في يوم الجمعة :17 مارس ، ارتعشت جلود ونبضت قلوب ، وهزم قوم وولوا الدبر ، تبدلت رفاهية العطل وراحة البال إلى إحباط وصدمة عارمة ، ضعفت من سرعة الشرايين وفجرت أنابيب الخيبة في قلوب التائهين ، صناديق اقتراع خطفت الأضواء ، وشيوخ رفضوا الفوضاء والتطاول على مقدسات أمة وترسانتها القانونية ،
إستند مسوقوها إلى توقعات وتبريرات كاذبة خاطئة ، حسمت دعايتها أيادي شيوخ تحمي حرية المواطن وكرامته ، وتعمل وفقا لبيعة بايعهم عليها بعد أن ابثقت من قناعته الراسخة ، ليكونوا في يوم : 17 مارس ، عند حسن ظنه ، في الصمود وقوفا بالمرصاد ، يدقون ناموس الخطر في وجه رهبان التغيير والدوائر الحكومية ، تضامنا مع المواطن المسكين ، واختطافا لطائرة تقل ركاب القرابة والمحسوبية والزبونية والمسرفين الذين يفسدون في الأرض ولايصلحون ، يهرولون بانعراج في تأثر يلبي طموحاتهم ، في يوم كان يتوقعه ملاح طائرة التغيير بمايزيد على : 40 صوتا ، تمرربالقبول والإيجاز ، لصالح دستور ال20 ; يوليو : 1991 ، والنصوص المعدلة له ، اغترارا ببنيات أفكار سجائح الرمادي وكهنته المشعوذين ، الذين كادوا أن يصعدوا إلى السماء يسترقون السمع تنبئا واتكالا على ضرب ودع من لايعرف دار بن قدامة ، إلى أن بزغ نور يوم مشهود لدى الموريتانيين ، طال ماانتظروه بفارغ الصبر حتى أزفت ءازفته داخل قبة أعلى غرفة في البرلمان الموريتاني , أبلى فيها مجلس شيوخه بلاء حسنا ، يفضل الأفضل على المفضول ، والأعلى على الأسفل !
شيوخ أنجزوا ماوعدوا ، تعهدوا فوفو ، وأعطوا ( بضم الهمزة ) فأبو ، وربحوا ( بضم الراء ) فلم يشتروا ، ووهبوا فلم يرضو ، و و و.... غنموا فرضوا من الغنيمة ب : 33 صوتا ، قطعت شريط النبوة المزعوم ، وأقرت حرمة الثوابت والمقدسات التي أراد النظام أن يعبث بها في هذه الظروف المجحفة ، عندها بدت ملامح التفاؤل المحمود تشع على صفائح الصامتين. — البرلمانيين — المخلصين ، والتي كانت فيها سرائرهم خيرا من علانياتهم ، وكانت علانياتهم صائبة.
لم يدعوا سفينة المجهول تسير في دروب التيه الضائع ، بل أرسوها فأرست على شاطئ دستور أمواجه لاتترك للرءيس صغيرة ولاكبيرة إلا وأحصتها ، لشعب يقول : يأبى العزيز مسنا وأهلنا الضر ، وجئنا نرفض التعديلات الدستورية ، لانريد التصدق إلا من ثرواتنا ، ولانريد من الأعلام إلا علمنا ، ولا من الأناشيد إلا نشيدنا ، ولامن المجالس إلا مجلسنا الذي تذكر أوضاعنا ، وعبر عما في ضمائرنا ، فحق لنا أن نضرب دفوف النصر والانتصار ، وأن ننشد على أوتار الشعب ونقرض في شيوخنا الأشعار ، مجلس ردم هوة التلاعب بالإستقرار ، ووهم ا ستبدال الخضرة بالإحمرار ، تقليدا لأقوام الذل والاحتقار ، الذين لايريدون أن تكون لهذاالشعب مسلمات تحكمه ، في عالم يتجه نحو التكلات الاقتصادية التي أتت على الأخضر واليابس ، لاتبقي من أمجاد شعبنا ولاتذر ، تثير الرعب والانشقاق ، وتشتت المواطن والإتفاق ، تهدر فيها وتستغل الموارد الإقتصادية للمواطن ، وتدعي التقدم في إحداث تنمية اقتصادية شاملة ، لم تظهر بوادرها إلا في مناسبات استغلالية عابرة ، تسعى أجندتها الآحادية إلى مأمورية ثالثة.
تستجيب لمتطلبات البقاء ، وتضمن الثباة لمظاهر الثراء ، تدعم نهجها دعاة يعيشون بلا أرواح ، يتحركون بزيوت المصلحة والفساد ، اشتعلت رؤوسهم شيبا ، ونكست أذقانهم طمعا ، واحمرت محاجرهم ، وسالت دموعهم تضرعا ، وضاعت حروفهم في إيثار التدحرج والضياع ، إتبعوا رءيسا يطعمهم من جوع الفقراء ، ولايؤمنهم من خوف البلاء .
لقد نفد الزاد ، وتميز حق المجد من الخائن ، وشاهت وجوه المسوقين ، وكسدت بضاعتهم وبارت ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
إن قيادة هذاالبلد لاتريد بناء وطن يعيش بأمن ورخاء، ولاالتحسين من ظروفه ، تطل على فقرائه بخطابات تضمنها أرقاما ماسمعوا بها في عهد أنظمتهم الأولين ، وتمنيها بوعود لم ينجزها اللاحقون ، تحقيقها حديث ساعة ، تشغلهم بالحوار وأي حوار ؟ وتغريهم بالتغيرات وأي تغيرات ؟ تزعم التمجيد للأبطال وأي تمجيد ؟ تطرح التعديل وأي تعديل ؟ لم لاتطرح تعديل الظروف المعيشية للسكان ؟ لم لاتغير مشكل البطالة لدى الشباب ؟ لم لاتمجد المواطن بالعدالة الإجتماعية والدمج في الحياة النشطة .
لم يبق لكم إلاخيارين أحلاهما مر ، تسرفون فيه أموال الشعب وتسخرون وسائله كالعادة في استفتاء قد يكون غير توافقي ، والآخر بعيد قعره وحبله منبتر في يد وزير لايداوم إلا في عطلة الأسبوع لايدري مالله تعالى صانع به ، ممايجعل البلاد تعيش أزمة حقيقية , ستأتي أكلها في قادم الأيام . وسيكون لها مابعدها .
حفظ الله موريتانيا .