السياسة ليست كل شيئ , وحياة أهل موريتانيا ليست صراعا و تجاذبا بين موالات و معارضة او هكذا يفترض ان تكون , والراية شعار ,رمز , تاريخ , خريطة , أرض, العلم ثقافة ترتبط بأمة , تاريخ , شهداء,علماء, جيش , مدن تاريخية , عملة , سمك , حديد , نحاس .... قطعة قماش لكنها رمز
و لا تتتعلق بالشهداء فحسب , بل بالاحياء بالطير بالشجر بالحجر فالكل معنيون بالعلم , تغييره يعني موت حقبة , موت ماضي , موت وطن سابق يقال له موريتانيا ( الدولة ) , و ميلاد وطن آخر جديد ,لا نعرف ماذا سيكون اسمه ؟ الراية عرف لا يعبرعن ارواح الشهداء الذين استشهدوا في سبيل الوطن فحسب انما كذلك يعبر عن ولاتة,شنقيط , ودان , عن المنارة و الرباط , عن العلماء ,عن الشهداء , عن الشعر و الشعراء , عن الابل و الصحراء.
تغيير الراية , يعني تغيير ثقافة , تراث , حياة يومية ,نمط عيش ,وجبات , العلم ثقافة بنيان يشد بعضه بعضا, فهل يتحمل الشعب الموريتاني صدمة التغيير و يعيش مثلا من دون كسكس و العيش و مارو الحوت , فكل هؤلاء مرتبطون بالنجمة و الهلال و العلم ,فموت العلم يعني تلاشي هذه الانماط , , أتاي صديق للعلم فاذا اختفي العلم انقرض الشاي و الموريتاني من دون أتاي قليل التركيز ضعيف الراي .
فيا برلمان و يا صاحب أمرج , اهل امرج انتخبوك لتصلح وتترك الفرصة لغيرك وهم احوج الي حلحلة قضاياهم من ان تطالب باسمهم الي تحويل البلاد الي مملكة , عواطفك اتركها في بيتك في نطاقك العائلي الخاص , انت أمام برلمان وتتحدث باسم مجتمع , و انت يا متهاون بلغة القرآن , العربية ليست لغة قبيلة او طائفة , العربية لغة أمة محمد صلي الله عليه و سلم , لغة فرنسا المسلمة , آمريكا , الصين , النيجريون المسلمون , لغة مسلمي العالم و بموجبها ها انت تقف اليوم تحت قبة هذا البرلمان ولك دولة و كيان , فعيب عليك كزنجي مسلم ان تخوض او تطلب بديلا للغة القرآن , فايهما اولى ان تجعل حروف لغتك حروف اللغة العربية ( لغة دينك ) ام ان تجعل حروفها حروف لغة ضئيلة هزيلة محصورة في عشرة آلاف فعل و تتحدث في قاعة البرلمان وتتفاخر بلغة ناس استعبدوا الزنوج وصدروهم كقطعان ماشية في البواخر الي امريكا و غيرها , لا يا حضرة النائب لا يليق ذلك بك , وانت رجل مسلم فعيب عليك الخوض في لغة القرآن , لغة دينك الاسلام وعيب عليك ان تجعل من الامر عنصرية و حساسية بين الاخوة و الجيران .
البرلمان منصة , منبرهام او هكذا ينبغي ان يكون و ليس لعبة معارضة و موالات ليطالب ذاك بمملكة و يطالب ذاك بإلغاء لغة و يمرر ذاك فكرة وانها اخلاص لشهداء ووطن , الملازم أول خليهن ولد عبد الجليل استشهد تحت هذا العلم االاخضرو النجمة و الهلال , الرائد المظلي اسويدات , المقدم احمد ولد بوسيف , الدكتور با عمار , الشيخ عبد العزيز سي , الرئيس المختار ولد داداه ورجال جمعوا الخيام , ووضعوا حجر الاساس و انشؤوا مقاطعات و ولايات , شكلوا جيشا , رسموا خريطة , رجال رحمهم الله , عاشوا كلهم تحت هذا العلم , نأتي اليوم لنضرب تاريخهم في صفر , فما الدوافع و ما الاسباب ؟ و ما ذا نستفيد و هل بهذه الخطوة نفيد ؟ ومن نفيد ؟ خطوة لا تقدم بل قد تأخر البلاد , فهاهي شغلتنا , حكومة وبرلمانا وجعلت من الحبة قبة وحولت الانظار وهموم الناس الي قضية خطوط , فهل هي سياسة النفس الطويل ؟ و بقايا جدار قرب المستشفي الوطني لابد ان يزال , لتأتي اصوات معارضة وتطالب بالابقاء عليه وان مثل هذه اللبنات المبعثرة تواجدها علي الرصيف أمر هام , فيشتد النقاش , وترفع الجلسة لتعقد أخرى لتجديد اسمنت الجدار و ليتجدد الصراع علي نوعية الاسمنت ولونه و هكذا , فأين يا برلمان , وما هذا الهذيان , وهل الي الأمام أم الي الخلف السريان ؟.
وحتى لو تطوع رئيس الجمهورية براتبه السنوي كاملا و كل برلماني في الاغلبية بخمس و عشرين الف دولار و هي تقريبا راتبه لسنة و تطوع الوزراء كل براتبه السنوي , فلن يعوض ذلك ما ستتكلفه الدولة من مصاريف لتغيير العلم وطباعته في حلته الجديدة علي جوازات السفر و توزيعه علي الدوائر الحكومية والسفارات و الهيئات الدولية وغيرها ,ميزانية كبيرة , الدولة في غنى عن صرفها في مسألة ليست عميقة ولاجوهرية و لا داعمة لتنمية البلاد .
فجزاك الله خيرا يا رئيس البلاد علي ما قدمت و انجزت للبلاد , شهداؤنا أحياء عند ربهم يرزقون نرجوا ان يكونوا كذلك واهتمامكم بهم خطوة نبيلة , لكن التركيز علي أمن ابنائهم أولى , توفير العيش الكريم لهم , مدارس , مياه , مصانع , مزارع , مناجم وان تكون دولتنا دولة مصحات ومؤسسات لا دولة شخصيات وتغييرات و انقلابات , البلاد في حاجة لاستقرار طويل المدى و من ثم العلم إن كان لابد , أما الآن فثمة أولويات .
ختاما ... جمعتنا بدلة عسكرية واحدة تحت هذا العلم , أخي , سيدي رئيس الجمهورية , لن يضرك شيئا ان تراجعت , فالتراجع عن الخطإ ليس عيبا .