مؤسسة المعارضة الديمقراطية، حسب النصوص المنشئة لها، مؤسسة دستورية تسهر على تسهيل التواصل، معرفة، وليس نكرة، بين أحزاب المعارضة بكل أطيافها؛ الوطنية والراديكالية، المحاورة والمقاطعة،
وبين الأغلبية بكل أطيافها، بهدف تنقية المناخ السياسي حتى يكون صحيا يرتاده كل من موقعه، ويتنافس فيه الجميع وفق ضوابط واضحة بهدف تقديم الأفضل للوطن. بناء عليه، ليست مؤسسة المعارضة حزبا سياسيا، ولا تنتمي إلى المعارضة، ولا إلى الأغلبية، فهي شبيهة بالمجلس الدستوري، لكن مجالها هو الحقل السياسي.
ومن ثم لا يجوز لمؤسسة المعارضة الديمقراطية إصدار بيانات باسم المعارضة، ولا تبني مواقف الحزب الذي ينتمي إليه رئيسها. فللمعارضة مؤسساتها السياسية التي تنتظم فيها وفقا لتوجهاتها السياسية وهي التي تنشر بيانات باسمها، مثل المنتدى الذي يعبر عن وجهة نظر مجموعة أحزاب معينة، وهناك أحزاب أخرى معارضة تنتظم في تجمعات أخرى، وحزب يتكتل على نفسه.
وحين تصدر مؤسسة المعارضة بيانا باسم المعارضة، فعن أية معارضة تتحدث؟ فالمعارضة لا تنتمي للمؤسسة الوقور سياسيا، وإنما تنتمي إليها دستوريا، ولا يصح أن تحل محلها في ممارسة الأنشطة السياسية المرخصة للأحزاب السياسية، أحرى الأنشطة المحظورة مثل استقبال رئيس جماعة غير مرخصة تنشر خطاب الكراهية وتشوه صورة الوطن في الداخل والخارج.
كان الرئيس أحمد ولد داداه، أثناء إدارته لمؤسسة المعارضة الديمقراطية مدركا لطبيعة المؤسسة، ففصل بين نشاطه السياسي في حزب التكتل، وإدارته لمؤسسة المعارضة، فكان يصدر بياناته السياسية باسم حزبه. لكن الذين خلفوه تعودوا على ممارسة سياسية قائمة على تعدد الأذرع العلنية والخفية، السياسية والأمنية، الاقتصادية والخيرية، والدعوية والدعائية، الإعلامية والبشمرغية... فظنوا مؤسسة المعارضة الوطنية ذراعا جديدا يزداد به الأخطبوط قوة إلى قوته... حزبا جديدا يضاف إلى حاتم وبسمة، والقربان الذي أكلته النار، والبيمارستان، والصرافات، والزكوات، والصيدليات، والمعاهد والآبار، والمنابر والمتاجر...