الإخوان و سقوط الحصانة / ذ.محمد فاضل الهادي

تفاجئ الرأي العام الوطني باستقالة نائب رئيس تواصل من منصبه بعد جلوس محمد جميل منصور وجها لوجه مع المطبعين من أركان نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع مع الكيان الصهيوني في فترة زمنية كان للإخوان الدور البارز في مناهضتها و مجابهتها بكل الوسائل رفضا لتلك العلاقة المشؤومة التي أنهاها الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعيد توليه الحكم.

لكن المفاجئة الأكبر هي تلك التي صرح بها العلامة محمد الحسن الددو في برنامج المقابلة على قناة الجزيرة حين رفض أن ينسب للإخوان أو لأي تيار إسلامي بعينه معتبرا نفسه سلفيا معتدلا وسطيا لا يجد نفسه في خندق سياسي بعينه و إن كان تارة مع المعارضة و تارة أخرى مع النظام حسب الموقف و حسب مقتضى مجريات الأحداث التي تتطلب منه أن يعبر عن رأيه كعالم رباني صرف، لا تستهويه السياسة و لا يقف إلا موقفا يرضي الله و رسوله.
ذلك التصريح لا محالة وقع كالصاعقة على جميل منصور و من يواليه من الإخوان في حزب الإخوان تواصل، و لا غرابة أن يقع بنفس المستوى على رأس المنظر الكبير و الأستاذ الإخواني محمد المختار الشنقيطي و قرينه و حليفه في حزب تواصل النائب البرلماني و نائب رئيس حزب "سابقا" ولد الحاج الشيخ.
فتبرأ العالم الرباني محمد الحسن الددو من الإخوان لم ينطلق من فراغ و لم يكن سوى ردة فعل على عبثية قرارات محمد جميل منصور التي أردى بها الإخوان في وحل التأزم السياسي و الصراع الداخلي بعد أن قبل التشارك مع المطبعين من نظام ولد الطائع.
لم يكن جميل منصور يحسب حسابا لردة فعل الشيخ الددو، الذي و إن كان قد تبرأ من الإخوان فإن الإخوان لا يتبرءون منه و يعتبرونه مرجعية لهم يرتكزون عليها و يجعلون منه شماعة يعلقون عليها أخطائهم التي لا تحصى و لا تعد.
يبدوا أن الشيخ الددو فهم أن لا خير في الإخوان و لا يرجى لهم شيء في مجال السياسة و العمل المجتمعي بعد أن فشلوا فشلا ذريعا في تسيير الصدقات و الهبات و العطايا الموجهة لفقراء الأمة في البلد و ليزداد الطين بلة جاء فشلهم السياسي الماحق حين ضربوا بعرض الحائط كل القيم و المثل التي كانوا يتخذون منها مرتكزا لحركتهم السرية في التسعينات و يستخدمونها كشعارات لحزبهم السياسي الذي بات يؤول للتصدع و التشرذم و الانهيار.
و الغريب في الأمر أن قادة تواصل لا يمكنهم بأي حال من الأحوال مجابهة قرار الشيخ الددو الذي تبرأ منهم علنا في أشهر القنوات العربية و أكثرها انتشارا بين المسلمين، خلافا لما استطاعوا أن يفعلوه مع نائب رئيس حزبهم حين أرغموه على التوضيح توضيحا زاد استقالته اشكالا و أظهر ارتباكا قويا بفعل تلك الاستقالة التي خربت كل شيء.
لا تزال تبعات تلك الإستقالة و ذلك القرار الذي اتخذه المفكر الإخواني الشنقيطي بمقارعة جميل منصور و الوقوف إلى صف صديقه المستقيل، فها هو الددو يرفض أن ينسب للإخوان كحركة سياسية و يرفض أن تحسب عليه أخطاء محمد جميل منصور.
رغم أن نفي الددو لمقامه بين الإخوان لا يمكن أن يكون قديما بقدر ما يحسب على أنه جديد بتجدد الصراعات داخل الحزب و الأخطاء التي وقعت فيها القيادة، فالشيخ الددو حفظه الله تعالى كان دائما حاضرا في كل مهرجانات و منتديات و حتى مؤتمرات حزب تواصل حتى أنه ساعد ذات مرة جميل منصور في البقاء في منصبه حين خطب المؤتمرين من حزب تواصل ملمحا لهم على أن لا ضرورة في تغيير القيادة ما نتج عنه إعادة انتخاب جميل منصور.
فهذا الموقف الجديد للشيخ الددو لا يمكن أن يفسر سوى أنه رفع للحصانة من قبل العلامة عن قادة الإخوان و مفكريهم و إيذان بتشكيل قوة إسلامية سياسية جديدة قد يجد فيها الموريتانيون منفذا من الإخوان و من حزبهم الطائش الذي قلما يخرج من أزمة إلا و يدخل في أخرى أشد منها و أكثر تعقيدا.
و تبقى هنالك تساؤلات عديدة تنتظر أجوبة في قادم الأيام.
هل يعتبر الشيخ الددو أن الإخوان بصورتهم الحالية لا يمثلون الواجهة السياسية الحقيقية للتيار الإسلامي في موريتانيا؟
هل يمكن القول الآن أن الددو تبرأ عقابا لجميل منصور و مناصرة للشنقيطي و ولد الحاج الشيخ ؟
هل يمكن القول أن تواصل سيبدأ بإعادة النظر في توجهاته التي فتحت عليه بابا من جحيم ؟
هل يمكن القول أيضا أن تواصل بدأ يفقد مكانه و مكانته بين الإسلاميين الموريتانيين بعد أن تبرأ منه الشيخ الددو ؟
ما تأثير قرار الشيخ الددو على مستقبل الإسلام السياسي في موريتانيا ؟

السلام عليكم.
ذ/ محمد فاضل الهادي

22. أبريل 2017 - 5:43

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا