هجمة جديدة، متجددة.. تلك التي يتعرض لها النظام في موريتانيا هذه الأيام من قوى معارضة، وشخصيات، ومنابر إعلامية دأبت على اقتناص كل سانحة لممارسة جلد النظام، وترديد أسطوانتها المشروخة التي ملها الشعب، رغم أن أصحابها لم يملوا ترديدها ليل نهار، والمفارقة الغريبة أن معارضي النظام يؤمنون ببعض المؤشرات، ويكفرون ببعض، في انتهازية واضحة، ومغالطة فاضحة.
فعندما تأتي شهادة من مؤسسة دولية تشيد بسياسة موريتانيا في مجال معين، يصاب هؤلاء بصمت القبور، وكأن الأمر لا يعنيهم، وعندما يأتي تقرير من هنا، أو هناك ينتقد بعض جوانب السياسة في البلد يتلقفون ذلك بكل فرح، وسرور، ويضخمونه، بل ويدخلونه في سياقات لم تكن مقصودة من طرف أصحاب التقرير أصلا.
لو كانت الصدارة الموريتانية تعني هؤلاء، لتحدثوا بإسهاب عن ذلك، فخلال السنوات الأخيرة تصدرت موريتانيا العديد من المجالات في محيطيها: العربي، والإفريقي، وهذه أمثلة فحسب، فحرية الصحافة والتعبير تتصدرها موريتانيا بفارق كبير منذ سنوات، والمؤسسات المالية الدولية المعتمدة أشادت بسياسة البلد في أكثر من مناسبة، وتقرير، والدبلوماسية الموريتانية باتت محط أنظار الأفارقة، والعالم، وأصبح الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عراب السلام في بؤر التوتر، وداعية سلام في القارة، بشهادة الجميع، وخاصة قناة الجزيرة، التي يعتبرها بعض معارضينا قناة "لا تنطق عن الهوى".
والحكومة الموريتانية الحالية أعلنت عن مشاريع تنموية عملاقة في مختلف المجالات، وفي جميع مناطق الوطن، كل هذه التصنيفات، والتقارير، والمؤشرات، والإنجازات لا تعني بعض المعارضين في شيء، ذلك لأنهم ببساطة غير موضوعيين في انتقاد للنظام، وأبعد ما يكونون عن الشفافية، فمستواهم منخفض على مؤشر الشفافية حد الصفر، ومع ذلك يتحدثون عن الشفافية، وكأن النظام وحده مطالب بها !.
متى كانت معارضتنا شفافة، ؟؟؟ هل كانت شفافة عندما تغالط الشعب بمعلومات زائفة، وتصريحات كاذبة، ثبت عدم صحتها، رغم أنهم أكدوها بالأيمان المغلظة ؟ هل كانت المعارضة شفافة حين تأخذ من سياسة النظام ما يتناسب مع مصالحها الشخصية، وترفض الآخر، ورفض المشاركة في الحوار السياسي، والتعاطي مع نتائجه خير دليل على ذلك..؟؟
إن مشكلة بعض معارضتنا هي أنهم يفهمون أن دور المعارضة هو "التعطيل" والتثبيط، والإحباط، فهم يوزعون الأوهام على المواطنين، ويزرعون اليأس، والتشاؤم، وهم بذلك تحولوا إلى معرضة للوطن، وليست معارضة للنظام، وشتان بين الاثنين.
لا يوجد نظام بدون أخطاء، هذا صحيح، ولكن ما هو صحيح كذلك أن المعارضة تخطئ هي الأخرى، فالعصمة السياسية ليست من نصيبها قطعا، ومع ذلك لم نجد معارضتنا تتحدث – ولو مرة واحدة- عن أخطائها، وضرورة تصحيح مسارها، ومعالجة اختلالاتها، بل على العكس من ذلك يستميتون فقط في مهاجمة النظام، ويستأسدون في تبرير أخطائهم، وتكرارها، ومع ذلك يتحدثون عن الشفافية !!.
إن من أغرب ما نسمعه أحيانا لدى بعض المعارضين للوطن قولهم بصراحة في بعض الخرجات الإعلامية إن النظام لديه بعض السياسيات الإيجابية، والقرارات الجيدة، لكنهم لا يريدون الاعتراف بذلك، لأنهم "معارضة" وكأن المعارضين دائما كـُتب عليهم أن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وذلك من باب الشفافية..!!.
إنه لمن المؤسف، والمخزي أن نشاهد المعارضات في جميع الدول تتوحد مع النظام، والشعب في لحظات فارقة، وأحداث مصيرية للأمة، وإنجازات وطنية تعود بالنفع على الوطن، والمواطن، إلا أن معارضتنا لا تفعل ذلك، فهي لا تميز بين ما للنظام، وما للوطن، فمثلا عندما تنجح موريتانيا في استضافة، وتنظيم قمة عربية ناجحة خلال ثلاثة أشهر، في أكبر حدث تشهده البلاد منذ استقلالها، وعندما تنجح موريتانيا في قيادة وساطات ناجحة، وتنزع فتيل أزمات استعصت على جميع المتدخلين، من دول، ومنظمات، وعندما تترأس موريتانيا العرب، والأفارقة، ويرفرف علمها خفاقا في الصدارة في المحافل الإقليمية، والدولية، كل ذلك لا يعني المعارضة، وتعتبر دعمه جزء من دعم النظام، وذلك لأنها – أي المعارضة- حريصة على الشفافية !!.