في وحي الله المنزل وناضجات السياسة وحكمة العقول أن الإنصاف والعدل أحق أن يتبع، والرجوع عن الخطأ إلى الصواب فضيلة، ومقتضبات فقه الفقهاء، أن رأي الحاكم معتبر مرجح بين ما اختلفت فيه الأمة بشرط أن يكون ذلك الاختيار مبني على مصلحة للأمة متحققة وراجحة لا مظنونة مرجوحة ؟
ولقد سن لنا رسول الرحمة وهاد الأمة والأسوة المقتدى به – صلى الله عليه وسلم- في باب السياسة الشرعية، سلوك منهج العدل والإنصاف في الرأي والاجتهاد البشري، مهما كان ولو كن ذلك صادر من نبي معصوم مسدد بالوحي، فقال:" إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة" الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة .
فبين – صلى الله عليه وسلم- أن القائد ولو كان نبيا، قد يتصرف في الأمر الدنيوي تصرفا بحكم الخبرة البشرية، فيخالف اجتهاده الصواب، فقد قدم النبي – صلى الله عليه وسلم- على أهل المدينة ووجدهم يؤبرون النخل فنهاهم عن ذلك، وهو الذي لا علم له بشأن النخل ولا بما يصلح ثمره، وإنما اجتهد بناء على ظاهر الأمر وبقائه على أصل سيره وطبيعته، فخرج الثمر رديئا، فراجع قوله لهم وقال:" إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به، فإني لن أكذب على الله" الحديث رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأي، وأحمد في المسند برقم 1322.
وفي رواية أخرى للحديث تشهد لمن يعارض الرؤساء، ويرفضون لسياساتهم وأحكامهم فقال:" إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر"، وكان الإمام النووي في غاية الفقه والفهم حين بوب لتلك الأحاديث بقوله: باب وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره – صلى الله عليه وسل- من معايش الدنيا على سبيل الرأي، شرح النووي على صحيح مسلم(15/ 116).
والحبيب الشفيع القدوة المعلم- صلى الله عليه وسلم- يزيدنا بيانا وتوضيحا بأنه قد يتصرف لمصلحة الأمة بالرأي والاجتهاد، ولها أن تخالفه في ذلك، حتى ولو كنت من الموالاة والأنصار كما فعل السادة الشيوخ، ولا يعتبر ذلك في ميزان الشرع خيانة، وإنما نصحا للأمة في الدين والمصلحة، ومستند ذلك عزم النبي- صلى الله عليه وسلم- مصالحة قبيلة غطفان في غزوة الخندق على نصف ثمار المدينة على أن يرجعوا بجيوشهم عن محاصرتها، وكتب كتاب الصلح، وأرسل إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وعرض عليهما الأمر، فقالا له: يا رسول الله أمرا تحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيئا تصنعه لنا ؟ قال:"بل شئ أصنعه لكم..فرفضا الأمر وتراجع عنه النبي- صلى الله عليه وسلم " عماد دين خليل دراسة السيرة(ص، 214- 215).
بل وأكثر من هذا وبيانا لمنهج تعامل الرعية موالاة كانت أو معارضة مع الإمام وما يصدره من الأحكام المبنية على الرأي والاجتهاد يقول – صلى الله عليه وسلم-:"إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فالا يأخذنه، إنما أقطع له قطعة من النار"،( البخاري، باب قوله- صلى الله عليه وسلم:"أموالكم حرام ولكل غادر لواء يوم القيامة، ومسلم، كتاب الأقضية، باب الحكم بالظاهر وللحن با الحجة)، ومن فقه وفطنة الطحاوي أنه ترجم له في شرح معاني الآثار بقوله: باب الحاكم يحكم بالشيء فيكون في الحقيقة لخلافه في الظاهر- معاني الآثار(2/ 287).
وفي مواقف أخرى بين فيها مشروعية مخالفة الرعية لما يقره الحاكم اجتهادا ومشورة وإرشادا منه ولو كان نبيا، فهذه بريرة لما أعتقها أهلها ، كلمها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في أن تراجع زوجها، فقالت: يا رسول الله أتمرني ؟ فقال:" لا، إنما أشفع"، قالت: لا حاجة لي فيه، البخاري، كتاب الطلاق، باب شفاعة النبي- صلى الله عليه وسلم- في زوج بريرة.
فالسياسة والتدبير أمور تقديرية واجتهادية، وفي شرعتنا وقيمها السياسية والمشتركة بيننا، فليس لرئيس حق التشريع ولا وضع القوانين، وإنما هو وكيل ومؤتمن على تطبيق الأحكام المنزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من رب الأرباب والسموات، وتلك اللوائح والنظم التي استنبطها فقهاء الأمة وهل الخبرة فيها من مدلولات ومقتضيات تلك النصوص الشرعية التي تعتبر الأمة في مجموعها مسئولة عن تطبقيها، وأوكلت ونويت الحاكم عنها في رعايتها والسهر على لتطبقيها، وأعطته المشروعية والقوة ألازمة لذلك، فالأمة هي مصدر مشروعيته وسلطانه وهي قيومة عليه، لها أن تبقيه ولها أن تعزله متى ما رأت مستوجبا لذلك من خروج على أحكام دينها أو تقول عليها أو خيانة لمواثيقها، أو عجز عن تطبيقها وتنفيذها، أو موالاة لأعدائها، أو عجز عن توفير احتياجات أو حماية أفردها؟!
وليس لرئيس ولا من حقه أن يختار الشيوخ والنواب وأهل الحل والعقد، فذلك من حق الأمة ومقتضيات سيادة الشعب، ووفق مبادئ ومقاصد وقواعد الشرع الكلية، وذلك هو معنى الشهادة التي عبر بها القرآن عن معنى القوامة، وقد قال الله تعالى:{ وكذلك جعلنكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}، سورة البقرة، الآية : 143. وقال:{ كنتم خير أمة أخرجت للناس}، آل عمران، الآية : 110.
فقد كان النبي الأسوة القائد والمعلم يشرع ذلك ويبينه بالسنة العملية والقولية، يقول- صلى الله عليه وسلم-:" ليرفع إلي ذلك نقباؤكم أو عرفاؤكم، وعمليا لم يتدخل في اختيار القوم لعرفائهم ونقبائهم، فكان ذلك المنهج والسلوك هو التشريع المتبع في هذا الأمر، وهو ما تقره وتعمل به الديمقراطيات الحديثة ؟!
نعم في ضوابط السياسة الشرعية ومقتضيات عقد التوكيل فإن للرئيس الحق في تعين الوزراء، والولاة والقضاة، وقادة الجند، والجند أنفسهم، والشرطة، وغيرهم من رؤساء الهيئات التي منها تتكون الدولة وعليها تنهض وتقوم، وبها تستقر وتدوم، وبالضوابط المعروفة في ذلك، والتي منها، روى الإمام البخاري في صحيحه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال:" إذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتظر الساعة, قال: كيف إضاعتُها يا رسول الله؟ قال: إذا أسندَ الأمْرُ إلى غير أهله, فانتظر السَّاعة". البخاري في صحيحه. وفي الحديث:"من قلد رجلا عملا على عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين".
واعتبارا لمراعاة الحقوق والمصالح، وما تعارف الناس على أنه من مقتضيات تسير الدولة ومقتضيات الديمقراطية، فليس من حق الرئيس حرمان وإقصاء من يعارضه من وظائف الدولة، فذلك حق لهم ثابة بمقتضى المواطنة، ولا يسقطه معارضتهم لسياسات الرئيس، فإن فعل ذلك كان ذلك منه ظلما للمواطن وخيانة لميثاق التولية والنيابة عن الأمة ؟
ولقد كان ذلك هو حال السياسة الشرعية في زمن النبوة، وفي عهود من الزمن عند من ساروا على منهاج النبوة في السياسة، حتى جاء في عصر الاستبداد والانقلابات العسكرية خلوف أضاع السياسة ومقاصد الدين في حياة الأمة، بسم وظائف الرئاسة وهبة مؤسسات الدولة ومؤسساتها، ووظائفها وصلاحياتها، والتي أبرزت وأظهرت بما فيه الكفاية وأكثر، وعلى حساب دور الأمة وموقعها ومكانتها، وصلا حياتها ووظائفها، الأمر الذي خلق ذلك الانفصام النكد بين الأمة والحكام ومؤسسات الدولة، بسبب سلب الأمة حقها في القوامة والمسؤولية وكونها هي الأصل، ولا يمكن أن يذوب الأصل في الفرع، وذلك هو ما أفقد الأمة مكانتها وقدرتها على الريادة والعطاء والإبداع، وحولها إلى مجرد ركام ضخم من الأفراد المتفرجين والمُسْتهلكين، بينما ضخم أمر الحاكم وآليات الحكم إلى حد أنه الرب الأعلى، والذي لا يرى أحد إلا ما يراه هو، وغيره شرذمة قليلة معادية عميلة !؟
فقهاء السلطان وهواة الحظوة والكراسي، في تدريسهم البائس للفقه، ومواعظ الارتزاق نزلوا وحصروا عددا من النصوص الشرعية في أنها تعني الحاكم ولا تعني غيره، من النصوص ذات البعد السياسي، من مثل النصوص المتعلقة بإقامة العدل والقسط، والجهاد والقتال، وتنفيذ الحدود، والحكم بما أنل الله، وتنظيم شؤون الزكاة، والأسرة والمجتمع، ليوجدوا في دائرة السياسة والمقاصد الشرعية للحاكم مخرجا لتعطيلها والتملص منها، وعلى شاكلة: أن الأمن قيل العدل، ودرئ أسباب عداوة الغرب مقدما على تطبيق أحكام ليست مقصودة لذاتها، وإنما لما يترتب عليها من المصالح، وإذا تعارضت المصالح والمفاسد، قدم درء المفاسد على جلب المصالح، وهي كلمة حق في هذا السياق تكون سيقت لتمرير وتقرير باطل، كما هو ديدن فقهاء السلطة ممن يدعون الوسطية والاعتدال؟!
والحقيقة الصارخة بها النصوص الشرعية أن ليس للحاكم نوع اختصاص ولا مزيد مسؤولية في هذه الأمور وأمثالها، والخطاب فيها أساسا وابتداء للأنة ولجماعة المسلمين، والخطاب الشرعي في هذه الأمور العامة، وفي معظم التكاليف الشرعية هو خطاب لجماعة المسلمين، وهو نداء، لجماعة المسلمين، وهو يتعامل مع الأمة لا نع الأئمة، مع الأمة لا مع الدولة، أما الأئمة ومن في حكمهم، فهذا إنما هو شأن من شؤون الأمة. فهم مخاطبون من خلالها ومكلفون من قبلها .
وأدلة هذا وشواهده من القرآن والهدي النبي كثيرة جدا ناطقة بينة لا تحتاج إلى شرح منها على سبيل التمثيل لا الحصر قول الله عز وجل:{ شرع لكم من دين ما وصى به نوحا والذي أو حينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيم الدين ولا تتفرقوا فيه}، سورة الشورى، الآية: 13. وقال:{ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}، سورة آل عمران، الآية : 103. وقال:{ والمؤمنون والمؤمنت بعضهم أولياء يعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلواة ويؤتون الزكواة ويطيعون الله ورسوله}، سورة التوبة، الآية : 71. وقال:{ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}. سورة المائدة، الآية : 38. وقال:{ الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}، سورة النور، الآية : 2. وقال:{ وأنكحوا الأيمى منكم والصلحين من عبادكم وإيمائكم}، سورة النور، الآية : 32 . وقال:{ يا أيها الذين ءامنوا إذا جاءكم المؤمنت مهجرات فأمتحنوهن}، سورة الممتحنة، الآية: 10. وقال:{ وإن خفتم شقاق بينهما فأبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها}، سورة النساء، الآية : 35. وقال:{ والذين يرمون المحصنت ثم لم يأتوا بأربة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة}، سورة النور، الآية : 4 . وقال:{ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا} سورة النساء، الآية : 5 . وقال:{ وإن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحديهما على الأخرى فقتلوا التي تلغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بسنهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}، سورة الحجرات، الآية : 5.
هذه النصوص ذات الأحكام السياسية والمرامي الاجتماعية والاقتصادية لا خطاب فيها موجه استقلالا بسم الدولة أو الرئيس أو الخليفة أو الحكومة، أو الإمارة، أو الغرفة السفلى أو العليا، أو المجلس الأعلى أو الفتوى، بل الخطاب للجماعة والأمة على العموم، وحتى أمهات العبادات فغالبا ما يأتي الأمر بها جماعيا، وما يتطلبه أدؤها من إعداد ووسائل وشروط وتعاون وتناصح، يتوقف على الجماعة والعمل الجماعي؟ ، وأدوار الدولة فيها مساعدة ووظائف مكملة، ومواقف مشجعة موجهة، ولكم الخطاب أبدا ليس لخصوص الدولة، وليس متوقفا على تدابير الدولة ولا على تشجيعها ومساعدتها.
الضحية الثانية والخطيرة لفقهاء السلطان وزبائن هدايا سحت السلطان هي ممارسة تعطيل ومنع تفعيل دور الوقاية والسلامة من الاستبداد والظلم والفساد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفراد الأمة لصالح أمن السلطان وحماية نظامه، فهذه الوظيفة الرقابية الأساسية للمجتمع حولها الفقه البائس لفقهاء السلطان إلى كهنوت، بل أماتوا ممارستها وزوروا لها معاني وتأويلات عطلت وظائف المجتمع والجماعة، وظيفة تغير المنكر إذا ظهر ومقاومة الفساد إذا بطر، فحاضروها بتوجيهاتهم الخاطئة وتأويلاتهم الباطلة، ودفعوا عنها عامة الناس بشتى الأساليب والآراء عن ممارستها، أو على الأقل التضيق عليهم في ممارستها وتفننوا في وضع الشروط والضوابط والالتزامات التي ما أنزل الله بها من سلطان، فالنصوص القرآنية والنبوية صريحة متضافرة في بيان أن هذه المسؤولية لعموم الناس نساء ورجالا، قال تعالى:{ والمؤمنون والمؤمت بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف ويتهون عن المنكر}، سورة التوبة، الآية : 71. وقال:{ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}، سورة آل عمران، الآية 110. وقال:{ وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}، سورة هودـ لبآية : 117.
فهي وظيفة أصيلة رقابية لكل أفراد المجتمع لهم يؤدونها في كافة مستوياتهم ومدنهم وقراهم وملزمون بممارستها وتطبيقها وبشكل يؤطرون به الظالم الحاكم أو غير الحاكم إلى الحق إطرا، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:" ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنوه إلى الحق إطرا" الحديث أخرجه، النواوي، في رياض الصالحين. وقال: عن ابن مسعود رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:" ما من نبي بعثه اللَّه في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل"رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وقال:عن حذيفة رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن اللَّه أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. عن أبي بكر الصديق رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: يا أيها الناس إنكم لتقرؤون هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} (المائدة 105) وإني سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم اللَّه بعقاب منه) رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.وقال:" سيد الشهاداء حمزة ورجل عمد إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله" الحديث أخرجه الحاكم وفال صحيح الاسناد ولم يخرجاه، وصححه السيوطي والألباني...
وقال - صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم مكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" صحيح مسلم بشرح النواوي(2/21). وفي شأن الأمراء المنحرفين قال:" فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" نفس المصدر السابق.
وبالمقاصد تعرف علل الأحكام، ومعطيات الواقع تقول بأن المعارضة اليوم وفي ظل متغيرات الأحوال ومستجداتها، بأن المعارضة وفي ظل النظام الديمقراطي هي نمط من أنماط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومعاقبتهم على ذلك وحرمانهم من حقوقهم بسبب ذلك هو من أبشع الظلم وأظهر صور الإخلال بميثاق الولاية وتحمل مسؤوليات السلطة التي أقسم الرئيس وعاهد الأمة على حمايتها وصيانتها، وقد قال – صلى الله عليه وسلم:" عن عائشة رضي الله عنها قالت سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا « اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ». – رواه مسلم