قليلة هي اللحظات التي تصادف المرء في حياته ويكون فيها أمام خيار حاسم لا رجعة فيه ، فإما أن يكون على موعد مع التاريخ وبالتالي على موعد مع مجده وخلوده أو يختار الطريق الآخر المرادف للنسيان والغياب و الانمحاء إن لم نقل خيانة الذات..
إن موريتانيا الجديدة التي ستولد مع المصادقة على مخرجات الحوار في أمس الحاجة إلى أبنائها البررة وهي تدعوهم إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية لتجسيد تطلعاتنا الوطنية في بناء وطن يستجيب لثوابتنا وقيمنا الأصيلة ..
يا ممثلي الشعب من نواب وشيوخ،
لا احد ينكر المؤامرة التي عانت منهاا أجيال المواطنين عند الحصول على الاستقلال والتي تمثلت في عمليات المحو العنيفة التي تعرضت لها الذاكرة الوطنية، فبقصد وتخطيط تم الشطب على حقبة المقاومة الوطنية المجيدة التي كبدت المستعمر الأجنبي خسائر فادحة في قواده وجنوده وممتلكاته .. وخلال الخمسين سنة الماضية لم يعرف الطالب والتلميذ في مادة التاريخ إلا دروسا مستفيضة عن حركات التحرر العربية والإفريقية والآسيوية وكأن أجدادنا لم يقتلوا القائد "كبولاني" والضابط "مانجين" و "ربو" و "دي جرفال" وغيرهم عبر طريق من الآلام والهزائم بدأت من سهوت الماء سنة 1903 الى أم التونسي سنة 1932 مرورا بألاك ودركل وتجكجة والنيملان والكويشيش والرشيد وكيهيدي وسيلبابي واكجوجت وأماطيل والبيرات والنعمة والبيظ وكيفة واجحافية وتيشيت ونواذيبو وتوجنين والشريريك وآزويكه وغسرمت ووديان الخروب .. تراث باذخ من المجد فرضت عليه الحقب البائدة صمتا مطبقا .. بل إن من يتحدث عنه يتعرض للمساءلة والتجريم وبمقابل ذلك كانت حصة التاريخ المقدمة للطالب عن حركات التحرر العالمية مبالغ فيها.. وجاء فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ليعيد الاعتبار لحقبة المقاومة الوطنية في مبادرة تاريخية غير مسبوقة فللوطن حراس ضحوا بدمائهم من اجل المحافظة عليه ارضا ودينا وثقافة وهم يستحقون كل التمجيد والتبجيل فأعلن فخامته الترحم عليهم في مناسبات الاستقلال وقام بتكريم المجاهد أحمد ولد بهدة وأطلق اسم شارع المقاومة على أهم شارع في نواكشوط وكذلك اسم معركة أم التونسي على أكبر مطار في المنطقة.. وهو يدرك أن تكريم أبطال المقاومة هو تكريم لكل موريتاني حر وكريم عل مر التاريخ..
يا ممثلي الشعب من نواب وشيوخ،
إن أجدادنا من أبطال المقاومة يستحقون علينا ان نخلد ذكراهم المجيدة من خلال رموز الدولة من علم ونشيد وغيرهما يقول تعالى :" وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" صدق الله العظيم ومن تضحياتهم تلك يمتح أبناؤهم اليوم قيم التضحية والدفاع عن الوطن وهو ما تجسد في انتصارات جيشنا على الإرهاب العالمي في السنوات الأخيرة..
باسم أولئك الآباء والأجداد نتوسل إليكم التصويت بنعم على مخرجات الحوار الوطني الشامل حتى يكون لنا علم نفتخر به جميعا مدنيين وعسكريين وأيضا نشيد وطني يتغنى بأمجاد المقاومة التي لن تمحى رغم كيد أعداء الوطن .. تصويتكم بنعم هو تصويت للوطن..