استقبلت بارتياح كغيري من المواطنين نبأن تنظيم بلدية توجنين لاستشارات طبية لصالح الفقراء والمحتاجين، بالتعاون مع بعثة مختصة بأمراض الأعين.
وبعد أربعة أيام من عمل البعثة أطل عمدة البلدية عبر إحدى القنوات الإعلامية المحلية بحديث شجي وأرقام قياسية تسيل اللعاب وصورة براقة..،
في فجر اليوم الموالي وقبل يوم واحد من موعد انهاء عمل البعثة جئت المركز الصحية بالمقاطعة حيث عين المكان.
جئت حوالي السادسة والنصف صباحا، وجدت أمامي بعض المواطنين ممن جاؤوا قبل صلاة الفجر، ووجدتهم أعدوا ﻻئحة تنظيمية ترتبهم حسب اﻷول فاﻷول سجلت فيها أختي التي جئت بها، وواصلنا التسجيل بتنظيم الجميع مرتاح له لما ينتظر منه من عدل ولإنصاف.
الثامنة ودقائق بدأ المعنيون يأتون شيئا فشيا، وما إن اكتمل حضورهم حتى كان أول مشهد بدؤوا به: طرد الناس على طريقة إخراج حيوانات من الحظيرة " أحدهم يصفق بيده ويقول أش أش أش"، مشهد غير مريح وهو مدعاة للقلق..، ولتفادي الطرد في غمرة هذا المشهد، انزويت وخرجت طواعية لعل الأمر تنظيمي أكثر منه استهزاء بفقراء ومساكين ما جاء بهم إلى الحاجة، ولعل أحسنهم حالا جاء رغبة في خبرة فريق من المختصين ربما يملك معدات طبية أفضل ..
بعد قليل جاء من قال إنه مسؤول التنظيم "مع تحفظي الشخصى على كلمة مسؤول"
سلمناه اللائحة التي زاد عدد المسجلين فيها على 100 شخص ما بين من حضر الساعة الرابعة فجرا حسب من وجدتهم أمامي وآخر المسجلين حوالي الثامنة صباحا..
ألقى "المسؤول" اللائحة وقال إنه وسيعمل حسب اجتهاده وكيف يريد، حديث على عجل ودر لم يكن بميسور من القول، يحمل في طياته الكثير من الإهانة والاستهزاء..
ارتفع صوتي احتجاجا على تقديم متأخرين وتأخير متقدمين ولاني الرجل ظهره فهو السيد الغابة..
وخلال كلامي استدعاني أحد المنظمين الآخرين وسألني هل أريد رقم للدخول فقلت له ﻻ، أنا لا أناضل ولا أتكلم من أجل نفسي فقط فالكشف الخاص بالعينين ما بين 3000 إلى 6000 أوقية في العيادات الخاصة، وهو مجاني عند مؤسسة بوعماتو الخيرية يوميا، ما أريده فقط هو أن لا يظلم هؤلاء الشيخ العاجزين والنساء الضعيفات حاملات الأطفال الرضع احترموا لنا التنظيم والنظام فرفض، كما رفضت أنا عرضهم.
حينها وهنا مربط الفرس في الأمر: انقسم الناس حولي إلى ثلاثة فئات، بعضهم قال لي خذ البطاقة وادخل فهذه " ليست دولة " وأنت حين تخاصم الآن من سيستمع إليك ولمن ستشكو؟ ولعلها الكلمة أو الشحنة التي كنت أحتاج لأتمسك أكثر برأيي، وهذه هي الكارثة العظمى أن المواطن لا يحترم نفسه، ولم يعتبر دولته، من كثرة ما كثرت ما تمرن وتعرض رضوخه وقبل بالظلم الذي يمارس عليه يوميا..
شخصين أو ثلاثة حاولوا مساندتي على خوف من المنظم وملئه، والبقية سكتوا عدى بعض من المستفيدين من عدم التنظيم واللوائح الجديد بطبيعة الحال سفهوا أمري وحاولوا إسكاتي جاهدين.
وفي النهاية دخل عدد يسير جدا طردت البقية على كثرة عددهم بعد أن تم التقاط العديد من الصور الفوتو اغرافية ومقاطع الفيديو وسجلت لوائح بأرقام هائلة من البشر..
ليس امتعاضي على البلدية وتنظيمها ولا على البعثة وعملها..، وبقدر ما أنا ساخط على مواطنين يخاف كل واحد منهم من ظله ويطمع فيه..، ويرضى أن يذل ويهان.. وبطبيعة الحال هكذا ستكون عاقبة أمره يعود بخفي حنين..، رؤوس تكاد تتفجر من الصداع لبكور أهلها قبل احتساء كؤوس الشاي الصباحية.
وأعين لم تزد على أن رأت من الذل والمهان ما لم ترى من قبل.. ومال المشهد من الدولة سمعا وبصرا بمنأى..