من تأمل اللحظة الفارقة التي يعيشها مجتمعنا اليوم يظل حيران في سلاسل الماضي العتيق الذى عودنا على التحرر من الأخلاق الردييْة التي دأبت عليها المجتمعات العربية قبل الإسلام ، جرى الزمن وتغيرت الأحوال و الأزمنة بميلاد فجر جديد صحح المسار التاريخي و ظل وجها نضرا يعبر عن بداهته و أصالته ، لكنه سار في منحا آخر يأباه الضمير الذي امتزج علما و ثقافة و تأصيلا.
لكن لتحليل هذه الظاهرة لابد أن نرجع إلى جذورها التاريخية حتى نحللها بشكل أعمق .
إن ظاهرة الإسراف في المناسبات والبذخ في المجتمع الموريتانى كانت محدودة في الأصل ولم ترقى إلى الشروط واللوازم .
في تلك الحقبة كان المجتمع في يسر من أمره تحت لواء الحنفية السمحة التي تركنا عليها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم .
لكن سلطان المجتمع شيطان مارد يجعل ممن يعمل بالشرع متزمت منغلق أحيانا ، هكذا نحن إذا .
شاب عشرينى متعلم وملتزم أخلاقيا وسلوكيا ووضعه المادى بسيط جدا ، يكافح من أجل لقمة العيش وتحقيق ما يصبوا إليه من هدفه في الحياة .
تقدم إلى فتاة توازيه في المكانة النسبية وترقى عنه في مكانتها المادية الرأسمالية للتزوج بها ، وافقت الفتاة عليه في البداية وظلت فرحته بالزواج بها تحمل في طياتها أملا ونبلا .
ظل يحسب الأيام والليالى ، اقتربت ساعة الصفر في الموعد المحدد ، "التقى بالفتاة ليلة وقال لها " اخبرى والديك فالساعة تتحرك دون توقف ’ أخبرت الفتاة أهلها ،لكن الأمر لم يلق رواجا في محيطها الاجتماعى ، ردت عليه قائلة " أنا مستعدة لكن أهلي رفضوك لشروط " فرد عليها وماهي تلك الشروط؟؟؟.
أجابته قائلة الشروط هي :
1 ــ المهر 3 مليون أوقية
2 ــ سيارة من نوع أفانسيس
3 ــ عزف الدفوف والطبول رفقة الآلات الموسيقية الرائجة في محيطها الاجتماعي رفقة فنانين من العيار الثقيل المعروفين محليا .
صدم الشاب وتوالت الهموم والأحزان ، وعيون فكره يتردد فيها سؤال من أين أحصل على هذه الأموال؟؟؟.
اتصل على صديق مقرب منه وعرض عليه الأمر ، رد عليه ساخرا بعبارة بهلوانية دارجية في المجتمع االبيظانى " اصركها " وهو لا يدري لسذاجته أن الرجال معادن .
ظل حيران سائما لا يدى متى ولعل وعسى يكون فيها النصيب الأوفر .
جلس مع نفسه وتحكم في عقله وقال " لن أسرق ولن أغامر بكرامتى وعرضى من أجل تلك الإغراءات المجتمعية .
اتصل على خطيبته وقلبه يتشقق كمدا وحرقة ، نطقت شفتاه بعشرين حرفا كفته لتوصيل ما يريد " مجتمعك فرق بيننا , إلى اللقاء "
تلك هي الأسباب التي سببت انتشار العنوسة والزواج السرى بين فئات المجتمع الذي اهتزت جذوره بثقافة ذئبية مرادية ’ وتلاشى في مهب الرياح وجفاء الاستبداد والجهوية والمادية .
والأسباب أشخصها في ما يلى :
أ ــ غلاء المهور : وطد في انتشار الرذيلة والتفكك الديني
ب ــ العادات العرفية الساذجة " بونتى " هي الأخرى عادة جاهلية لا سند لها .
ج ــ النظرة المادية .
لكن ربات الأسر هن من يتحملن المسؤولية لأنهن وأدن أحلام الشباب والشابات في تكثير الأمة الإسلامية ، وسرن في التوجه الآخر .
ذلك أمر يدعو للتأمل والجلوس مع الذات برهة من الزمن ، ومعرفة أن الحق حق ، وأن الباطل باطل مهما طال أمده .
أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ؟؟؟.