حَدِيثُ "المُسِيئِ مُهَاتَفَتَهُ" / المختار ولد داهي

كثرت الهواتف النقالة في بلادنا تكاثر الفطريات خلال العشريتين الأخيرتين  حتي تواتر أن إحصائيات الجهات المختصة تتحدث عن أن عدد الاشتراكات و الشرائح الهاتفية يفوق بكثير عدد السكان !!  و تفسير ذلك أن  فئة غير قليلة من المواطنين تمتلك  من خمس إلي عشر اشتراكات و "شرائح اتصال" 

و أن غالبية "السكان النشطين" يملكون علي الأقل ثلاث شرائح علي طريقة " من كل شبكةِ اتصال شريحةٌ" !!.
و في تقديري أن الموريتانيين هم من أكثر شعوب العالم و "الشعوب المثيلة" لهم –علي الأخص-إنفاقا ماليا(مقارنة مع دخولهم)  و إسرافا "وقتيا " علي المكالمات الهاتفية و يرجع  بعض الدارسين " ظاهرة تضخم النفقات الهاتفية" إلي "إدمان الموريتانيين" علي مسكر "الإخباريات و اشْطَارِيًاتْ" بالإضافة إلي استفحال و انتشار "الكسل المقيت" لدي الأثرياء الجدد و "المتشبهين بهم" حتي لم يعد من الملفت أن تتواصل  "ربات البيوت" مع  أزواجهن و أبنائهن و عمالهن  داخل غرف البيت الواحد عبر الهاتف الخلوي. !!
و قد صاحب ظهور الهاتف النقال العديد من المسلكيات و الاستخدامات السلبية من طرف الشباب المراهقين و الشًوَابِ المراهقات خصوصا تلك المسلكيات التي تَلُوكُ منها "الصالونيات" مئات النوادر و الملح و الغرائب  التي كادت أن تلحق كبير و واسع الأذي بالسلم الأهلي و الاستقرار العائلي و الوقار و الحياء المجتمعي،... !!!
و قد حدثني أحد الظرفاء – و قليل ما هم في المشهد النواكشوطي منزوع بركة الوقت"- أنه لقب أحد أقاربه "بالمسيئ هُتَافَهُ أو  مهاتفته"مفصلا أن المسيئ مهاتفته هو من يتصف بواحدة أو أكثر من من الأمارات الخمسة التالية:- 
أولا: اختيار اللحن المميز المنفر لرنة الهاتف: صحيح أنه "مسيئٌ لمهاتفته" من  يختار دائما " للحن المميز لهاتفه" غريبَ و صاخبَ و "منكر الأصوات" من الصنف الذي يخيف الأطفال أو يصيب الشيوخ بالصداع و اضطراب دقات القلب أو تَجْفَلُ و تَشْرَدُ منه الحيوانات الأليفة أو "يُفَرِقُ الجماعة و المجلس متعدد الفئات العمرية"، !!!...
ثانيا-التوقيت غير الموفق للاتصال: لم يجانب الصواب من صَنًفَ ضمن فئة "المسيئين المهاتفة"  من لا يتصل  هاتفيا بغيره إلا في مواقيت الصلاة بالمسجد  و أحايين وضع الثياب من الظهيرة و لحظات ما بعد يوم العمل الإداري الطويل و الشاق و فترات ذروة العمل و الاجتماعات المهنية و الساعات المتأخرة من الليل أو المبكرة من الصباح،..
ثالثا-تكرار الاتصال عشرات المرات دفقة و دفعة واحدة: من المتفق عليه أنه يُنْمَي إلي طائفة المسيئين المهاتفة من إذا اتصل هاتفيا علي آخر و لم يرد عليه  لعذر حَبَسَهُ وضع أصبعه علي الزر المخصص لإعادة الاتصال و ظل يتابع محاولة الاتصال و لو كلفه ذلك الساعات تلو الساعات و حدثني أحد الرواة أنه  وجد  ذات مرة بشاشة هاتفه الجوال مائة محاولة اتصال من متصل واحد. !!!
رابعا-الطول الممل للمكالمة الهاتفية:  الإجماع منعقد علي أنه مسيئ مهاتفته من إذا اتصل لم يَرْقُبْ إكراهات و لا استحقاقات المُتًصَلِ عليه فيمضي الساعات الطوال يتحدث في كل المواضيع من غير رابط و لا ضابط مترنحا  من "الديك إلي الحمار"كما يقول الفرنسيون(du coq à l’ane)و لو أنه اطًلَعَ الغيب أو عرف تضاريس وجه محدثه لقطع المكالمة من غير وداع و بنية أن لا يعود  للاتصال طيلة ما بقي من عمره. !!!
خامسا-الجهر -فوق العادة- بالصوت  عند الحديث الهاتفي: ما من شك أنه مسيئ مهاتفته من إذا اتصل أو اتُصِلَ عليه رفع صوته إلي الدرجات القصوي  و المستوي الذي يشرك به قسريا من  تفصلهم معه عشرات بل مئات  الأمتار في مضامين و تفاصيل مكالماته و منهم من يجهر بصوته في اتصالاته الهاتفية إلي حد يجعل الجيران يهرعون ابتغاء  التساؤل و الاطمئنان علي "سلامة اخْدَيْجَة" كما يقول المثل الحساني واسع الانتشار. !!!

 

23. مارس 2017 - 0:06

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا