تمتاز القضية الصحراوية بديناميكية كبيرة حاليا ، يكسب فيها الصحراويون ساحات متعددة ففي حين أعلنت محكمة العدل الأوربية نهاية ديسمبر الماضي بصورة واضحة بعد مسار قضائي طويل أن إدراج سمك الصحراء الغربية في اتفاقيات يبرمها الاتحاد الأوربي مع المغرب
باطل وان الشعب الصحراوي من خلال ممثله الشرعي والوحيد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب هو المخول الوحيد قانونا ببيع خيراته من اسماك وغيرها وهو قرار مهم فتح الباب واسعا أمام الصحراويين لحماية خيرات أرضهم ، كما انه يمنع المغرب او على الأقل يصعب عليه استغلال خيرات الصحراء الغربية.
فان دولة أوربية مهمة هي اسويسرا قبلت انضمام الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب كعضو في اتفاقيات جنيف وأبلغت بذلك كل الأعضاء حسب ما يقتضيه القانون ومن المعروف ان هذه الاتفاقيات لا تقبل فيها الا الدول المستقلة او الحركات التي تناضل ضد الاستعمار .
كما ان المعركة الكبيرة التي خاضها المغرب من منتصف السنة الماضية من اجل الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي الذي كان قد انسحب سنة 1984 من سلفه منظمة الوحدة الإفريقية واصفا اياها بمهرجان الطبول ، برهنت إلى حد كبير على عدالة القضية الصحراوية وقوتها.
فإذا كان المغرب قد ضرب الباب سنة 1984 على القادة الأفارقة المجتمعين في قاعة صغيرة في آديس بسبب موقفهم الواضح من كفاح الشعب الصحراوي من اجل الحرية والاستقلال وإصرارهم على منح الدولة الصحراوية العضوية الكاملة في منظمتهم ، فانه حاليا ظل واقفا أمام القاعة الكبيرة في مقر الاتحاد الإفريقي الجميل الذي أصبح احد معالم العاصمة الاثيوبية ويرفرف على رأسه العلم الصحراوي ينتظر من القادة الأفارقة السماح له بالدخول دون اي شروط قابلا الجلوس مع الدولة الصحراوية العضو المؤسس للاتحاد الإفريقي مقدما كل الشروط التي طالبته بها المفوضية السامية للاتحاد الإفريقي ، فكيف يمكن فهم كل هذه "التضحيات" من طرف المغرب الذي ظل الى وقت قريب قمة مالابو الاخيرة يرفض الجلوس مع الجمهورية الصحراوية حيث انسحب احتحاجا على وجود العلم الصحراوي وشعار الدولة الصحراوية و لم تنسحب معه دولة افريقية واحدة وهو المنهي توه جولة افريقية طويلة عريضة.
ماذا تغير حتى يجتمع البرلمان المغربي بغرفتيه ويصادق على ميثاق الاتحاد الافريقي الذي يتضمن البند الرابع منه الاعتراف بحدود الدول الموروثة عن الاستعمار، ويضم اسماء وخرائط الدول الأعضاء الأربع والخمسين بما فيهم طبعا الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، ويقدم ملفا بحدوده الدولية المعروفة ، ومن المعروف انه ليست هناك دولة واحدة في العالم تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية ، كيف ابتلع البرلمان المغربي الميثاق الإفريقي دون ان ينبس بكلمة واحدة ، يبدو ان المتغير الوحيد الذي فرض كل هذا على المغرب _ وهو يعرف انه في الجولة الاخيرة من الصراع _ هو تأكده بعد ما يزيد على اربعة عقود من صلابة وتماسك الشعب الصحراوي ونضاله المستمر وخاصة في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية حيث اشتدت انتفاضة الاستقلال وتزداد يوما بعد يوم قوة و اشتعالا.
كما ان وقوف قوات الجيش الصحراوي البطل في الكركرات على بعد خمسين مترا من الجيش المغربي فارضة عليه التوقف الفوري عن ما كان يقوم به والتراجع الى جحوره ذلك هو ما فرض على ملك المغرب ان يجلس على بعد خمسة امتار من الرئيس الصحراوي السيد ابراهيم غالي في قمة آديس ابابا الأخيرة ربما يكون ملك المغرب قد استوعب المثل الافريقي الذي يقول : رجل واحد يمكن ان يطلق الحرب ولكن لصنع السلام لابد من رجلين .