كيف نعيد للغة العربية بريقها؟ / شيخ المختار

يصادف اليوم الأول من مارس من كل عام اليوم العربي للاحتفاء باللغة العربية، وهو مناسبة على الأقل أن نتذكر لغتنا الأم ولا نكلها للزمان فتندثر وتموت، كما استنجدتنا هي نفسها ذات يوم على لسان حافظ ابراهيم صارخة في وجوهنا فــلا تَكِلُـونـي للـزَّمَـانِ فإنَّـنـي . . . أَخَــافُ عَلَيْـكُـمْ أنْ تَـحِـيـنَ وَفَـاتــي.

وفاة اللغة تعني وفاة مجتمع وليس بالضرورة بموته وإنما بفقدانه هويته وانسلاخه وانصهاره في ثقافات أخرى كما أن حياة وفاعلية أي لغة تقاس بفاعلية وقوة المجتمع الذي يتحدثها، وبما أن الضعيف مولع بتقليد القوي فإن الأمم الأقوى أقدر على نشر لغاتها وثقافاتها لذلك نلاحظ أن اللسان العربي انتشر في أنحاء العالم عندما كانت الأمة العربية في أوج تقدمها وتحضرها فدخلت المفردات العربية القواميس اللغوية لقوميات كثيرة وأخذ الشرق والغرب عن هذه الأمة علوم الطب والفلسفة والفلك وغيرها.
ومع التراجع الذي شهده المجتمع العربي في ميادين العلوم كافة وجمود العقل العربي، وغياب الإبداع العلمي، وجد الآخر مساحة لنشر لغته الأعجمية فانتشرت الإنجليزية والفرنسية في مشرقنا ومغربنا العربيين، رافق ذلك تراجع بالاهتمام باللغة العربية في الجامعات ومراكز البحوث وانتشر داء العامية على حساب الفصحى حتى وصل الأمر أن حلت العامية ومصطلحات أجنبية دخيلة محل الفصحى في كثير من المؤسسات التعليمية الأكاديمية مما قد يمتد تأثيره على مدى أجيال كاملة، ما يهدد هويتنا الثقافية العربية.
يكاد الشعب العربي يكون الوحيد الذي لا تجد مظاهر لاعتزازه بلغته فشعوب العالم الأخرى تعتز بلغاتها أكثر من أوطانها ولو خاطبتهم بغير لغاتهم لما أولوك أي اهتمام حتى تتحدث إليهم بلسانهم، أما نحن العرب فتجد العربي يخاطب بني جلدته بلغات أجنبية وكأن ذلك علامة للرقي والتحضر، وهو بذلك ينسلخ من هويته من حيث لا يدري.
هجراننا للغة العربية وإهمالنا لقواعدها وتنشئة جيل يجهل لغته الأم، إذا تحدث لا يحسن التحدث وإذا كتب لا يحسن الكتابة، يعتبر التخاطب بالفصحى تخلفا ومنقصة والتحدث بما سواها من اللغات رقيا وتحضرا، خطأ جسيم يجب تداركه وعلى وزارات التربية في العالم العربي أخذ دورها في وضع مناهج محفزة للطلاب على تعلم لغتهم، كما أن لمجاميع اللغة العربية والباحثين والمثقفين دورهم في أن يعيدوا للغة العربية بريقها، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تكاتفت الجهود وتم التصدي للتحديات وتذليل العقبات.

2. مارس 2017 - 15:23

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا