قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبتْ أقدامكمْ) صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
لقد أظهرت مدينة نواكشوط يوم أمس بلا أدنى شك أو مواربة أنها من بين جميع مدن العالم عاصمة النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلا منازع أو مماري,
لقد خرجت جماهير نواكشوط الهادرة والمظفرة بإذن الله تعالى في يوم الحشد الأكبر عن بكرة أبيها صوب عرفات شنقيط كبارا وصغارا رجالا ونساء شيوخا وشبابا وحتى أطفالا لم يبلغوا الحلم بيضا وسودا وسمرا...ومن شتى المشارب والاتجاهات الفكرية والأيدلوجية والثقافية والسياسية..., غير آبهين بما يعترض سبيلهم من عنت ومطبات.. والقاسم الواحد والوحيد الذي يجمع بينهم هو حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفداؤه بالأنفس والأموال وما أعظم ذلك القاسم المشترك وأكرمه على الله بأبي هو وأمي, وأيم الله لقد قالت حشود نواكشوط الهادرة بالأمس كلمتها بأفصح لسان, وأبلغ بيان.. وهي دون رتوش أو مواربة: لا لا وكلاّ وأدوات النفي كُلاّ, لا مكان بين أحفاد الشناقطة والمرابطين للملحدين والمسيئين والمتطاولين والمنافقين... أيا كونوا وحيثما كانوا فبعدا بعدا بعدا...وسحقا سحقا سحقا (ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله..) لقد أظهرت الجماهير المتدفقة عفويا دونما تأطير أو تحسيس.. ودون أدنى خجل أو حياء.. في جميع مدن الجمهورية الإسلامية الموريتانية نصرة للجناب النبوي الشريف وذبا ودفاعا عن المقدسات الإسلامية جمعاء أننا ولله الحمد وله المنة والثناء الحسن ما زلنا في بلاد المنارة والرباط ورغم ما نسام به من الخسف والهوان ومن موجات الزندقة والإلحاد المتدفقة كالريح العاتية لا تبقي ولا تذر..! أقول ما زلنا ولله الحمد رغم كل هذا وذاك بنا وفينا بقية أخلاق وشيء من التقوى, وأننا نأبى بكل ما أوتينا من قوة واقتدار.. وبجميع فئاتنا وأعراقنا واتجاهاتنا... أن نسام الذّل والهوان في ديننا وعقيدتنا وهويتنا المشتركة والناصعة البياض, ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ هالك. بلى إن الشعب الموريتاني الأصيل المسلم المسالم وبكل فئاته وألوانه ومشاربه... يمكنه أن يبيت على الطوى ويمكنه أن يصبر على شظف العيش ونكد الدهر ويمكنه أن يقاسي معاناة الحياة بشتى صنوفها ومرارتها ويمكنه ويمكنه...! لكنه وبكل عنفوان وجدارة.., لم ولن وأقولها بالفم الملآن لم ولن يصبر فواق ناقة حين يتعلق الأمر بمقدساته ومهما كلفه ذلك من معاناة وتضحيات...!! فعلى الملحدين والمسيئين والمتطاولين وأنصارهم وأعوانهم وأشياعهم.. المتشبعين من ثقافة الغرب حدَّ الثمالة, واللاّهثين خلف حضارتهم الزائفة والذابلة.. ألاّ يختبروا مدى صبر الموريتانيين إذا ما تعلق الأمر بمقدساتهم, فإنهم لعمري صبرٌ لدى الحرب صدقٌ عند اللقاء. وما حشود النصرة عنا ببعيد.
لقد وفقت المحكمة العليا الموريتانية في جلستها يوم أمس أيّما توفيق ولله الحمد وله المنة والثناء الحسن, لقد أثلجت المحكمة العليا بقرارها الصادر عنها أمس صدور الموريتانيين بل وجميع المسلمين في أنحاء المعمورة جمعاء وهذا أقل ما كان يتوخى منها الجميع نصرة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. لكننا ومع تقديرنا لما قامت به فإننا نطالب بالمزيد وهو الإسراع في تشكيل محكمة الاستئناف التي سيحال إليها هذا الملف في أسرع وقت ممكن والله ولي التوفيق وهو الهادي سواء الطريق.
ختاما لا يسعني هنا وفي غمرة الفرح والحبور إلاّ أن أسطر قصيدة سبق وأن قلتها نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذبا عن مقدسات المسلمين وهي:
على شاطئ الغضب
رتِّلْ قصيدكَ بالإخلاص والحكم***وانشرْ شذاها يعمّ الكون بالألم
واعزفْ على وتر الأوجاع مرتجفا***رهنَ المهانة والحرمان والندم
وانثرْ على صفحات الكون قافية***تُذكي النَّفير ليوم البأس والنقم
واصبرْ على مضض الأيام معتصما***واسْكبْ رآكَ تضيءُ البدر في الظلم
والق القريضَ على ما كان من كمدٍ***على صفيح من الأحزان والحمم
وابكِ الألى سلفوا أيامَ صحوتنا***منْ جاهدوا بالرّؤى والسيف والقلم
ورابطوا في دروب المجد وانتصروا***للدين من نزوات الكفر والصنم
صدوا العدى عن حياض الدين قاطبة***بالجدِّ والجهد والإخلاص والهمم
فما استكانوا وما لانتْ عزيمتهم***في الحرِّ والقرِّ والأهوال والسقم
يُنافحون بعزم لا هوان به***يوم الوغى وسقوط الهام واللّمم
يدرِّسون كتاب الله في مهلٍ***والحق شيمتهم بالحل والحرم
حتى استنارتْ رُبى شنقيط ناصعة***بالعلم والحلم والإخلاص والحكم
وطار صيتُ صداها في المدى ألقاً***يضيءُ كل بقاع الأرض والأمم
كانتْ منارة علم والمدى وهجٌ***بالمجد والعبق المختال والكرم
كُنا أناساً وكان المجد ديدننا***والعلم مُرشدنا في أحلك الظلم
واليوم بعد الذي حُزناه من ألقٍ***نسيرُ في عرصات التيه والعدم!
كأننا في مرايا الكون عاصفة***ترمي المناكر بالأرجاء والقمم!
تجري الرياحُ بحزن لا قرار به***من المكائد والإرجاف والنقم
وسطرَ الملحدون البغيَ في بلدٍ***كانتْ مآذنه تنسابُ بالحكم..!
فهلْ بلغنا هواناً في عقيدتنا***حتى يداسَ كتاب الله بالقدم!!؟
أما كفانا خنوعاً في ديانتنا***نسامُ بالخسف والإلحاد والحمم..!؟
أيُستباحُ حمانا دون ما خجلٍ***كل ورب الورى والطور والقلم!؟
لأحملنَّ على الأعداء في غضبٍ***يشفي الغليل من الأوباش والرِّمم
بالأمس ديسَ على أعلام ملتنا***بلا حياءٍ ولا خوفٍ ولا ندم..!!
ويُستهان بخير الرسل قاطبة***حامي الخليقة من عرب ومن عجم!
واليوم هذا كتاب الله ملجأنا***ما ذا دهاكمْ حُماة الدين والحُرم!!؟
أيا عزيز وأيم الله ول صدحتْ***منا الحناجر ملأ الأرض والقمم
لما تبددَ ما نلقاه من كمدٍ***ومن عذاب ومن حقدٍ ومن ألم..
أيا عزيز إذا ما كنت منتصرا***للدين فاقبض على الأنذال والخدم
وطهر الأرض من أوضار منهجهم***بالجد والحدّ والإعدام والنقم
إياك والضعف في عصر تعيث به***أيدي الخوارج والإلحاد والظُّلم
هذا بلاغٌ وفي الأخرى خواتمنا***هل بالسعادة أمْ بالخزي والندم؟
ولله الأمر من قبل ومن بعد, وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.