يتفق كل الذين عرفوا عن قرب الرئيس الأسبق اعل ولد محمد فال الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية مساء الجمعة 05/07/2017 و قدموا شهاداتهم عبر كل الوسائل الاعلامية المتاحة على أنه كان دمث الخلق متواضعا و محسنا. و لأن خلق التواضع في معاملة الناس بقدر ما يكون عبادة إسلامية يندب الشرع الإلهي إليها كذلك و يعبر عن إحدى صيغ التعامل الفاضلة بين الناس،
كما يعتبر التواضع بحق من أهم وسائل إشاعة المودة و إلغاء التفاوت الطبقي، فقد نال بهذه الشهادات فضلا كبيرا أسأل الله أن يضعه في ميزان حسناته و يجعله ممن قال فيهم الله عز و جل (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين).
و إذا كانت السياسة أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة، و كان السياسي هو الشخص الذي يسعى إلى أن يضع الناس ثقتهم فيه لتحسين أوضاعهم وإخراج بلدهم من كل الأزمات السيئة التي أصبحت السمة الغالبة على عصر مليء بالمتغيرات والصراعات والأحداث اليومية الجارية، فإن الرجل بما ترك من الأثر الحسن و الثبات يواكب عن كثب التطورات السياسية الخارجية و الداخلية مفصحا في ذلك عن دراية بها كاملة ، و ممتلكا لأجل مواجهتها الموهبة و الصرامة. و لأنه كان مدركا أن الفكر والفهم السياسيين موهبة، فقد ظل عاكفا، من خلال المطالعة المكثفة على الأحدث و النهمة على كل جديد الإصدارات في المجال، على صقل موهبته جيدا. و قد كان صريحا و مؤثرا يعبر عن وجهة نظره بوضوح و شجاعة. كما لم يمنعه كل هذا من أن يكون مستمعا جيداً و مستوعبا لوجهات النظر المختلفة في تواضع طبيعي وليس مفتعلا.
و يعتبر الرئيس الأسبق اعل ولد محمد فال من الرجال الذين يتمتعون بثقة عالية في أنفسهم، لا يتأثر برأي الآخرين بسهولة، و يجتهد ليقنع بوجهة نظره بصبر لا يشوبه الانفعال، شخصيه قوية و كلمة مسموعة مؤثرة، و له الكثير من العلاقات، حسن الهندام والمظهر و يمتلك ثقافة واسعة في العديد من مجالات الحياة.
و على الرغم من كثرة ما عرض عليه و دعي له من المناصب و الاستشاريات الدولية فقد ظل الرئيس الأسبق اعل ولد محمد فال، واضع حجر أساس الديمقراطية، متشبثا كخيار لا يتزحزح عنه بالبقاء في وطنه، ملازما فيه بيته أو متحركا بين ولاياته يختلط بأفراد الشعب البسيطين من عمال و رعاة و مزارعين، يشرب معهم الشاي و يأكل مما يأكلون و يتبادل الأخبار و يستطلع الأمور عم كثب و في كل جزئياتها.
و قد ترك الرجل في سجل تاريخ البلد السياسي بصمة خالدة حيث كان أول عسكري يأخذ الحكم ثم يتنازل عنه طواعية لصالح رئيس مدني يتم انتخابه ديمقراطيا من خلال الاقتراع الشعبي المباشر على شهد العالم بأنه كان شفافا. و هي مبادرة عظيمة، شريفة و شجاعة ما سبقه إليها أحد و قد سجلها، بماء الذهب، التاريخُ الذي دخل فيه اسمه من أروع أبوابه.. رحم الله اعل ولد محمد فال.