إدارة اسنيم و مناديب العمال / الشيخ ولد محمد سهيل

بعد ثلاث سنوات من المماطلة التي صنعها مسلسل من المفاوضات لا يموت و لا يحيى يتاثر بالوضع الداخلي و الخارجي يشَبهه البعض بعملية السلام في الشرق الأوسط, حوار يتم الإعتراف بمخرجاته تارتا وتلغى تارتا أخرى يؤمنون ببعضه تارتا و يكفرون ببعض, مسلسل لا يعدو كونه مهدءًا لنوبة غضب و تذمر يتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى لكنها مع هذا التأجيل تزداد عمقا و ضخامة و أنتشارا

 و سيأتي اليوم الذي تفقد فيه هذه المهدءات فاعليتها عندما يكون الغضب قد إستغلظ و أستوى .. وليست هذه الكلمات جعجعة بلا طحين بل إن المتأمل العاقل يعلم أن الحقوق هي إحدى دعائم السلم الإجتماعي و أن التلاعب بها أحد أسباب إنهيار المجتمعات و تفككها و لا أحتاج إلى دليل على ذلك فرائحة الفتن تزكم الأنوف.
و إن إتفاق الثالث من مايو 2014 بين إدارة شركة اسنيم و مناديب العمال -و الذي وُقِّع برعاية السلطات الإدارية- ليس من المطالب التي نستجدي شركة اسنيم القيام بها بل هو حق يجب عليها الإلتزام بتطبيقه, و هناك فرق شاسع بين المطالب و الحقوق فالمطالب هي مالم يصادق عليه في إتفاق أو قانون أو صدر في مرسوم مع أنها مُتعينة على الشركة لكنها ليست ملزَمة بالقيام بها بعكس الحقوق فهي واجبة ثابتتة مترتبة لا تسقط بالتقادم الأنها صدرت في مرسوم أو قانون أو تم التوقيع عليها في إتفاق كما هو الحال في موضوع المفاوضات لذلك فإن المتاجرة بهذه الحقوق أو التنازل عنها هو جريمة كبرى و أنتكاسة و تراجع أقل ما يمكن أن يوصف به هو الخيانة.
و إن هذه المفاوضات الأخيرة و التي بدأت منذو أسبوعين و تخللتها مشاعر غضب و تذمر و حماس من طرف العمال قد أجبرت الشركة أن تلقي بأهم قطع الشطرنج لديها في هذه المفاوضات التي لا تقل سخونة عن حر يونيه في تيرس زمور, و ليس من المفاجىء أن تستخدم الشركة في سياسة لي الأذرع أهم تكتيكاتها في سلب الحقوق و هي سياسة النفس الطويل التي عودت العمال عليها, و بما ان طريقة سلب الحقوق هي التي تحدد شكل المقاومة فقد إبتكر العمال شكلا جديدا من النضال سموه #جررررو_الإنتاج و هو التباطىء في العمل من أجل خفض الإنتاج بل أيضا إلغاء الكثير من التضحيات التي كان العمال يقدمونها في سبيل الرفع من الإنتاج و السرعة في العمل و المتامل في الهاشتاگ #جررررو_الإنتاج تقفز إلى ذهنه مباشرة الجملة الشعبة المعروفة (الرَّجالَ جَاوْ جَرُّو لَكْمَامْ) و ما تحمله من التأني و الرزانة و المشي بخيلاء بل هو بإختصار (أرْگِيصْ الْمَدُوبْ) و هذا لا يخلو من سخرية و طرافة تهدي للجميع بسمة في بحر من الدموع.
و إذ نهيب بالدور الذي يلعبه المناديب في هذه المفاوضات و نقدر التنازلات الكبرى التي قدموها من أجل حل وسط و التي إن دلت على شيء فإنما تدل على رغبة صادقة من جميع المناديب في حل هذه الأزمة و قد إمتدت هذه التنازلات في تحديد الزيادة المعتبرة من 50% إلى 10% فقط و في مجال التعويض من مليون و مائتي ألف أوقية إلى 700ألف أوقية في حين لم تتقدم الشركة بأي زيادة على مقترحها الأول وهو راتبين للعمال البسطاء وهي تقريبا 130 ألف أوقية و راتب ونصف لمتريز و راتب للأطر مع تأجيل الزيادة إلى أن يتخطى سعر الحديد الخام عتبة 100$ و يصل الإنتاج 90% من الهدف المرسوم و بدون أي تعويض و بين الأرقام المقدمة من المناديب و اامقدمة من الإدارة بون شاسع, لذلك وجب علينا أن نذكر المناديب بالحكمة المعروفة "حفظ الموجود أولى من طلب المفقود" و يكفي من التنازل فلأن تبقى الإتفاقية تلاحق اسنيم إلى أن تسددها خير من التخلي عنها لقاء مبلغ تافه لا يرضي العمال و لا يعادل مستوى التضحيات التي قدموها و مازالو يقدموها لذلك نرجوا من المناديب الإقتصار على النقاط التي تم الإتفاق عليها كإرجاع الإخوة المفصولين و السياسة المتبعة في المخزن إن لم تبدي اسنيم أي تقدم جدي في التفاوض و إن لم يبقى للمناديب غير التنازل و التنازل و التنازل فحسب .. فيوما ما سيتغير الوضع و ستجد شركة اسنيم نفسها أمام خيار وحيد و هو الإلتزام بما تم التوقيع عليه في الثالث من مايو 2014.
أما أنتم أيها العمال الشجعان فتضيق اللغة عن وصف شجاعتكم و نخوتكم و تضحياتكم و نضالكم المشروع الذي ضربتم فيه أروع الأمثلة في السلمية و يكفيكم اهمية أن إضرابكم ليوم واحد يؤثر في الإنتاج و جيوب المسؤولين و مزاج الحكام .. في حين ان إضراب المديرين لمدة شهر لا يأثر على الإنتاج, و أن صبركم و سلميتكم هي القوة الضاربة التي لا يقف أمامها أي شيء و بهذا تاكدون للعالم أن الصبر لا يعني الخنوع و الخضوع و الإستسلام و عدم المطالبة بالحقوق كما ان الإقدام و الشجاعة لا تعني التهور و الطيش.

11. مايو 2017 - 10:52

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا