نشرت بالأمس مقالا عن أخي محمد الأمين ولد الداده، مفوض حقوق الإنسان، المعتقل بغير حق من دون محاكمة، رغم مضي أكثر من سنتين على اعتقاله، ورغم الوعود الجمة التي تتالت بأنه سيعرض على القضاء للبت في قضيته، ومن أعلى سلطة في البلد مما يعني أن قضيته باتت مسألة تصفية حسابات شخصية، لا قضية عدالة ومحاربة فساد.
ومن أجل إكساب القضية بعدا إنسانيا فقد اجتهدت في صياغتها أدبيا، على لسان امرأة عزيزة علي، أعتبرها أختا كبرى بالنسبة لي كما هي بالنسبة للأخ الوزير المعتقل بغير حق. وتنكبت الحديث السياسي والحقوقي المباشر حرصا على الصبغة الإنسانية حتى يبدو المقال وكأنه مناشدة إنسانية للقائمين على الأمر، لا بيان سياسي أو حقوقي، يناشد بالحق ويدافع عن المظلومية. وهي مسألة حرصت عليها، طيلة السنتين التي قضاهما أخي محمد الأمين وراء القضبان عَدْوًا بغير حق، كلما أتيحت لي فرصة لقاء مع حقوقي وطني أو إعلامي جاد، لعل ذلك يكون بَلالا لرحم موصولة بيني وبين الوزير السجين، لن آلو جهدا في رعاية ذمامها، برا بآبائي وأمهاتي وصونا لعهود القربى والمودة. ما هذه منة أدِلُّ بها على أحد؛ بل هو أقل من الواجب علي. ومنذ اليوم الأول لاعتقال أخي محمد الأمين، بغير حق، اطَّرَحْتُ الخلافات في وجهة النظر السياسية وتجنبت الكتابة عنه، لا شماتة معاذ الله، ولا خوفا من عاقبة قول ما أعتقد أنه حق وخير وصواب، والدفاع عن أخ مظلوم، يظل الدفاع عنه أقل ما يمكن من حقوق الأخوة في الدين والقربى الدنيا، علاوة على كونه دفاعا عن مظلوم مسجون بغير حق، مرة أخرى. بل خوفا من أي تأويل سياسي يحتمل، أو اتهام بركوب موجة ما. فلما فتحت الدورة الجنائية الحالية، وتقرر فيها فتح الملفات المماثلة لملف محمد الأمين مثل ملف مدير صناديق القرض والادخار، غاظني أن يتم استثناؤه، وحده، ويمر الأمر دون أي صدى في الصحافة أو لدى الرأي العام، فقررت أن أكتب ما كتبت إثارة للقضية وتنبيها للرأي العام الوطني والدولي. وقد أثار المقال نظرا لصيغته وطبيعته ملاحظات، لم تحضرني وقت كتابته، نظرا لشيوع هذا اللون من مقالات الرأي، منها أنه حديث باسم الأسرة وافتيات عليها. وهي ملاحظة تكفي قراءة المقال مرة واحدة لتبديدها. إلا أني مع ذلك: - أعتذر اعتذارا كاملا عن كلما فهم من المقال مما لم أقصد إليه، أثناء كتابته ولا حضر في ذهني منه مقدار نقير. - أقول إن كل كلمة في المقال هي من كتابتي وعلى مسؤوليتي الكاملة، ولا دخل لأي أحد غيري فيها من قريب أو من بعيد. وأنا مستعد لتحمل أي مسؤولية تترتب عنه أخلاقيا وقانونيا. - أجدد دعوتي إلى إطلاق سراح أخي محمد الأمين ومحاكمته كشخصية سامية، خدمت موريتانيا من موقع المسؤولية، وبما أوتيت من كفاءة. وصولا إلى تبرئة ساحته والاعتذار إليه وإلينا جميعا عن الإساءة التي مثلها الاعتقال بغير حق. - أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يُقِرَّ أعين جميع أحبابه وإخوانه وأخواته بِلَمِّ شمل عاجل، لا منة فيه لأحد من خلقه، ولا يعقبه إلا قرة عين في الأهل والنفس والمال.