يجدر هنا تحديد المقصود بالتقنين والمراد بالتعيين .
لن نتكلف الكثير في شرح الكلمتين فمعناهما معلوم من لدن الجميع وربما تكون محاولة الشرح تعقد الموضوع من باب :توضيح الواضح يزيد الاشكال .
التقنين : من القانون ويدل علي اخضاع الأعمال وما يقام به للقانون
الذي هو علاقة بين شيئين أو اكثر والخضوع لآليات محددة مدروسة تحكم –بسكون الحاء-الأشياء بعيدا عن تدخل العاطفة والصدفة .
و التعيين الذي نقصد هنا هو ما يتم عبر مراسيم أو عن مجلس الوزراء ,ينتج عادة توافدا للتهنئة ويغير حياة صاحبه ,نعتقد أنه عن دراسة ويري البعض أنه جراء الصدفة ..
ان اخضاع الترقيات للقانون ذو فوائد عديدة : يبعد الارتجال في العمل ويطرد سلطان العاطفة و الهوي عن القرار و يجعله أقرب الي العدل .
من شأنه كذلك أن لا يترك مجالا للضغائن حيث الامتيازات يتحصل –بضم الياء-عليها بالجدارة لا بالشطارة و المكيدة والنفاق .
ان خضوع الترقيات لمناهج معلومة ومعايير مدروسة إضافة الي أنه يقضي علي التذمر ينزل البركة ويساعد علي توحيد الصف الضروري لدوام العافية الوطنية الذي يعبر عنه البعض بالوحدة الوطنية .
ان احساس الكل بأن كل فرد يقطف ما يبذر يجعل الطمأنينة تسري في النفوس ويجسد الانصاف في أبهي تجلياته وهو لعمري أكبر خدمة يسديها الحكام وبها يتذكرون-بضم الياء- بل و يثني عليهم أزمنة بعد مغادرتهم.
انه من بين أسباب مظاهر عدم الانصاف في الترقية انعدام مسلسل معلوم من خلاله تعهد المسؤوليات في الدوائر الحكومية فيتم القفز على الحقوق الوظيفية بحيث لا يكون للجدارة والتجربة والسن أي دخل في الموضوع ,فتضيع حقوق كثيرة لا يدافع اصحابها عنها لتعودهم بطء الاجراءات والملل من متابعة لا تجدي .
الحق عندنا :اذا ضاع لا يسترد .
ولئن كنا نتفهم أن يكون للسلطة حق اختيار من توكل اليهم المهام فلا أقل من أن يتبع ذلك منهجا منصفا عبره يتم التنافس حتي لا تتحكم الصدفة والعلاقة في مصائر من كتب عليهم الانضواء في الوظيفة العمومية ومن دون ترقية يخضعون حياتهم لرواتب زهيدة .
ان ضياع حقوق الموظف في الترقية يعود بالضرر لا علي الموظف المهدرة حقوقه فحسب ولكن للعمل والمؤسسة أبضا فعندما يحبط الموظف المتميز وتتدنى طموحاته الشخصية والعملية يهبط بل و يضمحل أداؤه .
انه حين تتبع الترقيات لآليات علمية ,يقلل ذلك الاحراج علي أصحاب القرار وليصبح تدخلهم محصورا في فرض احترام المساطر ,ذلك أزكي لهم وأضمن للحصول علي ثقة العموم وأكثر براءة يوم الدين .
ان إغفال تقنين الترقيات وان كان يصب في مصلحة البعض يترك الباب مفتوحا أمام فوضى التعليل بالصدفة والحظ .
اننا من خلال الاستطلاع المستفيض علي وضعية الموظفين نلاحظ الحاجة الماسة الي عمل جاد لسد الثغرات والفروق بين العمال الذين وضعهم متلخص في : فئة من الأثرياء بسبب الترقيات المتكررة وأخري محرومة ليس بسبب المستوي العلمي ولا التفاني بل بسب عدم تبني الشطارة و النفاق سلوكا .
ولأن الشطارة لا تساعد في المادة العلمية :يلجأ القوم الي اكتتاب داخلي لموظفين ذوي خيرة يقومون بالعمل مكانهم فإذا بقي التوقيع والختم أحسن أولئك المرقون المهمة .
وحتي لا تستمر هذه الوضعية المزرية والتي يضيفها البعض خطأ الي الحظ وحتي يستفيد الوطن من كامل مقدرات أبنائه فانه بات علي الجميع عمل المستطاع لتدارك الوضع والتقليل من آثاره .
ومن ما يساعد عليه أن عددنا قليل ومقدرات البلد وافرة والذي ينقص هو الاحساس بوطأة الأمر ثم ارادة فعل شي ء بشأنه , يكون هذه المرة جديا وتلمس نتائجه .
ان مكتوبي هذا لا يريد الحاق الأذى ولا هو بقول المعارض بل يطمح الي لفت الانتباه والأمر بالمعروف والنصح لنضع مقاربات ونسن نصوصا من شأنها مواجهة الظاهرة .
ان ترقية البعض ولما يقترب من التقاعد وان كانت جديرة بالتنويه إلا أن هذا الفعل عندما يسعى لأن يعم يكون لا شك أجدي .
وقد تلاحظون معي أن هذا النص –ان كان يصدق عليه هذا الاسم –مليء بالجمل الاسمية وهي للتقنين و ب :ان وهي أيضا للتوكيد , فهل كان ذلك صدفة ؟
لا يمكنني الاستزادة من ظلم الصدفة بعدما حملها الجميع مسؤولية أفعالهم و قراراتهم وإثراء البعض وإفقار البعض الآخر.
والي أن يقدر الله ما يشاء نكون قمنا ببعض الواجب بعد أن ترددنا كثيرا حتي لا يقال : ما فعلوه إلا طمعا أو يقال عن غير حق : هؤلاء معارضون .
أدام الله عافيته علي الجميع ...