تغييرالعلم و الوطن / البشير ولد سليمان

السياسة  ليست كل شيئ , وحياة أهل موريتانيا ليست صراعا و تجاذبا بين موالات و معارضة او هكذا يفترض ان تكون , والراية  شعار ,رمز , تاريخ , خريطة , أرض,  العلم  ثقافة ترتبط بأمة , تاريخ , شهداء,علماء, جيش , مدن تاريخية , عملة , سمك , حديد , نحاس .... قطعة قماش لكنها رمز

 و لا تتتعلق بالشهداء فحسب , بل بالاحياء بالطير بالشجر بالحجر فالكل معنيون بالعلم , تغييره يعني موت حقبة , موت ماضي , موت وطن سابق يقال له موريتانيا ( الدولة ) , و ميلاد وطن آخر جديد ,لا نعرف ماذا سيكون اسمه ؟   الراية عرف لا يعبرعن ارواح الشهداء الذين استشهدوا  في سبيل الوطن فحسب انما كذلك يعبر عن ولاتة,شنقيط , ودان , عن المنارة و الرباط , عن العلماء ,عن الشهداء , عن الشعر و الشعراء , عن الابل و الصحراء.
تغيير الراية , يعني تغيير ثقافة , تراث , حياة يومية  ,نمط عيش ,وجبات , العلم ثقافة بنيان يشد بعضه بعضا,  فهل يتحمل الشعب الموريتاني صدمة التغيير و يعيش مثلا من دون كسكس و العيش و مارو الحوت  , فكل هؤلاء مرتبطون بالنجمة و الهلال  و العلم ,فموت العلم يعني تلاشي هذه الانماط , , أتاي صديق للعلم فاذا اختفي العلم  انقرض الشاي و الموريتاني من دون أتاي قليل التركيز ضعيف الراي .

فيا برلمان و يا صاحب أمرج , اهل امرج انتخبوك لتصلح وتترك الفرصة لغيرك  وهم احوج الي حلحلة قضاياهم  من ان تطالب باسمهم الي تحويل البلاد الي مملكة , عواطفك اتركها في بيتك في نطاقك العائلي الخاص , انت أمام  برلمان وتتحدث باسم مجتمع , و انت يا متهاون بلغة القرآن , العربية  ليست لغة قبيلة او طائفة ,  العربية لغة أمة محمد صلي الله عليه و سلم , لغة فرنسا المسلمة , آمريكا , الصين , النيجريون المسلمون , لغة مسلمي العالم و بموجبها ها انت تقف اليوم تحت قبة هذا البرلمان ولك دولة و كيان , فعيب عليك كزنجي مسلم  ان تخوض او تطلب بديلا للغة القرآن , فايهما اولى ان تجعل حروف  لغتك حروف اللغة العربية ( لغة دينك ) ام ان تجعل حروفها حروف لغة ضئيلة هزيلة محصورة في عشرة آلاف فعل  و تتحدث في قاعة البرلمان وتتفاخر  بلغة  ناس استعبدوا الزنوج وصدروهم كقطعان ماشية في البواخر الي امريكا و غيرها ,  لا يا حضرة النائب لا يليق ذلك بك , وانت رجل مسلم فعيب عليك الخوض في لغة القرآن , لغة دينك الاسلام وعيب عليك ان تجعل من الامر عنصرية و حساسية بين الاخوة و الجيران .

البرلمان منصة , منبرهام  او هكذا ينبغي ان يكون و ليس لعبة معارضة و موالات ليطالب ذاك  بمملكة  و يطالب ذاك بإلغاء لغة و يمرر ذاك فكرة وانها اخلاص لشهداء ووطن , الملازم أول خليهن ولد عبد الجليل استشهد تحت هذا العلم االاخضرو النجمة و الهلال , الرائد المظلي اسويدات  , المقدم احمد ولد بوسيف , الدكتور با عمار , الشيخ عبد العزيز سي , الرئيس المختار ولد داداه ورجال جمعوا الخيام , ووضعوا حجر الاساس و انشؤوا مقاطعات و ولايات , شكلوا جيشا  , رسموا خريطة  , رجال رحمهم الله ,  عاشوا كلهم تحت هذا العلم ,  نأتي اليوم لنضرب تاريخهم في صفر , فما الدوافع و ما الاسباب ؟  و ما ذا نستفيد و هل بهذه الخطوة نفيد ؟ ومن نفيد ؟ خطوة  لا تقدم بل قد تأخر البلاد , فهاهي شغلتنا , حكومة وبرلمانا وجعلت من الحبة قبة وحولت الانظار وهموم الناس الي قضية خطوط , فهل هي سياسة النفس الطويل ؟ و بقايا  جدار قرب المستشفي الوطني لابد ان يزال , لتأتي اصوات معارضة  وتطالب بالابقاء عليه وان مثل هذه اللبنات المبعثرة تواجدها علي الرصيف أمر هام , فيشتد النقاش , وترفع الجلسة  لتعقد أخرى لتجديد اسمنت الجدار و ليتجدد الصراع علي نوعية الاسمنت ولونه و هكذا  , فأين يا برلمان , وما هذا  الهذيان , وهل الي الأمام أم الي الخلف السريان ؟.

وحتى لو تطوع رئيس الجمهورية براتبه السنوي كاملا  و كل برلماني في الاغلبية بخمس و عشرين الف دولار و هي تقريبا راتبه لسنة و تطوع الوزراء كل براتبه السنوي  , فلن يعوض ذلك ما ستتكلفه الدولة من مصاريف لتغيير العلم وطباعته في حلته الجديدة علي جوازات السفر  و توزيعه علي الدوائر الحكومية والسفارات و الهيئات الدولية وغيرها ,ميزانية كبيرة , الدولة في غنى عن صرفها في مسألة ليست عميقة ولاجوهرية  و لا داعمة لتنمية البلاد .

فجزاك الله خيرا يا رئيس البلاد علي ما قدمت و انجزت  للبلاد , شهداؤنا أحياء عند ربهم يرزقون نرجوا ان يكونوا كذلك  واهتمامكم بهم خطوة نبيلة , لكن التركيز علي أمن ابنائهم أولى , توفير العيش الكريم لهم , مدارس , مياه , مصانع , مزارع ,  مناجم  وان تكون دولتنا دولة مصحات ومؤسسات لا دولة شخصيات وتغييرات و انقلابات , البلاد في حاجة لاستقرار طويل المدى و من ثم العلم إن كان لابد , أما الآن فثمة أولويات .
ختاما ... جمعتنا بدلة عسكرية واحدة تحت هذا العلم , أخي , سيدي رئيس الجمهورية , لن يضرك شيئا ان تراجعت , فالتراجع عن الخطإ ليس عيبا .
 

13. مارس 2017 - 8:15

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا