حدث خطأ مطبعي فى تسمية الحزب الحاكم فى بلادنا أو"حزب المخزن" أو"حزب عزيز" أو"حزب الدولة" ...كلها أسماؤه على أية حال (لاأدرى هل كثرة الأسماء هنا تدل على (الترف)..عفوا الشرف أم لا؟)..لايمكن أن يكون الاسم المتعارف للحزب حاليا دقيقا...فمامعنى "الاتحاد من أجل الجمهورية"؟
وهل يوجد "اتحاد" أصلا حتى يكون من أجل "الجمهورية"؟
وأين هي الجمهورية التى علينا أن نتحد من أجلها؟
أصر (إصرارالحمير)على أن الأمريتعلق بخطإ مطبعي، لم يتداركه منظروا الحزب وسدنته، فقرروا المضي قدما فى تبنيه (أخذتهم عليه الكسحة) كما فى العبارة الشعبية...!!
لاشيئ يوحى مطلقا بأن لدينا اتحادا من أجل الجمهورية، لكن دلائل وقرائن عديدة - على الأرض - تؤكد بوضوح أن لدينا "جمهورية" مسخرة ل"الاتحاد"...قد نكون بحاجة هنا للقول إن العمارات الفاخرة والسيارات الفارهة والمبالغ الطائلة التى يتحرك بها ولها ومنها "الاتحاد" ماكان ليحصل عليها لولا أن "الجمهورية" كلها من رئيسها ،وحتى أصغر"لحلاح" فيها تعمل من أجل "الاتحاد"..!!
انظروا- إن شئتم- الى مقرات الحزب فى المقاطعات الطرفية الفقيرة، انها قصورشماء، وعمارات مفروشة ومنتقاة بعناية، حتى وإن أحاطت بها أخبية الفقراء الذين يجمعهم مع "الإتحاد" ( وليس فيه) شرف أن الرئيس أيضا رئيسهم الذى يحمل( بالحبر والورق واللسان) همومهم وتطلعاتهم...إن تلك المقرات تعطى انطباعا بأن "الاتحاد" يأتى من فواحش البذخ والفساد مالم يسبقه له حتى سلفه "الحزب الجمهوري" الطائعي البغيض..!!
فى كل تظاهرات الحزب كانت "الجمهورية" حاضرة فى المقدمة تأطيرا ودعما وتمويلا...نعم فالوزراء الحاليون والسابقون واللاحقون (الأحياء منهم والأموات) شهدوا مشاهد"الاتحاد" كلها، واقتفوا سننه شبرابشبر وذراعا بذراع، ودخلوا معه حتى "جحر الضب" من غرس الأشجار، اإلى مسرحية الحوار، مرورا بمسيرات النساء ومبادرات الدعم.
إذن فالاسم الصحيح للحزب هو"الجمهورية من أجل الاتحاد" وليس العكس، وبمقدور"جوقة" الحزب الراقصة مع "التسعة رهط" و"الكومبارس" على إيقاع دف "رب البيت" (وهورب لم يستطع حمايته هذه المرة) أن يغيروا الاسم ويصححوه، ولن يكلفهم ذلك أكثر من اتصال هاتفي (مجاني) ف"الجمهورية" كلها من الرئيس الى أبسط موظف، مرورا بالحكومة، ورجال الأعمال تحت تصرف "الاتحاد"...
ليس الحزب بحاجة لمعجزات حقيقية أوكاذبة كي يعيد تسميته الصحيحة، وهوفى حل من الاعتذارعن الخطأ، فلمن يعتذر وهو الخصم والحكم؟! ...وما الذى يهم الناس فى أمورحزب حاكم(أوحزب الحاكم لافرق) غير اسمه مرة أومرات؟.. أليس مايقوم به "الاتحاد" نوعا راقيا من "تصرف المالك فى ملكه"؟!
ولوأن بعض الثقلاء - هنا أوهناك - أرادومن "حزب الاتحاد" معجزات مقابل الإيمان به وبتغيير اسمه (الأعظم) لكان لهم ما أرادوا، ف"الاتحاد" يحي الموتى كما رأينا، فقبل أيام أعاد الحياة لرجل أعمال مات منذ سنوات!!...لقد نفخ فيه الحزب من روحه فتمثل بشرا سويا يقود "مبادرة للدعم والمساندة" وتكلم أمام الناس فى مهرجان حاشد، وهو ينظر ليرى حميره وقد اكتنزت لحما وشحما، وهي التى مات بعضها معه فى نفس اليوم، تماما كماحمار"العزير"...والغريب أن ماله (الذى مات دونه) "لم يتسنه" مثل طعامه وشرابه!!
والحزب يحول الجفاف الى خصب ونماء..."ضرب بعصاه الحجر"،فتحول جفاف "الحوضين" و"لعصابة" و"لبراكنة" و"اترارزة" الى موسم ناعم يتدفق خضرة وحياة!!..وطفق "خريف لسانه" يرسم لوحة حياة زاهية على المساحات الجرداء، والقطعان المنقرضة هنا وهناك على طول البلاد وعرضها!!
والحزب مسح بيديه (المباركتين) على الحوار، فحوله من مسرحية جلست فيها "الأغلبية" و"الموالاة" لترتيب أوراقهما السياسية القادمة، إلى انجازديمقراطي وطني لم يسبق له مثيل فى تاريخ البشرية..!!
والحزب أعاد وجوها محترقة الى الواجهة، ويكفيه إعجازا أنه أعطى "جلودا"جديدة لوزراء ورجال أعمال ونافذين قبليين من زمن ولد الطايع، بدل "جلودهم" التى نضجت فسادا ونفاقا ونهبا وقذارة..!!
أما المعجزات "الصغيرة" من قبيل اعادة رموزالتطبيع الى الواجهة، وتدميرالديبلوماسية الموريتانية، وتأزيم أوضاع الطلاب والجاليات فى الخارج، واختلاق "أزمات صغيرة" للتغطية على "الأزمات الكبيرة" ،واكتشاف آخرطريقة لحساب انجازات رئيس الدولة، من المحتمل أن تدرس للطلاب - خاصة طلاب مدارس الصحة الجديدة فى روصو وسيلي بابي والنعمة والتى بلامناهج وبلا أساتذة وبلابنايات- (سيقال لهم مستقبلا فى مادة الحساب إن انجازات الرئيس = المال المدفوع للمصفق"ضارب"عدد المصفقين "قسمة" على عدد أيام حكم الرئيس)..!!
لوأن أهل "الاتحاد" صدقونا القول، وسموا حزبهم "الجمهورية من أجل الاتحاد" لكان بمقدورنا التفكيرفى الانضمام لحزبهم القوي، أما وقد أصروا على خطإهم "المطبعي" فليس أمامنا إلا أن نحلم - ولوفى مستقبل غير منظور- ب"اتحاد" حقيقي من أجل "جمهورية" حقيقية...لقدشبعنا أخطاء مطبعية، ولم يعد بمقدورنا تجرع المزيد منها ،خاصة وأنها مسؤولة عن كل حالات "التقلص" و"الإمساك" و"الإسهالات" السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التى أصابت بلدنا- بشكل مزمن - منذذهاب الرعيل الأول من الموريتانيين الصادقين معنا ومع أنفسهم قبل حوالى نصف قرن من الزمن.