صاحب العباءة الخضراء يدعو رئيس الجمهورية للتصالح مع الشعب الموريتاني / القاسم ولد ابنو

لقد بدأ السيد الرئيس مؤتمره الصحفي ليلة البارحة بالبسملة. وهذه سنة، وشيء جميل ومحمود. غير أنه أعلن عن محرم شرعا وهو إذكاء نار الفتنة وتفرقة شعب مسلم سمح يريد السلم والأمن والعافية، وليس بينه ضغائن ولا أحقاد، وذلك بإعلانه الإصرار على إجراء استفتاء شعبي لم يكن مرغوب فيه،  

ولا مطلب شعبي ملح، وقد حسمه عدم إجازة مجلس الشيوخ له. وليس – كذلك- أولوية لشعب ديست مقدساته بمحرقة كتبه الفقهية ومصدر عزه في العالم الإسلامي، وسيء إلى جناب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. واستنزفت خيراته وممتلكاته، وقسمت مدارسه إلى مدارس حرة للبرجوازيين القادرين على دفع مصاريفها، وأخرى نظامية لا تستقطب إلا أبناء الفقراء والمستضعفين من الفئات الهشة والمحرومة كتلك التي يمثلها كل من رئيسي حزب الوئام وحزب التحالف الشعبي التقدمي النافخين على النار.
ولا يعلم الجمع من ضم مؤتمر السيد الرئيس الموقر أن بقاء هذه الفئات الهشة جاهلة سيكون معولا للهدم، والقضاء على أمة بأكملها.
إذ  ستتفشى السرقة والنهب والجريمة. وإذا كان البعض يتصور أن قيادة الشعوب الجاهلة أسهل لأنها لا تعرف حقها، فتطالب به، فإن ذلك غير صحيح وخاطئ.
والدليل على ذلك ما رأينا من حولنا شمالا وجنوبا ولم يسلم منه إلا تلك المتعلمة مثل تونس الخضراء، التي نجت من الخراب والدمار بفضل الله، وبعلمها وبالحوارات الهادفة والمسؤولة. وهذا المقام  هو مقام الشورى والعلم الذي حث عليه الإسلام في قوله تعالى: ﴿وأمرهم شورى بينهم﴾ و ﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾.
والإسلام سيدي سادتي هو المرفأ الآمن للبشرية جمعاء.
ثم صلى سيدي الرئيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أيضا شيء جميل ومحمود كذلك، لكن لما سئل عن إعدام المسيء إلى جناب الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، استخف بالأمر وقال أنه بسيط وأن البعض أراد به الشهرة كأهل النصرة والبعض الآخر أراد به التفرقة كهيئات حقوق الانسان.  وأنه أمر موكل إلى القضاء، وكأن السيد الرئيس ليس على رأس أعلى سلطة تشريعية في البلد وأعلى سلطة عسكرية وأعلى سلطة مدنية،  وأعلى سلطة آمرة بالصرف والتوظيف وكل شيء بيده في هذا البلد إلا الأكسجين الذي يتنفسه هذا الشعب وذلك رحمة من الله تبارك وتعالى بعباده المغلوبين على أمرهم المساقين بالمال والسلطة إلى حيث لا يدرون.
ثم أشار بيده اليمنى، بدء باليمين (وهذا شيء جميل ومحمود أيضا)  إلى الصحفيين الممثلين لقناتي دافا والوطنية. وما أدراك ما هما.
وتركزت المساءلة على أمر واحد - أبرم بليل – وهو موضوع بطولات السيد الرئيس وتميزه من بين مئات الضباط بالحكمة والعقلانية، وأنه الوحيد الذي كان يعي أن هؤلاء النخبة كانوا أداة طيعة في أيدي الآخرين،  ينقلبون بهم متى شاؤوا وحين شاؤوا. وهذا ما لا نرضاه لمؤسستنا التي نحترمها ونوقرها ونرى أنها أشرف مؤسسة في هذا البلد وحامية حماه، وفيها من المثقفين والمفكرين النابهين ما لا يوجد في غيرها من المؤسسات. وإن وراء الأكمة رجال فيهم خير كثير، وأمل كبير،  وإليهم يرجع الفضل في أمن واستقرار البلد وإنهم لعمري من معدن – خير معدن- حوته شنقيط من مجموع دول الساحل بل بلدان العالم.
وعليه فإني أطلب من السيد الرئيس وولي أمرنا أن يتقي الله في هذا الشعب المسكين وأن يعقد مؤتمرا صحفيا آخر، أكثر عقلانية وحكمة وتواضعا لذي الجبروت،  والقوي القاهر فوق عباده، ويخاطب شعبه: أغلبية ومعارضة عسكرين ومدنيين، صحفيين وطلاب بما يرضيهم. ويدعو لحوار جاد، جامع وهادف، يعانق فيه محمد جلو، وكومبا فاطمة، ويقول للنافخين لا تهلكوني وتهلكوا شعبي، هذه فتنة ملعونة وقانا الله شرها. وليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يتمالك نفسه عند الغضب.
وكما بدأ سيدي الرئيس ببسم الله الرحمن الرحيم فإن أختم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بـ ﴿إنه من سليمان وإنه  بسم الله الرحمن الرحيم﴾
والله ولي التوفيق

24. مارس 2017 - 1:43

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا