توجهت أنظار الشعب الموريتاني و سياسيو البلد من شيوخ و برلمانيين و رؤساء أحزاب بمختلف مشاربها و مآربها إلى ما ألقاه فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز على مسامعهم من حديث شيق ينم عن مقام الرجل و مكانته و قدراته الفكرية و العقلية و السياسية و شجاعته و استقلاليته مجسدا بذلك مكانته كرمز للسيادة
الوطن و كرئيس لكل الموريتانيين، حيث لم يبقى أحد من أهل هذه الأرض المباركة إلا توجه بناظره للشاشة الصغيرة ليعرف و يفهم كيف يتصرف الرئيس مع قرار الشيوخ الثلاثة و الثلاثين الذين صوتوا ضد التعديلات الدستورية و وقعوا في خطإ سياسي فتحوا من خلاله بابا هم أحوج ما يكونون إلى غلقه.
بدأ الرئيس حديثه بالمزاح و الارتياح و لانشراح، معولا في ذلك على كل تلك الأفكار التي جادت بها عقول بشرية "صغرى" في نظر من نافحوا عن الشيوخ تهديدا و وعيدا جهلا منهم بأصحاب الأقلام، و كبرى في نظر من دافعوا عن الثوابت و الرموز ذات القيمة العالية لهذا البلد المجيد، تلك العقول التي نضجت و أنضجت و كتبت فأفادت و قادت فسُدِدَتْ خُطاها، و فُهم مرماها، و وَعَتْ مسعاها ومقصد عملها، ذلك أن عملها كان من أجل المواطن لا من أجل جيوبها، مستخدمة عقولها و الرصيد العلمي و الفكري الناضج الذي حباها به الله، يشفع لها في ذلك أنها لم تُلطخ يديها بالمال العام المنهوب و لا بالمال الخاص المسلوب بالرشوة و الخديعة و التكبر و مجابهة الضعفاء بأسلحة الاحتيال و التجويع و التهميش و النسيان في أطراف الوطن المترامية، و لم تكتُم حقا و لم تشهد زورا و ليس لها حلم سوى بناء موريتانيا يدا بيد مع الوطنيين الصادقين من أبناء هذا البلد و على رأسهم فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز و قادة الأغلبية الشجعان الذين صمدوا رغم الهزات ثم الذين يلونهم من الأطر و الوجهاء و الأعيان و المواطنين الشرفاء.
لقد حوت مقالات الشباب أفكارا تطابقت و مواقف الرئيس ذلك أنهم كتبوها ـ ردا و تعقيبا على نازلة لا ديمقراطية و لا قانونية و لا دستورية و لا أخلاقية ـ بصدق و اخلاص و تجرد، حين وقف البعض في وجه تحول كبير أراد له رئيس الجمهورية أن يصل بالخدمة إلى من يدفع الضرائب مقابلها، و أراد له البعض الآخر أن يوأد في المهد، و أن تبقى خيرات البلد حكرا على الخاصة ممن يرضى عنه أولئك الذين يجوعون الشعب ليذلوه و يهينونه ليتأمروا عليه. تأمرا لا قيمة له تذكر على حياة المواطن، متمعنين في اذلاله و استغلاله و استغفاله و العمل على شد اغلاله التي كُبل بها ظلما و عدوانا، لا لسبب سوى أن أولئك أرادوا أن يبقوا في قصور تفرغ زينة لا أن يذهبوا إلى المواطن، أرادوا أن يستعرضوا عضلاتهم على أكثر رؤساء موريتانيا شجاعة و صلابة و مجابهة للمتعنتين و المتعجرفين و المتسلطين و الكذابين المخادعين.
لقد فهم الرئيس ما حوت تلك المقالات و قال بها، و عرف أنها صادقة، و يكفي أن ينادي شاب سياسي بالاستفتاء و يطالب به فيعتمده الرئيس إيمانا منه بصدق الشباب و يقينا منه بصدق أولئك الخبراء الذين عرفوا كيف يفصلون بين اختصاصهم كخبراء في القانون الدستوري و بين ولاءاتهم السياسية، خلافا للبعض الآخر الذين خلطوا بين الخيارات السياسية و المخارج الدستورية و القانونية البحتة.
فلا أدل على ذلك مما ذكرناه في مقالنا المنشور بتاريخ 17 مارس 2017 تحت عنوان : (التصويت ضد التعديلات خيانة سياسية كبرى) و الذي جاءت فيه هذه الفقرة :
(....إنه من جهة صلاحيات رئيس الجمهورية و ما يخوله له الدستور يمكنه الذهاب للاستفتاء و لولا وطنيته و ترشيده للمال العام، لذهب اليه مباشرة، لكن المال لا قيمة له في وجه مصلحة الشعب، لذا ان لزم الأمر سوف يعلن رئيس الجمهورية تاريخ الاستفتاء الشعبي و لربما تكون المفاجئة اكبر حيث لا محالة ستفشل حملات المعارضة الراديكالية و من على شاكلتها من الشيوخ، لأنه ببساطة الحكم للأغلبية و الأغلبية مع الرئيس شيبا و شبابا.....)
و المقال المعنون بـ (الرقم 33) و الذي نشر بتاريخ 19 مارس 2017 :
(.... و هنا لا بد من توجيه رسالة واضحة لرئيس الجمهورية مفادها أنه لن يومن معك إلا من قد آمن، و إن خانوك فقد خانوا من كان قبلك، فلا تبتئس و لا تحزن، و لتسر بخطى ثابتة و لتستفتي شعبك، و لن يخذلك الله أبدا.
لقد حباك الله بمن هم مخلصون فاعتمد عليهم و توكل على ربك الذي جاء بك للحكم، و لتعلم أن معاشر الشباب معك يقفون صفا كالبنيان المرصوص دون محاباة و لا خداع و لا خيانة معاذ الله.
اليوم و قد أعلنها رئيس الجمهورية فليس لنا سوى أن نقول : (سمعا و طاعة، بعقولنا، و أقلامنا، و أموالنا، و جاهنا، و سلطانها و مكانتنا في قلوب الناس) سنصوت و نؤيد و ندافع عن التعديلات الدستورية في صيغتها النهائية، حتى و لو لزم منا الأمر أن نعمل ليل نهار دون ملل و لا كلل و لا انقطاع، حتى ولو لزم منا الأمر أن نهجر بيوتنا و راحتنا، و نومنا و مأكلنا و مشربنا و مصدر رزقنا، فالله معنا و النصر حليفنا، و المصير مصيرنا و لن نتركه لمن عجزوا عن الوفاء بالتزاماتهم و لا من تقاعسوا عن واجبهم في البحث عن مصلحة الوطن و تغليبها على المصالح الضيقة من "الموالين" و المعارضين الراديكاليين.
إن عودة الرئيس للشعب شجاعة منقطعة النظير و تحد باهر سيكون مفتاحا للنصر و سيثبت مدى زيف المعارضة الراديكالية و مدى ضعفها إن السيادة للشعب كما قال الرئيس و كما نص على ذلك الدستور، و من عاد لصاحب السيادة ما ظلم، و كما يقال البادئ أظلم.