يقول الفقهاء إنّ إماما غشوم (ظالم) خير من فتنة تدوم، ذالك أن قوة الدولة تعتبر مصلحة للأمة و المجتمع و ذالك بغض النظر عن الحاكم نفسه و إنه من أخطر أنواع الضعف و أقصر الطرق إلى الفتن و زوال الدول تحكُّم أصحاب النفوذ من من لا يتحملون مسؤولية مباشرة في الحكم فيأخذون مغنمه
و يسلمون من مغرمه.
إنّ التصويت الأخير لمجلس الشيوخ كشف عن أمور خطيرة تهدد الوطن في وجوده ذالك أنه أثبت بما لايدع مجالا لشّك أن بعض بَارونَات المال تؤثر في الدولة أكثر من تأثير الحكومة و الجيش و ذالك كما أسلفنا مؤشر شديد السلبية في دولة ضعيفة و حديثة النشأة و في مجتمع حديث العهد بالدولة كمجتمعنا.
لا يضير تصويت المجلس بالسّلب أو الإيجاب فذالك قرار يفترض به أن يعود لقناعة المجلس و لكنّ الإشكال في نقطتين
1. خداع الشيوخ لأغلبيتهم و للرئيس
2. و هو الأهم خضوع الشيوخ لإغرءات أو تهديدات رجل الأعمال المقيم في الخاج محمد بوعمّاتو مما يؤكد أنه يمتلك من القوة و التأثير مالا تمتلكه الحكومة و الجيش.
إنّ هذا التصويت فرصة على الدولة أن لا تفوتها حتى تقطع أيدي و أذناب رجل الأعمال المتمرد و ترد اعتبارها و هيبتها، كما فُعِل مع كلّ الإنقلابيين منذ نشأة الدولة و حتى اليوم، إن تهاون الدولة في هذا الأمر من شأنه كتابة شهادة وفاة دولة موريتانيا حفظها الله.
لا أُحبّ الغوص في السياسة و تفاصيلها و لكنه من العدل ذكر محاسن الناس تشجيعا لهم عليها و تثبيتا لهم كما ذكر أهل العلم و إني لأزعم أن هذا النظام إن كان أصاب في شيئٍ فهو في رفضه وصاية بوعمّاتو على الدولة تلك الوصاية التي يمارسها منذ عهد ولد الطايع.
خيار مواجهة نفوذ بوعماتو و تغوله على الدولة ليس بالقرار السهل كما يظنّ البعض بل هو مغامرة بكل المقاييس ذالك أن علاقات الرجل الأخطبوطية تصله مع منظمات و هيآت عالمية نافذة حتى لا نقول أكثر، تلك المنظمات لن تغفر لهذا النظام قرارته الشجاع بقطع العلاقات مع إسرائيل و تمجيد المقاومة الوطنية و ترسيم اللغة العربية كلغة لمراسلات الجيش، و هنا مربط الفرس (مصالح فرنسا و الغرب).
أقول لإخوتي من الشباب بأنه لا تكاد توجد بلدة في موريتانيا إلا و أصابها بعض الشرّ من بوعمّاتو، فمثلا في أكجوجت عمل الرجل جاهدا بماله و نفوذه في فرض نخبة مهترأة من السياسيين مؤهلها الوحيد هو الطاعة العمياء له، و عمل على إقصاء كل الطيبين و الحريصين على الصالح العام في.
و في انواذيبو حارب بوعمّاتو النائب و العمدة الموقر من كل الموريتانيين القاسم ولد بلال و أنفق رجل الأعمال أمواله الطائلة رشوةً لمستشارين بلديين (أكباشْ) حتى يحرم فقراء انواذيبو من خدمات عمدة انتخبوه لماعلموا فيه من صدقٍ و تفانٍ في خدمتهم.
إنّه بصفتي مواطنا بسيطا قلق على مستقبل بلده أبارك و أثمّن قرار رئيس الجمهورية بالمضي إلى استفتاء شعبي ليس على التعديلات الدستورية فحسب و لكن على إعادة هيبة الدولة و الحفاظ على استمراريتها و أوأكد دعمنا و مساندتنا لهذا الخيار و سيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.
الله الموّفق و حفظ الله موريتانيا