تمت التعبئة قبل أسابيع لتظاهرة أعلن أنها تحمل مطالب حول التشغيل، وأريد لها أن تكون نقطة للتذكير بمظالم ظلت تغلي تحت مخلفات أحداث 1989 الأليمة، حيث نظمت التظاهرة قبيل الموعد الانتخابي الموعود بتنظيم استفتاء شعبي عل ذلك كان لرفع سقف المطالب قبيل اتضاح آجال الاستفتاء النهائية.
وقد تمت التعبئة للتظاهرة ضمن أنشطة تخليد ذكرى أحداث 1989 الأليمة دون الإعلان عن ذلك
بل الاكتفاء برفع مطالب جامعة مع إدراج الاعتناء باللغات الوطنية ضمن نقاط العريضة المطلبية.
وعند جمع المعطيات المتوفرة حول التظاهرة في الأوساط الإعلامية لوحظ تباين في التعاطي معها، حيث حاولت أطراف اعتبارها تظاهرة عنصرية تمثل خطرا على الوحدة الوطنية، وهي التفسيرات التي امتدت نحو جهات أخرى تداولت ادعاء رشق المتظاهرين الشرطة بالحجارة.
وفي المحصلة تم قمع التظاهرة وإيقاف 26 شخصا أطلق سراح 16 منهم والاحتفاظ بـ10 جميعهم من الزنوج بينهم 4 سيدات إحداهن سبق وأن كانت ناشطة في الحراك التمهيدي لإطلاق المجلس الأعلى للشباب ولم تنل عضوية مكتبه التنفيذي.
وبالعودة لنقاش ترخيص التظاهرة التي وضعت باسم إحدى الجمعيات المرخصة بالفعل عبرت السلطات للمنظمين يومين قبل موعد تنظيم التظاهرة عن رفض ترخيصها محاولة استمالة المنظمين وحملهم على إلغاء تنظيمها، وهي الجهود التي رفضها الشباب المنظمون محاولين الاستقواء بالقانون بالتنسيق مع بعض المحامين معتبرين أن المادة 10 من الدستور تمنحهم حق التعبير عن رأيهم، وقد أثمر ذلك تبني هؤلاء المحامين للنشطاء المعتقلين الذين تمت برمجة محاكمة عاجلة لهم في أفق نهاية الأسبوع الأول من اعتقالهم، حيث لم يكن القاضي في مبتغى مطالب النيابة واختار تبرئة جميع المتهمين والحكم على الناشطة التي سبق وأن كانت من نشطاء حراك مجلس الشباب بأشهر قليلة موقوفة التنفيذ، وهو حكم قد يكون نتيجة للحملة الإعلامية التي أعقبت اعتقال الشباب المنحدرين من مكونة واحدة حتى لا يكون ملفا إضافيا ضد السلطات التي تريد أن تنظف سجلها الحقوقي ما وسعها ذلك خصوصا أنه له انعكاسات خارجية، وهكذا كان الحكم القضائي سحبا للبساط وطيا لهذا الملف الملغوم.
وستبقى القراءة الواعية تقتضي فهم التظاهرة من خلال مساءلة عن مستوى مساهمتها المحتملة في إحراج السلطات الموريتانية عبر استدعاء قد يكون متدرجا لملف حقوق الإنسان وأحداث 1989 وهو استدعاء ستكون له خصوصيته والعوامل المتجددة لجعله شماعة حمالة أوجه.