يعيش العالم اليوم تحولات حضارية شاملة فرضها التطور التقني الدائم والمتسارع في عصر المعلومات والاتصالات وما خلفه من انفجار معرفي شامل في الاختصاصات والعلوم و المفاهيم، ومحاولة إدخال ونشر تقنيات لاستثمارها في تطوير واقع حياتنا العملية بفاعلية وإبداع، فالتطوير المتسارع لتكنولوجيا المعلومات
قد أدخل تغيرا جذريا في مسار العلوم والأعمال ومنظومة المعرفة البشرية بشكل عام.
إن تقدم الشعوب وازدهارها يتجلى أساسا من خلال الدور الذي يلعبه العنصر البشري لأنه هو المحرك الأساسي لعملية الإنتاج.
فإذا نظرنا قليلا إلى الوراء نجد بأن تطور النظم الخاصة لتسيير المصادر البشرية كان يقتبس من نظريات مهتمين بعملية الإنتاج واليد العاملة عند كل من :
- تايلور: الذي تعتمد نظريته على تقسيم العمل " ربط العمل بالأجر"
- ماسلو: الذي تعتمد نظريته أيضا على الحاجات البشرية " الأجر القاعدي ومحيطات الأجر
- مايو: ظروف العمل " زيادة الإنتاجية "
ناهيك عن التقدم التكنولوجي الموجود في بعض الدول المتقدمة مثل : اليابان- كوريا... الناتج عن الاهتمام بالعنصر البشري والاستثمار فيه لأنه هو المسؤول بالدرجة الأولى عن التقدم والإنتاجية، وبذلك فالاستثمار في الموارد البشرية وتوجيهها وإدارتها ونظم العاملين هي العنصر الحاكم للتقدم والتنمية وفي تراكم رأس المال، فالإحصائيات تقول بازدياد مستمر لأهمية وقيمة رأس المال الفكري نسبة لرأس المال المادي وأن 64% من الثروة العالمية اليوم هي ثروة فكرية غير مادية من حقوق إبداع وتصميم واختراع وتقنية وخبرات وكلما هو قيمة غير مادية ملموسة.
إن الشغل الشاغل للعالم اليوم هو تسيير المصادر البشرية أو تسيير اليد العاملة أو تسيير الأشخاص أو تسيير الموظفين أو تسيير الموارد البشرية، ولكن مهما تعددت التسميات فالنشاط واحد وهو إدارة العنصر البشري ، لكن للمعلومات هناك فرق في عصرنا اليوم بتسمية تسيير الموارد البشرية بدلا من تسيير الأشخاص، ونتيجة لأهميته أصبحوا موردا ويجب المحافظة عليه وإعطاؤه أهمية أكبر ، ويرجع الفرق إلى ثلاثة نقاط أساسية :
- النقابات العمالية - الضمان الاجتماعي - الميزات الفردية التنافسية
وهذه النقاط أصبح يحظى بها في تسيير الموارد البشرية في وطننا، وبالتالي من اللازم تسمية إدارة الأشخاص بإدارة الموارد البشرية.
وللتذكير منذ سنة 2010 أصبح يطلق عليها في الدول المتقدمة " الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية "
ومن هنا نجد بأن تسيير الموارد البشرية ينظر إليها كوظيفة تتكون من توظيف للأفراد الذي يبدأ بتخطيط الأشخاص الذي يستند على تنمية الأفراد- نعني به
Développement Humain-les Investissement de l’Homme et les Conditions de Travail
لكن هذا التخطيط يحتاج إلى من يستطيع القيام بخطوات التخطيط والتي تنطلق من الاحتياجات من الموارد البشرية كما ونوعا ومستقبلا والمسؤولين عن تنفيذ تلك الإستراتيجية طبقا لذلك التخطيط من أجل توظيف أهداف " المنظمة" الوزارة والمؤسسة وذلك عن طريق تحليل النشاط الوظيفي أو عن طريق المعادلة الرياضية Y=X+1 أو الموقف الحرج أو شجرة اتخاذ القرارات، كما يحتاج توظيف الأفراد إلى قوائم عرض الموارد البشرية الذي يحدد لنا الاحتياج من التخصصات المطلوبة والعجز والفائض من الموظفين اللازمين .
وبمعالجة هذه الاختلالات الموجودة والاستفادة من الكفاءات البشرية بأقل تكلفة وأقصى مردودية وبتسيير معقلن للمصادر البشرية ولمسايرة التقدم التكنولوجي ونظم المعلومات قامت وزارة الوظيفة العمومية بتوجيه من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز وحكومته بإيجاد نظام متطور يواكب نظم العمل الحديثة ويغير مفاهيم ونظم الإدارة ويدخل الحسابات الالكترونية في أساليب العمل ويتغلب على كل النواقص وهو متحكم في المصادر البشرية، إنه نظام متكامل.
إن الوظيفة العمومية مشكورة على إعداد جميع النصوص التنظيمية والتشريعية وعصرنتها وإدارتها على هذا الإعداد الجيد والانطلاقة المحكمة وتحسين علاقات العمل والأداء وتحسين قدرات ومهارات الاتصال في تسيير العمال.
إن مؤسسات المستقبل ستشهد المزيد من التركيز على نوعية جديدة من المسيرين الذين تتوفر لديهم قدرات ومهارات إدارية عالية في التخطيط والتحليل والتسيير بالإضافة إلى القدرات الخاصة بفهم العنصر البشري، وإذا أخذنا في اعتبارنا ضغوط النشاط التشغيلي على المؤسسات فإنه يغلب أن ينحني هذا الموضوع جانبا، وحينئذ قد يكون الوقت متأخرا في أخذ إجراءات فعالة ، فموضوع الموارد البشرية ذات خطورة لا تقبل بسهولة إجراءات التأخر لحظة، ومن ثم يجب أن تتحمل الإدارة العليا مسؤولية التأكد من فاعلية الاستثمار البشري في المدى الطويل وتطوير الموارد البشرية بحيث تتجاوب مع احتياجات المؤسسة.
ومن هنا فإن موريتانيا قامت بإدخال نظام رشاد – تسيير النفقات المالية – ( الوسائل المالية ) ومن ثم إدخال النظام المندمج لتسيير المصادر البشرية ( الوسائل البشرية) وبذلك نكون قد تحكمنا في الوسائل المادية والبشرية في كل أجزاء الدولة ككل دول العالم المتقدم.