الإيكواس" برا وجوًا، لتحط على مدرج مطار بأنجول الدولي دونما خوف أو وجل.

لقد أبانت الأزمة الغامبية عن مدى الاحترام والتقدير الذي يحظى به الرئيس محمد ولد عبد العزيز إقليميا ودوليا، وذلك حينما استجاب الافارقة دون تردد لطلبه تعليق العمليات العسكرية، وعندما عبرت حكومات الدول الفاعلة على المسرح الدولي عن دعمها ومؤازرتها لوساطته.

ساعات، وتثمر الوساطة الموريتانية، المدعومة غينيا، عن انخفاض مؤشر التوتر والاحتقان والترقب إلى درجة الصفر، مفسحا المجال أمام ارتفاع منسوب الأمن والاستقرار والثقة في المستقبل لدى الغامبيين وشعوب المنطقة، بل والعالم كله.

لقد شكل نجاح مساعي الرئيس محمد ولد عبد العزيز في إخماد لهيب حرب، كانت شظاياها كفيلة بتدمير أمن واستقرار دول المنطقة، على غرار ما حدث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. شكل درسا للإخوة المتقاتلين في أكثر من جبهة، مفادها أن لغة الحوار الهادئ والتعقل والبحث عن مكامن التوافق والمصالح المشتركة يمكن أن تكون أعلى من صوت المدافع والصواريخ والمتفجرات وأزيز الطائرات الحربية.

نجحت الوساطة، وحُقنت الدماء، وعاد الأمل.. لكن السؤال المحير يبقى:

لماذا لم ينل تثمين الجهد التاريخي للرئيس محمد ولد عبد العزيز حظه من اهتمام لدى القلة التي آثرت المضي في المكابرة والتجاهل؟!.

غير أنني أسجل بارتياح موقف حزب "تواصل" الاسلامي المعارض، وصاحب منصب زعيم المعارضة الديمقراطية، وغريم السلطة القائمة، الذي كان من أوائل المثمنين لنجاح الوساطة الموريتانية.. فلماذا يغرد البعض خارج سرب الإجماع؟.

23. يناير 2017 - 8:08

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا