الدرس السياسي لرفض التعديلات الدستورية من قبل الشيوخ / د. محمد محمود ولد أعل

تعتبر واقعة رفض الشيوخ للتعديلات الدستورية من النظرة التحليلية السياسية و الموضوعية ظاهرة يمكن تفسيرها من جانبين سلبي من ناحية و ايجابي  من ناحية أخرى، فبالنسبة للجانب السلبي فهي انتكاسة للأمانة السياسية  و العهد الأخلاقي  من قبل شيوخ الأغلبية الذين صوتوا بلا من  جهة و ظهور  شرخ أو انقسام

  سياسي داخل الأغلبية و النظام  من جهة أخرى,  و أما الجانب الايجابي  فيتمحور حول  نجاعة الديمقراطية الموريتانية التي برهنت على شفافية نظامها و احترامها للرأي الآخر و لو كان من داخل الاتجاه السياسي الواحد هذا بالإضافة إلى  تطور قناعة البعض في التمسك  بقناعاتهم و آرائهم و لو كان ذلك ضد توجهاتهم السياسية مما يعزز ديمقراطية الرأي و الرأي الآخر و هي ظاهرة صحية .
و بصفة  عامة فان رفض التعديلات الدستورية من قبل الشيوخ  مكننا من استخلاص  بعض الأمور الأساسية  بعضها ايجابي  و بعضها الآخر سلبي و التي  يمكن  تلخيصها فيما يلي:                        
_ أن الأخلاق السياسية في بلدنا لا تنبي على المبادئ و الصدق في أغلب الأحيان                                                     
_  التوجه السياسي للأشخاص لا يرتبط بالمصلحة العامة  و القناعة  و إنما بالمصلحة الشخصية  المرتبطة بالزمان والمكان
_ عدم قبول البعض للغة الابتزاز و التهديد السياسي خاصة إذا كان ذلك يتعلق بأمور متعلقة بالمصالح الخاصة أو العامة
_ سلبية وجود الأجنحة في النظام أو الأغلبية الحاكمة خاصة إذا كانت تلك الأجنحة غير منسجمة و تتصارع في الخفاء
_  سلبية عدم  التشاور و  الحوار بين القمة في الأنظمة السياسية  مع  الداعمين  و القواعد الشعبية  في اتخاذ القرارات و التوجهات
_  ظهور انقسام أو خلاف في الحزب الحاكم  أو الحكومة الحالية أو عدم  رضا البعض عنهما بسبب الاهانة و الازدراء أو الإقصاء  و التهميش الذي يعاني منهم من قبلهما
_ نجاح نظامنا السياسي في انتهاجه للديمقراطية الصحيحة في ما يخص الشفافية لتطبيقه و احترامه لقواعد التصويت السري و حرية الرأي
_  الاستفادة  من هذه التجربة السياسية الأولى المتعلقة بتصويت  بعض الداعمين للنظام  بلا على مشروع قانون مقدم من قبل الأخير

بعض الاقتراحات للخروج من هذه التجربة أو الهزة السياسية:
على النظام ممثلا أولا في رئيس الجمهورية و ثانيا في الحكومة و ثالثا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية
_ أن لا نتعجل في ردة الفعل أي اتخاذ قرارات إلا بعد أن تعرف الأسباب الحقيقية لهذا التصدع السياسي في داخله
_ السعي بشكل سريع في ترتيب البيت الداخلي للنظام بتصحيح الاختلال في كل من الحكومة و الحزب الحاكم و الأغلبية بصفة عامة
_ عدم الخروج عن المسطرة القانونية التي ينص عليها الدستور في ما يخص هذه الحالة، لكي لا نرتكب خطأ قد يحسب علينا مستقبلا و يزيد من تعقيد الأمور
_  تفعيل و تكثيف العمل السياسي و الحكومي  في هذه الفترة  لكي لا تؤثر هذه القضية على المكتسبات السياسية و التنموية التي حققها النظام الحالي بقيادة فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز  للدولة و الشعب الموريتانيين
_ الابتعاد عن التنافس السلبي في  تحقيق الطموحات السياسية و الصراع  الداخلي بين الأقطاب و الأجنحة  و اللونيات خاصة في هذه الوضعية التي تتطلب رص الصفوف و نبذ الخلافات لتجاوز هذا الخلاف أو الانقسام الذي في حالة تواصله قد يؤثر سلبا علينا كنظام قائم أو أغلبية حاكمة
_ الابتعاد عن  بعض الأمراض كالكبر و العظمة الذين هما لله عز و جل وحده و كذا  مسلكيات النفاق و التملق السياسيين و التخلي عن لغة الابتزاز و التهديد، بل و التخوين و تصفية الحسابات
_ وضع الثقة  في منح المسؤوليات للأشخاص المشهود لهم بالأخلاق و الصدق و النزاهة الفكرية و التسييرية و الذين يتمتعون بالشعبية و القبول الاجتماعي بدل المنافقين و المتملقين الذين لا يتمتعون بشعبية  ولا يعرفون سوى التصفيق و الكذب لخداع النظام  من أجل الوصول لمصالح شخصية  متمثلة في التعيين و المصالح المادية
_ حذف قضية تغيير العلم و النشيد الوطنيين من التعديلات الدستورية لأنها بصراحة حسب استطلاعات الرأي لا تحظى بقبول أكثرية الشعب الموريتاني و ذلك لضمان نجاح التعديلات الدستورية الأخرى في حالة التوجه للاستفتاء الشعبي أو التصويت البرلماني

20. مارس 2017 - 18:27

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا