الحمد لله رب العالمين ولي المؤمنين المجاهدين أمرهم بالجهاد في سبيله والذود عن حمى الدين والصلاة والسلام على إمام المتقين وأشرف المجاهدين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إل يوم الدين.
وبعد فقد نشرت بعض المواقع مقابلة لوزيرة سابقة في إحدى القنوات المحلية تصف فيها التعدد والسرية بوجهين لعملة واحدة فأقول للوزيرة عما تتحدثين وعن أي عملة وعن أي وجهين؟
يا وزيرة الأصل أن أحيلك وغيرك ممن يتشدق يمينا ويسارا ويتكلم بما لا يعي إلى قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ''تفقهوا قبل أن تسودوا''، وقال البخاري رحمه الله ورفع درجته : ''وبعد أن تسودوا''.
يا وزيرة إن التعدد شرع الله عز وجل شرعه من فوق سبع سماوات، قال الله تعالى : ﴿وإن خِفتُم ألاَّ تُقسِطوا في اليَتامى فانْكِحوا ما طاب لكُم منَ النساءِ مَثنَى وثُلاثَ ورُباع﴾ ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع نسوة وأقر عليه أصحابه عليه فأمر من كان عنده أكثر من أربع قبل الإسلام أن يطلقهن إلا أربع، ثم فعله خيرة أصحابه من بعده من الخلفاء وغيرهم فما العملة إذا وما الوجهان أم أنك لم تقرئين وشغلت عن كتاب ربك وتدبره كما أمر عز وجل وعن النظر في سيرة وسنة سيد المرسلين؟
يا وزيرة إن ما يعرف عندنا بالسرية لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولا عن أحد من أصحابه وإن كان الزواج بالسرية يصح بضوابط شرعية كما نص على ذلك العلماء وضبطوه لمن أراده وبحث عنه في الكتب الفقهية ولكن العجب الخلط بين الحق البين ما شرع الله وسنه الرسول وبين ما لم يصح عن رسوله ولا عن صحابته بل ولا فعله خيرة المسلمين.
يا وزيرة إن إيماننا يقتضي أن نؤمن بما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم وأن نحبه ونرضى به ولو خالف أهواءنا فإن مقتضى الإيمان أن نرضى بما شرع الله عز وجل قال الله تعالى : ﴿ذلك بأنَّهم كرِهوا ما أنزل الله فأحبَطَ أعمالَهم﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به] ''الجماعة'' فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالتعدد بفعله وقوله وإقراره.
يا وزيرة إن على المسلم أن يراقب نفسه ولا يصدر منه قول ولا فعل فيه حرب لله ورسوله ولا لدينه فيعلم أنه أقواله وأفعاله مكتوبة فموزونة ثم محاسب عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر، قال الله تعالى : ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم] ''البخاري'' ثم يحذر من أن يصدر منه ماقد يكون فيه حرب على الله ورسوله ودينه ومن ذلك إنكار ما شرع الله ورسوله، قال الله عز وجل : ﴿ألمْ يعلموا أنه منْ يُحاددِ الله ورسوله فإن له نار جهنَّم خالدا فيها﴾ أعاذنا الله من النار وهدانا لكتاب ربنا وسنة المصطفى المختار.
يا وزيرة إن الله عز وجل غفور شكور تواب رحيم يحب توبة عبده ورجوعه إليه ولكن شَرَط للتوبة شروط، قال الله تعالى : ﴿إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم﴾، وقال : ﴿إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فألئك يبدل اللهُ سيئاتِهِم حسناتٍ وكان الله غفورا رحيما﴾ فعليك أن تحرصي على الرضى بشرع الله والتوبة والرجوع إلى الله ولا يكون ذلك إلا بالإصلاح، إصلاح ماقيل حيث قيل وأين قيل، وبالرجوع الرجوع عما قيل حيث قيل وأين ما قيل، والعمل خيرا ولا يكون ذلك إلا بالتنزيل.
وأقول للذين يريدون من الآية : ﴿ولنْ تَستَطِيعوا أن تَعْدِلوا بينَ النساءِ ولو حَرَصتُم﴾ إن العدل المأمور به هو العدل في النفقة والكسوة والعدل المنفي هو العدل القلبي ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم فيعدل ويقول : [اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك] ''السنن'' فالرسول صلى الله عليه وسلم يملك العدل في القسمة ولكن لا يملك قلبه بل هو بيد الله عز وجل، وهذا باتفاق العلماء، فالله نسأل أن يفقهنا في الدين ويعلمنا التأويل ويرضينا بالتنزيل ونصلي ونسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين والحمد لله رب العالمين.
كتبه : طلحة ولد ابيه