استيقظوا يا أبناء آدرار / سيد محمد ولد أخليل

تردد صدى كلمة الأمير عثمان ولد احمد عيده عفا الله عنا وعنه وعن جميع المسلمين، في الأرجاء حتى تجاوز كرمسين وبوجي، وخيل لكل أبناء المنطقة - بلا استثناء - أن الرجل يتحدث بألسنتهم، ويعري تهميشهم المتعمد من طرف الأنظمة المتعاقبة وآخرها نظام الرسام الذي يرسم لوحة العلم المتناقضة الألوان !
كانت بمثابة صرخة رجل عزيز لا يريد لمنطقته وأهله إلا الخير، خصوصا وأنها تستحقه بمقدراتها ومقدرات أبنائها وتاريخها الشريف.

كلمة تمت إساءة فهمها وتحريف حروفها والذهاب إلى الزعم بأنها دعوة إنفصال بغيضة، والرجل لم يزد على أن ضرب مثلا بالسودان ذاكرا أن سبب انفصال جنوبه عن شماله هو غنى الأول وتهميش الأخير له (والحقيقة أن انفصال السودان ورائه الماسونية المخربة).
كانت كلمة مدوية دوت في الآذان لتوقظ أبناء المنطقة النائمين الذين صفقوا لها بكل حرارة، وتدعوهم إلى ما يخشونه منذ عقود متزايدة ألا وهو الإتحاد الذي هو أحد أهم أسباب القوة. كلمة جعلتنا نحن أبناء هذا الزمن نرى صورة ماثلة للزعامة الماضية والعزة والشموخ المفتقدين في زعامات هذا العصر الديمقراطيين الذين أصبح كل من هب ودب من الحشرات يتجرأ عليهم ويلعنهم في الشوارع والمحافل والفيسبوك !
كلمة بمثابة صرخة دوت في آذان أبناء المنطقة الأعزاء محذرة من الإنطواء، فقد قضى النخيل وأهله الكرماء عطشا في الوقت الذي تشق فيه الأنابيب الأراضي لتسقي الآخرين !
في الحقيقة لم نر نحن أهل المنطقة من كبارنا وقادتنا – وآخرهم هذا الرسام المحسوب علينا - شيئا يذكر، وأكبر مثال على ذلك فترة الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطائع، فقد كان الناس في الشرق والغرب يأكلون من مائدته غير شاكرين، ما عدى أهل منطقته المساكين، ولعل السبب – الذي أصبح لعنة عليهم – هو قلة عددهم مقارنة بالآخرين كما يقال !
كانت إنجازات معاوية وخيره – كالرسام ولوحاته الهزلية -، تنحدر كالسيل من جبال المنطقة لتصب في الشرق والقبلة دون أن يحصل أحد من أبناء المنطقة على قطرة يؤثر بها نخلته المحتضرة ، فتنامى التهميش وتفاقم العوز حتى اضطرت النسوة إلى الصياح في وجوه العابرين بتغرب الرجال وجوع الأطفال، وبكاء الأرض والنخيل المعطاء !
والرسام مشغول بتعديلات المنافقين المتحاورين التي لا أهمية لها، والتي صوروها له في صورة الإنجاز الوحيد في البلد، كأن في وضع خطين أحمرين غريبين، أو إضافة بيتين شعريين ركيكين، أو بناء مجلسين جهويين شرقيين قبليين، إضافة إيجابية إلى المنطقة أو إلى البلد عموما !
الرسام الفنان مشغول بالشرق والقبلة – كما كن سلفه -، وطبعا الإخوة عقلاء جدا، تحمد لهم رعايتهم لأبناء مناطقهم إذا ما قورنوا بالمجانين المتكبرين المحسوبين علينا، وكما ذكر أحد المواقع فقد حول أكثرهم وزاراته وإداراته إلى مرعى خصب لأبناء جهته جهارا نهارا لا يخشى في ذلك لومة الرسام ولا صواريخ القسام !
إن هذا الكلام – ومثله كلام الأمير – ليس تمييزا ضد أي أحد، فنحن جميعا إخوة في الدين والوطن، لكنه ملل من هذا الظلم المتفاقم لمنطقة كانت ولا زالت مشعل الحضارة ونورها في هذه البقعة من الأرض..
إنها صيحة مرارة بلغ الألم بها المدى، فأين من يلتفت إليها ؟..
الرسام يديه متلطختين بالصباغة الحمراء التي يلطخ بها العلم المسكين، وتركيزه منصب على لوحته القبيحة التي جمعت بين ما لا يمكن الجمع بينه من الألوان والمتناقضات والطرقات المعبدة والتقعرات، والضرائب المنظمة والتخرصات ! أما غيره من أبناء المنطقة فكل واحد منهم مغلق عليه باب داره يعيش بمداخيل زرائبه وكراء منازله، أما إن كان فقيرا فلا أحد أكثر كرامة وإحساسا بغنى النفس من فقراء المنطقة الذين لا يظهرون أبدا إلا الغنى والرضى !
وأقول لك إن صيحات نسوة المنطقة الأخيرة، وكلام الأمير، والمطالبة بطرد وزراء المنطقة المحسوبين عليها بلا أدنى فائدة، كل ذلك لم يخرجه إلا المرارة المتفاقمة لأن السيل قد بلغ الزبى !
لابد لنا من الكلام لأننا مللنا تهميش الآخرين لنا، ومللنا قبل ذلك تهميش أنفسنا لأنفسنا وتركنا للغير يرتع في خيراتنا التي نحن أولى بها كما ذكر الأمير..
سنتكلم ولو اتهمتمونا بالسعي إلى الإنفصال، وهو المناسبة ليس غرض الأمير ولا غرض أحد من أهل العقل والمنطقة، ولا أحد يريده غير غربان الجنوب المنحوسة..
سنتكلم ولو غضب الآخرون لأن رضاهم في ظل جوعنا وعوزنا ومهانتنا لا يغني من جوع..
سنتكلم وإن ازعجنا بكلامنا هذا الرسام ولطخنا بمرارتنا لوحاته الإصلاحية التي لا تساوي فلسين !
سنتكلم ولو غضب الشرق والقبلة، فليغضبوا إذا كانت مطالبتنا بحقوقنا تغضبهم !
لقد كان الجميع يقولون في زمن معاوية أن خيره متجه لأهله وحدهم، وهذا كذب طالما اعترضنا عليه أيامها ، ولا تعد شخصين أو ثلاثة من أغنياء التجار الذي كان لديهم المال قبل معاوية والرسام، ممن عملوا على تنمية أموالهم في أجواء
كل الأنظمة، لكن انظر إلى أبناء المنطقة عموما، أين هم في الإدارات والوزارات ومراتب الدولة العليا التي يطالب بها لكور على قلتهم ؟
أين هم خارج منطقتهم التي جاعوا وماتوا نحولا فيها ؟
لقد كانت الشاذون من أبناء المنطقة – ولا يزالون – ممن حصلوا على شيء في زمن معاوية والرسام العنيد (وإن كنت أعتقد أن زمن الرسام شحيح على الخيرين بل بينه وبينهم حقد دفين ظهرت ملامحه، فلا تراه إلا وهو ينتقدهم بذريعة الفساد، ويقرب اللئام والمجاهيل والأطفال، فخيره أقرب إلى هؤلاء التافهين، ومن كذبني فلينظر إلى المنتفعين من الرسام اليوم، إنهم باختصار مجموعة من التافهين المصفقين الذين لا أصل لهم ولا فرع ولا كرامة، رخص لهم الأحزاب وفتح لهم أبواب الوزارات والرئاسة والإدارات حتى رأينا أطفالا متخرجين بالأمس يتقلدون وظائف سامية في الدولة، وبعضهم لم يجلس في حياته على مكتب ! هذا إضافة إلى ما يجلبه الوزراء وغيرهم إلى الإدارات والمصالح من أبناء قبائلهم وجهاتهم ! كل قبيلة ترتع وتمرح في الدولة ما عدى المحسوبين علينا نحن !..
لقد كان الشاذون من أبناء المنطقة المنتفعين من الأنظمة المتعاقبة، وهم قلة مقارنة بغيرهم (0.0001 من المائة مقارنة بهم)، يغلقون على نفسهم أبواب منازلهم في وجه المقربين الذين هم أولى بالرحمة والعناية من الناكرين للجميل، ولا يسمحون بالدخول إلا للغرباء فكانت النتيجة ما نحيا فيه اليوم من ضعف وخور وإهمال وعوز رغم أننا قلب هذا البلد النابض !
لقد آن الأوان لأبناء المنطقة أن يتكاتفوا وينبذوا عنهم هذه الفرقة البغيضة وجميع أسبابها فالإتحاد قوة في دويلة القبلية والجهوية التي لا ينفع فيها غير تكاتف الضباع (بالمناسبة تفرجت حديثا على فيديو لمجموعة من الضباع، نجحوا بالتكاتف في افتراس أسد !)..
لقد آن الأوان للمنطقة أن تقول كلمتها وتحصل على نصيبها من خيرات أرضها المعطاء التي توزع بالمجان على الغير !
لقد حان الوقت لنكون او لا نكون، فلنضع أيدينا في أيدي بعضنا، ولتكن لنا هيبة بدل هذا الصمت المطبق القاتل والتهميش المذل الفاضح، لنسلك طريق غيرنا ولنفرض أنفسنا كما فرضوا أنفسهم حتى على بعض أبنائنا !
أتعرفون ما الذي تمنيته وأنا أستمع إلى كلمة الأمير المدوية التي لامست شغاف قلوب الأهالي المهمشين وأخرجت الزغاريد من حلوق النساء، وأرت الجيل الجديد نموذجا صارخا لزمن الإمارة العزيز الذي لم يكن أي كلب من أجداد كلاب هذا الزمن يجرؤ فيه على النباح..
لقد تمنيت لو كنت بجواره لأقبل رأسه – كما فعل الآخرون - لأنه تكلم فأسمع وقال حقا يخشى الكثيرون التلفظ به، أما أنا فاعتقد شخصيا أن الإنسان الذي يكتم رأيه الحقيقي ويستبدله ببعض القماش الصيني الحقير الذي يفصل منه وجهات النظر التي تناسب الظروف مجرد منافق وإن اعتقد غير ذلك، وهذه وجهة نظري الخاصة.. أسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا وإياه وإياكم وجميع المسلمين من أهل الجنة، وكفى به مطلبا..

17. أبريل 2017 - 9:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا