مبروك....مبروك.....وألف مبروك لكل الشعوب العربية ولكل أحرار العالم، الذين انتظروا طويلا هذا اليوم المصري الثوري التاريخي، بعد الحدث الثوري التونسي الملهم الأول لكل أبناء العروبة والإسلام في سائر الديار والربوع.
وستظل الجمعة عنوانا وموعدا مأمولا لكل الثورات العربية المنتظرة من بعد الجمعتين التونسية والمصرية، يومي الجمعة 14-1-2011 في تونس قرطاج، والجمعة 11-2-2011 في قاهرة المعز. ويحق الآن القول إن كل عروش الطغاة العرب ترتعش بقوة في هذه اللحظات التاريخية لأنها معنية في مجملها دون استثناء بهذه العاصفة والثورة العربية المزمجرة الشاملة. لقد عشعش الاستبداد والظلم والفساد في أعتى صوره في كيانات الأنظمة العربية المختلفة، مجسدة استعبادا وقتلا وتعذيبا وترويعا وحرمانا متنوعا، لا يكاد يوجد له مثيل في الحقبة المعاصرة في واقع الشعوب الإنسانية كلها. أجل إنها مرحلة الشعوب والقرار فيها للشارع وحده، وليس للثكنات أو الكانتونات واللوبيات السياسية الأنانية الضيقة. إنه عصر جديد وأمل جديد وفجر عربي وشيك، كما أسلفت في مقال سابق. وعندما أخرجت مصر أثقالها في الأيام الماضية منذ25 يناير، شعرت بالنصر القريب، وأما في هذا اليوم الجمعة 11 فبراير2011، فيحق لنا الفرح بنصر الرحمان لجند ميدان التحرير وعابدين ورمسيس والعريش والسويس والأسكندرية والاسماعيلية وغيرها من البقاع المصرية المباركة الثائرة المنتفضة ضد الحاضر الآسن، توقا وتوجها لمستقبل قريب منقذ مخلص من ويلات الحكام وحاشيتهم المحابية لتضييع الحقوق واستلاب الحريات والحرمات والثروات على السواء. وإذا كان لكل نظام عربي مهدد حساباته واحتياطاته الاستعجالية لتفادي الإعصار المبارك القريب، إثر سقوط اللامبارك، فإن الجميع مدنيين وعسكريين في وطننا الغالي مدعوون إلى إعادة النظر في مواطئ أقدامهم. فعزيز ونظامه إلى رحيل وشيك غير بعيد إن شاء الله، ولا ينبغي أن يفوتنا الدرس التونسي والمصري استخلاصا واعتبارا، فالسعيد -كما يقال- من اتعظ بغيره. وإلا فإن أحرار موريتانيا سينزلون قريبا وبقوة إلى الشارع لتقرير مصيرهم بأيديهم دون من من أحد. وإن أصر العسكر الانقلابيون بقيادة عزيزهم على صم الآذان عن هذه التطورات الحالية الجلية وتداعياتها المؤكدة اليقينية بإذن الله، فإن الصدام –للأسف- لا خيار غيره، وسيكون الحل عبر الشارع كما حصل من قبل في تونس ومصر. وأرجو أن تستفيد المعارضة الهزيلة المترددة من وقع الأحداث الجارية قبل أن يفوتها قطار الثورة. فهو سريع ويفضل في مقاعده، البسطاء المخلصين قبل غيرهم من الحسابين والعدادين لنقاط الخسارة والربح بالمقاييس غير الثورية وغير المتناغمة ربما مع المستوى الثوري العربي الراهن. إنها إرادة رب العالمين وهي نافذة –بمشيئته- عبر انتفاضة وثورة الشعوب العربية الحية على اختلاف شرائحها وانتماءاتها الفكرية والدينية، دون تمييز أو شقاق أو تهميش أو إقصاء. ومن المرجح أن تنتشر هذه الرؤية الثورية، المقنعة للعقول المؤثرة في الوجدان في سائر كيان الجسم العربي المنهك، لتبدأ في إسقاط كل العروش العربية المهترئة. واحد أو اثنان أو ثلاث في كل شهر أو أكثر، ضمن سنوات أو ربما أشهر معدودة، ليكون الأمر مصداقا لقول أحد رموزهم –عمر موسى- بعد نجاح الثورة التونسية، إنها نهاية عهد وبداية عهد جديد. ووقتها ستظهر تدريجيا ملامح جديدة، في عالمنا العربي المظلوم، تكريسا لشعارات ومبادئ كثيرة ناضلت من أجلها أمتنا العربية، بالدم والعرق والجهد والوقت الكثير. لنرى العدل والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه، دون حيف أو ظلم أو تأخير. فلا ظلم بعد اليوم، خصوصا حين يعم الواقع الثوري المنتظر الراجح إن شاء الله، عموم الديار العربية والإسلامية، وما ذلك على الله بعزيز. لتختفي أغلب السجون المظلمة، وأقبية التعذيب النفسي والبدني. وتزول محاكم السوء والتحامل على الضعيف لصالح دافعي الرشى. وتعاد الحقوق المضيعة إلى أصحابها الشرعيين، الذين دفعوا الغالي والنفيس من أجل كرامة مستباحة مهانة، إهانة تجاوزت أصحاب المظالم الخاصة الحادة إلى كافة الشعب وسواده الأعظم، بتجاهل إرادته إلى جو من القسر والقهر، لم يعد من الممكن الصبر عليه، خصوصا بعد نجاح إخواننا التونسيين والمصريين باستعادة حريتهم المستلبة من طرف بعض بني جلدتهم، من الحكام الفاسدين وأعوانهم المنافقين المتزلفين لعروش البغاة وحياض سطوتهم وسلطتهم المهزوزة المرتعشة، إلى زوال جماعي مأمول إن شاء الله. الموقف المصري الراهن واللحظة التاريخية القائمة، جاهزة للاقتناص والاستغلال الايجابي المتوازن. ترى من يكون السباق من صف الشعوب العربية الواقعة تحت طائلة المعاناة ومصادرة القرار؟!. أم سيكون الامر على مقدار الظلم والعناء الطويل المزمن. ولعل الدرس المصري والتونسي قد أوضح وأجلى ضرورة الدفع لضريبة التحرير، من الدم والراحة عسى أن ينعم المبتغى للحرية، بها واقعا ملموسا غير مستشرف منشود فحسب. وبعدما تحركت الشعوب تعبيرا عمليا عن رفض شتى أنواع المظالم المؤذية المدمرة، استجابت المؤسسة العسكرية المصرية هذه المرة، ليس بقصد إجهاض الثورة أو الإلتفاف عليها، وإنما مساعدة وتأمينا لترجمة أهدافها ومقاصدها، أو هذا ما نرجوه بعد تنحية الطاغوت العنيد، والذي أرهق أعصابنا معهم، رغم بعد الشقة. إن الواقع الموريتاني مفعم بكل دواعي الثورة، والنظام ارتعش من اليوم الأول، بتضامن زائف مع الفقراء من قبل "رئيس الفقراء"، وهو من أكبر الأغنياء في هذا الوطن المنهوب، فكيف بهم اليوم؟!. إنهم يترقبون ويرتعدون خوفا من كل شيء من حولهم، من تهديدات القاعدة المتطرفة المغامرة، ومن انقلاب محتمل ولو كان غير مأمون العواقب، إن لم يكن بعد تنح طوعي، إثر ضغط شعبي أو قريب من ذلك، مثل أو شبه ما حدث يوم الجمعة 11 فبراير في مصر الجديدة. إنه لمن الجدير بولد عبد العزيز –إن أمكنه-قراءة المشهد المصري الراهن والعربي بصورة أشمل، والموريتاني بوجه خاص. فطابع النظام انقلابي ومكرس للقبلية، ولاية نواذيبو مثلا، لا حصرا: واليه من عائلة الرئيس غير الشرعي، عمدته من عائلة الرئيس غير الشرعي، مدير مكتب جمارك الميناء من عائلة الرئيس غير الشرعي، مدير الميناء التقليدي ومساعده من عائلة الرئيس غير الشرعي، المدير الجهوي للأمن من عائلة الرئيس غير الشرعي. عمدة بلدية بولنوار (مصدر مياه نواذيبو) من عائلة الرئيس غير الشرعي. أكبر مستورد في موريتانيا، أكبر السماسرة ومسهلي الصفقات والعمليات الغامضة، ذات الطابع الربحي الضيق أغلبهم من أقارب الرئيس أو أعوانه السياسيين أو العسكريين!!!. إنه باختصار نظام قبلي انقلابي فاسد ضيق الأفق بلطجي انتقامي، ولا ينبؤك مثل خبير. سارعوا معشر الأحرار لتخليصنا من هذا الحاضر المتداعي إلى المجهول، توريثا أو بيعا للوطن لجهة خارجية، مثل ما هو حاصل أو أكثر مع فرنسا، المستعمر السابق الانتهازي. إن حاكمنا عنجهي متغطرس مغرور، ولا تحمل له بعد اليوم. فهو يحسب نفسه مالك البلاد والعباد، وما علم أن الله وعباده المخلصون لا يحبون من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. ألا فليسقط الاستكبار الطاغوتي في ديارنا العربية كلها، تمهيدا لسقوط الاستكبار العالمي إن شاء الله. ولتسقط العروش المرتعشة، ولا حمى الله الظلمة والمستبدين، المحتقرين لضعفة الرعية، المقربين لمن ينافقهم أو يخافهم من غير وجه صحيح، مستند للعدل الغائب أو الحق المفقود. فهل نسمع إن شاء الله في وقت يسير ذهب فرعون البلد الفلاني أو مرهق القوم الفلانيين. فالعاصفة –بعد هزيمة مبارك-انطلقت من عقالها، والبشائر ستتوالى، والشعوب العربية كلها -بإذن الله- إلى حركة ومبادرة، وقديما سمعنا، في الحركة بركة، وما ضاع حق وراءه مطالب. وفي الختام، ومحصلة القول باختصار إنه يصعب على الحاضر العربي الرسمي والشعبي، الإنفكاك من التأثر بالحدث الثوري المصري، نظرا لمكانة مصر وتأثيرها في المسرح العربي.