صحيح أن سكان ولاية الحوض الشرقي ظلوا يشكلون أكبر خزان انتخابي للأنظمة المتعاقبة على السلطة منذ أن عرفوا العمل السياسي وانخرطوا فيه بنشاط؛ ولم يكن ذلك على عقود فقط؛ كما تفضلت بذلك كاتبة المقال المعنون ب(لأول مرة سكان الحوض الشرقي يقولون لا لسادتهم).
لم يكن الولاء السياسي والانتخابي لفترة وانجلت ولم يكن بنعم تبعتها "لا" -كلا-
فالمتتبع للساحة السياسية يدرك بجلاء -دون كبير جهد ولا عناء- أن الداعمين لهذا النظام ولحكومته من ساكنة الحوض الشرقي في ازياد مطرد.
من المؤسف أن تتقدم هذه الكاتبة بمقارنة غير دقيقة تتخذ فيها من القبيلة بوصلة سياسية وأداة حقوقية، ومعروف أن المشاريع والإنجازات إن قدمت لا يمكن أن تخص بها قبيلة دون أخرى و التهميش والحرمان إن وقعا لا يكمن أن يكونا منهجا وسلوكا ممنهجا ضد قبيلة أو مجموعة ما؛ وببساطة متناهية لا توجد في بلادنا قبيلة على قلب واحد وبميول سياسي في أتم الانسجام؛ إنما هناك شخصيات تسير في اتجاهات معينة بعضها وطني تحركه الوطنية ويريد الإصلاح ما استطاع إلى ذلك سبيلا وبعضها يريد الانتفاع أني وجد إلى ذلك منفذا، ولو كان الميول بمجرد الانتماء للقبيلة لما عارضت الكاتبة ولما صدر منها ماكتبت!.
القائل بأن الوعي طارئ على سكان الحوض الشرقي ربما يحتاج إلى وعي هو نفسه؛ ووصف الولايات الأخرى بقلة الوعي بناء على إحياء مبادرات قد يكون تنوعها واختلافها يدخل في حرية الرأي ونضج التفكير الذي وصل إليه الموريتاني الذي صار يعبر بقناعة وتحرر، يتجرد من الخلفية الاجتماعية الماضوية والخاضنة القبلية الرجعية المقيدة للحرية، كل هذا لا يمكن أن ينظر إليه من باب عدم الوعي بل هو عينه الوعي والنضج السياسي؛بغض النظر عن اتجاهات المساندة.
القول بأن ولاية الحوض الشرقي؛ خصت بالتهميش والإقصاء أمر تكذبه وقائع عدة منها مثالا لا حصرا : المشاريع المنجزة على مستوى الصحة والتعليم والبنى التحتية ويكذبه مصنع الالبان ومشروع 'الظهر' ومصنع علف الحيوان في انبيكت لحواش ومحطات الطاقة المهجنة والطرق المسهلة لحركة المواطن والبضائع؛هذه أمثلة فقط..
الدولة ينبغي أن ينظر إليها من باب التعامل بتوزيع الجهد -مهما كان بسيطا- على كل الولايات وفي كل الجهات، فإنشاء مستشفى متعدد التخصصات في انواذيبو مثلا؛ ينبغي أن يفرح به سكان الحوض الشرقي وغيرهم؛ لأنه إنجاز وطني خدمي أمام كل المواطنين الموريتانيين، حاله حال توسعة أي ميناء أو بناء أي سوق أو تشييد أي مطار أو جامعة..
الأمور لا تقاس بالجهات والوطن جسم واحد وعلى الجميع أن يشعر بالشعور الجامع وينبذ الانعزالية والتخندق الجهوي.
لن أطيل الحديث عن الصراعات داخل الأغلبية أو المعارضة لأن كثيرا من النشطين في المجال السياسي عندنا تحركهم مصالحهم الشخصية وطبعا ارتفعت وتيرة ذلك لدى البعض عندما هزت هذه المصالح رياح تغيير قد يحملها تغيير الدستور؛ ذلك الحدث الذي انتشر مع التحضير له فن تفسير الأحلام السياسية وكثر قراء الخبر قبل الوقوع وموقعي الزيف والكذب تنجيما وحبا في السبق واستباقا للوقوع!؟.