منذ سنوات وأنا أنادي بضرورة تبني (تدبير ديمقراطي)للتعدد اللغوي في بلادنا و ذلك بالاستفادة من تجارب دول ناجحة في هذا المجال(كندا .بلجيكا .سويسرا).والى حدما (جنوب افريقيا الحالية:اللغة الافريقيانية.اللغة الانجليزية).
ويقوم هذا التدبير على ترسبم اللغتين (العرببة) و (الفرنسية) في الدستور.
باعتبارهما لغتين للتعليم والإدارة.الأولى لغة للناطقين بالحسانية ومن يختارها من الناطقين باللغات الأخرى .والثانية لغة للناطقين بباقي اللغات الوطنية(البولارية والسنونكية والولفية)حيث يظهر بوضوح انه -نظرا لملابسات تاريخية، ولمحدودية انتشار هذه اللغات نسبيا- يفضل كثبر من هؤلاء اعتماد الفرنسبة.
ومن أبرز ملامح هذا التدبير الديمقراطي:
1- إضافة خانة الاختيار اللغوي ( option linguistiquee) في بطاقة تعريف كل مواطن ' لكي يتمكن من أداء واجباته و الحصول على حقوقه باللغة الرسمية المناسبة له(عربية او فرنسية).
22-إلغاء النظام التربوي الحالي و إنشاء نظام تربوي ذي شعبتين (معربة ومفرنسة)يدرس فيه الطلاب جميع المواد الأدبية والعلمية) كل باللغة الممثلة لاختيار ه اللغوي مع اعطاء عناية خاصة للغة الثانية في كل شعبة .بحيث يشترط اكتساب درجات متدرجة ( متفاوتة تصاعديا ) من اتقان اللغة الثانية للحصول على اي شهادة من الشهادات الوطنية (من الابندائية وحتى الدكتو راه) ويمكن الاستعانة هنا بتجربة دول الاتحاد الاوروبي التي تسمى ( الاطار المرجعي الأوروبي الموحد للغات) حيث يتم التعبير عن د جات اتقان لغة ما بمستويات مثل... A1,A2 ,B1, B2....
33- اعتماد هاتين اللغتين في الإدارة والمؤسسات جنبا إلى جنب بحيث بكون الموظف او العامل ملزما بأداء عمله وفقا لاختياره اللغوي المسجل في بطاقته الشخصية و هو مطابق للغة التي درس بها وتكون،مع مراعاة أن يكون كل مرفق عمومي قادرا-عند الاقتضاء-على توفير الخدمة العمومية باللغتين الرسميتين.وذلك باعتماد نظام اكتتاب يشترط- من بين امور اخرى موضوعية وعادلة - الحصول على الشهادة التي يكون صاحبها على درجة من معرفة اللغة الثانية تسمح له بالتواصل الذي تقتضيه الوظيفة المترشح لها.
4-اشتراط اجادة لغة الاختيار واكتساب مستوى متوسط في اللغة الثانية على الأقل في المترشح لرئاسة الجمهورية، وفي من يتولون الوزا رات والسفارات و الولايات و عضوية و رئاسة المحاكم الاقليمية و الوظائف المماثلة في السلكين العسكري والأمني .واشتراط إجادة اللغتين في تولي مناصب الوزير الأول ورؤساء المؤسسات الدستورية ولمناصب المماثلة .اما المناصب الادارية الفنية فإن الشهادة التي تسمح بالنفاذ اليها ستحدد المستوى اللغوي المطلوب في اللغة الثانية.
5- تشكيل مجلس وطني للشهادات والمسابقات يسهر على ضمان الشفافية والعدالة و يعتمد آليات ناجعة للتأكد من مستويات المترشحين في كلتا اللغتين وذلك منعا لكل أشكال الظلم والمحاباة.
66-اعطاء عناية خاصة للغة الانجليزيةابتداء من مرحلة الاعدادية و للغات الحية الأخرى في المرحلة الجامعية.
7- إقامة مؤسسات لترقية تخصص الترجمة بين العربية والفرنسية وغيرهما من اللغات الحية الأخري. وامدادها بالوسائل اللازمة .وذلك لتوفير مترجمين أكفاء قادرين على تذليل كل الصعاب الناجمة عن التواصل بين الناطقين باللغتبن وخاصة
خلال المرحلة الانتقالية لتنفيذ هذا النظام اللغوي
88-إصدار تشريع يحمي الثوابت الدينية والوطنية بمافيها التعددية اللغوية ويعاقب اي مساس بها كما يزجر اي دعاية عنصرية او انفصالية.
.
-
9- اصدار تشريع يلزم كل موظف عمومي بأداء مهام وظيفته باللغة التي تكون بها وذلك لضمان توازن التداول لكل لغة رسمية لدى أصحابها و معاقبة اي موظف يخل بهذا الواجب ما لم تكن ثمة ضرورة تقتضي مخالفته كتقديم الخدمة العمومية الى مواطن ذي لغة مغايرة.
10- اعتماد مرحلة انتقالية يتم تحديد مدتها خلال حوار وطني ويتابع خلالها التلاميذ الذين وصلوا الاعداديةدراستهم وفق النظام الحالي ( الادواجية الهجينة) ،كما يتابع فيها كل موظف العمل باللغة التي تلقى تكوينه بها، مع توفير خدمة الترجمة في كل مؤسسة عند الحاجة.
إن هذا الخيار التعددي سيسمح لجمع الموريتانيين سواء كانوا من الأغلبية أم من الأقليات بالحصول على حقوقهم الثقافية واللغوية دون اقصاء او مزايدات أو مظلوميات
.ويمكن ان نتبين نجاح هذا الخيار اذا قا رناه مع الخيارات الأخرى التي تنتهج عادة في تدبير التعدد اللغوي.وهي:
1-خيار فرض لغة واحدة هي لغة القومية ذات الأغلبية العددية على الجميع
.وقد اعتمد -رغم عدم ديمقراطيته-في العديد من دول العالم العظمي(أمريكا.روسيا.الصين.تركيا.ايران.فرنسا..).ويلاحظ ان هذا الخيار ما يزال معتمدا في أدبيات الكثير من دعاة التعريب عندنا رغم أنه غدا متجاوزا في عصرنا الحالي.اللهم الا اذا كان يطلق نفاقا لجلب رضى بعض العامة مع العمل ضده في الواقع اليومي.
2-خيار اعتماد لغة اجنبية كليا عن القوميات المشكلة للدولة.وقد اعتمد في كثير من الدول الافريقية ذات اللغات المتعددة التي لا تحظى اي منها بانتشار على مستوىاقليمي واسع.وهذا الخيار لا يناسب موريتانيا لانه وان كانت اللغات الوطنية غير العربية يعوزها الانتشار الواسع عالميا.فإن العربية هي احدى اللغات الحية المنتشرة في نطاق واسع .
3-خيار اعتماد نظام الازدواجية المبكرة في التعليم(يعني تدريس مواد بلغة واخرى يلغة ثانية)مع فرض لغة معينة (الغرنسية كما هو الحال في بلادنا) في الادارة والاعمال اليومية.واستعمال لغة اخري ( العربية عندنا ) في التظاهرات المناسباتيةلذر الرماد في العيون. وهذا الخيار التلغيقي عقيم ولا يحل المشكل اطلاقا فلاهو أرضى الأغلبية (الناطقين بالحسانية)عندما احتقرلغتهم واتهمها بالعجز عن نقل العلوم والتقنيات فارضا على أطفالهم ازدواجية مبكرة عقيمة.ولاهو ارضى الأقليات لانها لم تزل تشعر بالظلم في المناسبات التي يظهر فيها تعريب عشوائي من حين لآخر.كما ان الدراسات العلمية أ
ثبتت ان الازدواجية الحق (بمعنى اتقان لغتين)هي مهارة نخبوية لبست ممكنة الالنسبة قليلة من الأفراد وهو ما بفسر التناقض بين السعي الى توسيع التعليم العمومي وتنبني النظام الازدواجي.وعندما بدأ الحصاد الهزيل لهذا النظام يظهر.سارع خبراؤنا المسكونون بأفكار الستينات الى حل بائس تمثل في إنشاء ثانويات الامتباز التي هي اكبر دلبل على فشل هذا النظام التربوي حيث تعني أن ماعداها مجرد حضانات و نفايات لحراسة الاطفال من الجنوح ليس إلا.وقد بدأ نقد هذا الخيار يخرج من داخل قبة البرلمان ومن نواب موالين للسلطة القائمة.
بقي ان ندحض فكرة ساذجة وشائعة تعتبر ان اعتماد شعبتين في التعليم سبؤدي إلى مجتمعين وشارعين و مدرستين الى آخر الاسطوانة التي ظل يرهبنا بها سدنة الازدواجية الهجينة.ولنا ان نسألهم :هل أدي ترسيم لغتين او ثلاث او اربع في دول (كندا وبلجيكا وسويسرة)على التوالي الى هذا التفكك و الخراب الذي تنذرونه؟أم أدى الى تطور هذه الدول و انسجام افرادها دون ان يشعر احد منهم بإقصاء او يزايد بمظلومية او تهمبش؟ .إن الذي ادى الى فشل ما سمي (إصلاح 1979) هو ما طبعه من ارتجالية نتج عنها تهميش اللغة الثانية في كل شعبة .كما نتج عنها اقتصار التعريب على جانب من التعليم اووزارات قليلةوبقاء الفرنسة مهيمنة في أكثر القطاعات.وبالرغم من هذا كله فآن ماسمي إصلاح 1999 الذي نعاني اليوم مضاعفاته كان اسوأ و اردأ.
خلاصة القول،مالم نتبن تدبيرا ديمقراطيا لتعددنا اللغوي.فلتكن على استعداد وجاهزية لمزيد من الملاسنات والمهاترات العنصرية المقيتة والعابرة للحدود السياسية تخرج بانتظام من قبة جمعيتنا الوطنية.