غرس النظام الطائعي فى الشعب الموريتاني عقلية المصالح السياسية العرجاء فلا أحد يساند ويوالي للنظام إلا من له مصلحة يريد المحافظة عليها أو يبتغي أخرى مهما كان المتمصلح مثقفا أو تاجرا أو شيخ قبيلة أو طائفة أو رجل سياسي وغاب مفهوم القناعات الفكرية والسياسية .
ترسخت هذه العقلية في أذهان الجميع وأصبحت سلوكا ومنهجا لا يحيد عنه إلا فاسد أو متخلف وانقلبت الموازين واختلت المفاهيم
ونكست الثوابت الاجتماعية والحياتية رأسا على عقب وطفح الكيل وطغت المادية و أصبحت قيمة المرء التى كانت تقاس بقدر علمه وخلقه أصبحت بقدر ما يملك ولا يهم مصدر ماله حراما كان أو حلالا والطريقة التى اكتسبه بها إلى أن جاء النظام العزيزي ليصلح ما أفسد سلفه ويعيد للبلد ما فقدته من قيم ومكتسبات.
فقد كانت قيمة المعلم قبل النظام الطائعي فى القرى والأرياف معتبرة يقدره الكبير قبل الصغير والكل يسعى لكسب وده وما عليه إلا أن يقدم الدروس المعرفية والتربوية للأبناء وعلى أكمل وجه. قد يصل تقديره في بعض القرى النائية إلى أن يؤثروه في الهدايا التي تكون أحيانا من الحيوان في المناطق التنموية ومن المحاصيل في المناطق الزراعية. أما الأستاذ فقيمته أكبر من ذلك وراتبه يكفي لسد حاجياته وحاجات ذويه وأصدقائه وجيرانه.
الممرض يشبه المعلم والطبيب من الممرض بمنزلة الأستاذ من المعلم تماما كالتشابه الحاصل بين الدكتور والاخصائي
الجندي أيضا كانت له مكانة وهيبة في نفوس المدنيين تضاهي مكانة المعلم والممرض وللضابط درجة الأستاذ والطبيب أما الضباط السامون فمع الذين أنعم عليهم من الدكاترة والاخصائيين .
تفنن السياسيون في طرق وأشكال المحاباة والتزلف والتقرب للنظام الطائعي حتى حام بعضهم حول الردة والعياذ بالله وغرست هذه العقلية في أذهان غالبية الشعب ولم يسلم منها إلا من رحم ربي وظهر جيل جديد لا يحمل من القيم والأخلاق إلا التزلف الذي يدر عليه بالمال العام والمناصب السامية على حساب معارضي النظام الطائعي الذين شردوا وسلبوا ممتلكاتهم وهمشوا أشد أنواع التهميش وصبروا حتى تبلج صبح الثالث من اغشت 2005 اليوم الذي سيكون له ما بعده .
بدأت بشائر النصر تلوح في الأفق فقد نجح انقلاب عسكري على نظام ظالم طغى وتجبر وعاث في الأرض فسادا لأكثر من عشرين سنة وما إن تأكد نجاحه وسمع البيان الأول حتى بدأت لعبة الدومينو تتهاوى كتهاوي خرزات سبحة قطع خيطها فتناثرت في الفضاء وبدأ أزلام النظام يحاولون التقرب من النظام الجديد بالمبادرات المساندة والمسيرات المؤيدة له وجميع أشكال التزلف لكن النظام الجديد من نوع آخر لم يكن معهودا. نظام يريد الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولا يقبل التمصلح والتزلف على حساب المصلحة العامة للشعب المطحون.
نظام انحاز للفقراء ورمى المفسدين في السجون والمتملقين في مزبلة التاريخ وبدأ مشروعه الإصلاحي بخطوات ثابتة رغم كثرة العراقيل فحقق في فترة وجيزة إنجازات لم تتحقق قبله وبنى وشيد وأسس لدولة ديمقراطية تقود دول الإقليم وتستشار في القضايا العالمية وتتدخل في أشد الأزمات وتتوسط بين الفرقاء. دولة لها مكانة سامية بين الأمم.
لم يهدأ لجماعة النظام الطائعي بال فتخندقوا في المعارضة من جبهة المعارضة إلى منسقية المعارضة وأخيرا إلى منتدى المعارضة يتباكون على العهد القديم ويحنون إليه حنو المرضعات إلى الفطيم وظنوا أن الشعب أصيب بالزهايمر فكسبوا ود بعض المعارضين وتحالفوا معهم من أجل إسقاط النظام الحالي والعودة بنا إلى الوراء ولكن هيهات هيهات ولا عودة إلى الوراء.